القنب الهدي المغربي يواجه القنب الهندي منافسة نظيره الذي يزرع في أوروبا على الخصوص، ويعتبر أجود.
لا يزال المشروع المعقد لتقنين القنب الهندي في المغرب في خطواته الأولى، وهو يحمل هدفا طموحا يتمثل في محاربة تهريب المخدرات والحصول على موطئ قدم في السوق العالمي للاستعمالات المشروعة للنبتة الخضراء.
ذكر تقرير لوزارة الداخلية، الثلاثاء، إن جهودها لمكافحة الزراعة غير المشروعة لمخدر القنب الهندي أدت إلى تقليص المساحات المزروعة به بنحو 80 بالمائة.
جاء ذلك في تقرير لوزارة الداخلية عرضه الوزير عبد الوافي لفتيت أمام لجنة الداخلية بمجلس النواب (الغرفة الأولى للبرلمان)، بمناسبة تقديم مشروع ميزانية الوزارة لعام 2023.
ووفق التقرير فإن “المساحة المزروعة بالقنب الهندي، انتقلت من 134 ألف هكتار (الهكتار الواحد يساوي 10 آلاف متر مربع) عام 2003، إلى نحو 28 ألف هكتار في 2022”.
وقال “لفتيت” إن “سنة 2022 تميزت بمواصلة عمليات محاربة الشبكات الإجرامية المتخصصة في تهريب وترويج المخدرات”.
ومنذ مطلع 2022 وحتى نهاية أغسطس/ آب الماضي، تمكنت السلطات من ضبط كميات من المخدرات بينها نحو 260 طنا من مخدر “الشيرا” و225 كيلوغراما من “الكوكايين”، وفق التقرير.
وأعلن المغرب في 3 يونيو/ حزيران الماضي، عن “خطة عمل” لاستغلال القنب الهندي طبيا وصناعيا، وبدأ في يوليو/ تموز الماضي سريان قانون لتقنين استعمالاته.
ويحذر رافضون لقانون تقنين زراعة القنب الهندي من تأثيره على زيادة مساحات زراعة المخدرات وتفاقم ظاهرة الاتجار فيها داخل المملكة.
وتقول المزارعة سعاد (اسم مستعار): “ما نزال متشبثين بهذه الزراعة، رغم أنها لم تعد توفر لنا شيئا”. وتضيف مستاءة: “لم يعد يرغب فيها أحد”، حيث يواجه القنب الهندي منافسة نظيره الذي يزرع في أوروبا على الخصوص، ويعتبر أجود.
وتأسف الأرملة الستينية التي لا تزال تساعد أبناءها في حرث الحقل العائلي على “سنوات الرخاء، اليوم نعيش في ظروف صعبة”. لكنها تعلق آمالا عريضة على تقنين هذه الزراعة للخروج من الهشاشة.
وتبنى المغرب العام الماضي قانونا يبيح زراعة القنب الهندي لاستعمالات صناعية وطبية، بينما تعمل السلطات في نفس الوقت على تضييق المنافذ على التجارة المربحة لتهريب الحشيشة نحو أوروبا خصوصا.
لكن سوق القنب الهندي شهد في الفترة الأخيرة “انهيارا حادا، لم يبق لنا سوى السجن”، كما يقول المزارع كريم (اسم مستعار) ساخرا. ولم ينجح هذا المزارع في استغلال سوى جزء صغير من الحقل العائلي الواقع بقرية أزيلا هذا العام، “بسبب ضعف الطلب والجفاف” الاستثنائي الذي ضرب المملكة.
كما تراجعت المداخيل السنوية لزراعة القنب الهندي من حوالي 500 مليون يورو بداية سنوات الألفين إلى أقل من 325 مليون يورو في 2020، حسب دراسة نشرتها قبل عام وزارة الداخلية.
ويرى المزارعون أنفسهم “الحلقة الأضعف” في سلسلة هذه التجارة غير القانونية، كما يقول مزارع أربعيني يبدو الإنهاك على محياه، مضيفا: “نحن من يؤدي الثمن، لكن التقنين يمكن أن يكون مخرجا بالنسبة إلينا”.
فإلى جانب خطر الملاحقة القضائية والسجن لا يجني المزارعون سوى قرابة “4 بالمئة من رقم تعاملات السوق غير القانونية”، بينما يتوقع أن ترتفع هذه النسبة إلى حوالي “12 بالمئة في السوق القانونية”، وفق تقديرات رسمية نشرت في 2021.
وترى سعاد هي الأخرى في التقنين طوق نجاة موضحة: “سيكون أمرا جيدا إذا كانوا جادين”. لكن آثار التقنين لم تظهر بعد في الميدان. حيث يقول المزارع نور الدين (اسم مستعار): “لم يتغير أي شيء إلى حدود الساعة بالنسبة إلينا، ما نزال نعتبر خارج القانون أو مجرمين رغم أننا لسنا سوى مزارعين”.
في المقابل، تسعى السلطات إلى طمأنة المزارعين. ويقول مصدر رسمي في الرباط: “يمكن أن تكون هناك مخاوف لدى المزارعين، لكن التقنين سيبددها وسيكون مفيدا بالنسبة لهم”. وهي تعتقد أن من “المهم عدم التسرع”، مؤكدة على أنه هناك “مراحل يجب احترامها”، وفق نفس المصدر.