يبدو أن المبادرة التي أطلقها وزير التربية ” شكيب بنموسى” تعود لشبكة تنمية القراءة في عام 2018. قد تتضمن المبادرة تنفيذ برامج وأنشطة متنوعة مثل توفير الموارد القرائية في المدارس، وتنظيم فعاليات تشجيعية للقراءة، وتدريب المعلمين على كيفية تشجيع القراءة لدى الطلاب، وتعزيز التعاون مع المكتبات المحلية والمجتمع المدني لدعم مبادرات القراءة.
يمكن أن يكون تشجيع القراءة في المدارس في المغرب جزءًا من استجابة أو استراتيجية لتحسين النظام التعليمي بعد فشله لسنوات. لقد كان هناك تحديات كبيرة في نظام التعليم في المغرب، بما في ذلك مشاكل في البنية التحتية للمدارس، ونقص في التدريب والتطوير المستمر للمعلمين، وتحديات في الوصول إلى التعليم في المناطق النائية، ومشاكل في الجودة والمناهج التعليمية.
فقد أطلقت وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، الثلاثاء، خطة قديمة تعود لمبادرة قاممت بها شبكة تنمية القراءة ” الذي يعرف برمجة ألف نشاط قرائي في السنة 2017-2018، يهم 100 مؤسسة تعليمية بـ25 ألف مستفيد تحت رعاية 120 مؤطرا“،لتحسين النظام التعليمي بعد فشله لسنوات، وإعادة وتكرار المتكرر، بعد فشل الوزير وإدارته في إدارة التعليم الابتدائي والإعدادي والثانوي، في محاولة حسب الوزير لرفع مستويات التلاميذ وتشجيعهم على القراءة.
وأوضحت الوزارة في بيان، أن الخطة الجديدة تستهدف توفير 60 ألف ركن قراءة على المستوى الوطني، حيث ستتحصل كل مؤسسة تعليمية ابتدائية على دفعة أولية تضم 50 كتابا باللغتين العربية والفرنسية تتنوع بين قصص مصورة وموسوعات ومعاجم.
وإلى جانب ذلك، تسعى الخطة أيضا من خلال مسابقة “سأقرا 20 كتابا كل سنة” إلى تشجيع التلاميذ على القراءة وعلى مواصلة هذا السلوك حتى بعد اختتام الموسم الدراسي.
وقال المصدر ذاته، إن تجربة مماثلة في مؤسسات الريادة (خطة تجريبية لتحسين جودة التعليم في 628 مدرسة عمومية) أثبت أن “التركيز على اكتساب التعلمات الأساس قد مكن من تعزيز قدرات التلميذات والتلاميذ في القراءة والفهم”.
وتابع “أصبحوا مؤهلين للاستفادة بشكل أكبر من مزايا القراءة من قبيل اكتساب المعارف وإثراء رصيدهم من المفردات وتنمية الإبداع لديهم وتبادل الأفكار وغيرها”.
لذا، يعتبر تشجيع القراءة وتحسين مهارات القراءة جزءًا من الجهود لتحسين نوعية التعليم في المغرب. إذا تم تنفيذ برنامج مثل هذا بفعالية، فإنه يمكن أن يساهم في تحسين مستوى القراءة والكتابة لدى الطلاب، وبالتالي يمكن أن يؤدي إلى تحسين الأداء العام للنظام التعليمي.
يأتي ذلك في وقت سجلت تقارير محلية ودولية تدني مستوى التلاميذ المغاربة في القراءة واللغات والعلوم، من بينها نتائج الدراسة الدولية للتحصيل الدراسي في القراءة العام الماضي، المعروفة اختصارا باسم “بيرلز”، والتي احتل فيها المغرب المركز ما قبل الأخير ضمن 57 دولة على مستوى تقييم تطور الكفايات القرائية.
بدوره، قال وزير التربية الوطنية، شكيب بن موسى، في تصريحات صحفية إن 77 في المائة من التلاميذ المغاربة في التعليم الابتدائي لا يجيدون قراءة نص باللغة العربية مكون من 80 كلمة، كما أن 70 في المائة لا يستطيعون قراءة نص باللغة الفرنسية من 15 كلمة.
وفي ديسمبر عام 2021، أظهر تقرير صادر عن “المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي” (مؤسسة مغربية رسمية) ضعف استيعاب نسبة مهمة من التلاميذ المغاربة للدروس الخاصة باللغات والعلوم الرياضية.
وحسب معطيات التقرير، نجح 10 في المائة فقط من التلاميذ في استيعاب أكثر من 90 في المائة من برنامج اللغة العربية الخاص بالسنة الثالثة من السلك الثانوي الإعدادي، مقابل 46 في المائة استوعبوا أقل من 36 في المائة من البرنامج نفسه.
وتباينت آراء خبراء تربويين بشأن الخطة المتكررة، لكنهم أجمعوا أنها تبقى مهمة لاحتواء الوضع في حال توفرت لها “شروط النجاح”.
هناك عدة عوامل وأسباب قد تفسر فشل التعليم في المغرب على مر السنين، بدءًا من حقبة الاحتلال الفرنسي وحتى الوقت الحالي. من بين هذه العوامل:
-
التاريخ الاستعماري: خلال فترة الاحتلال الفرنسي، لم يكن الهدف الرئيسي من التعليم تحقيق التنمية الشاملة للمغرب، بل كان مرتبطًا بخدمة أهداف الاستعمار الفرنسي.
-
نقص التمويل: تعاني المدارس في المغرب من نقص التمويل والموارد اللازمة لتوفير بنية تحتية جيدة ومعلمين مؤهلين وموارد تعليمية كافية.
-
نقص التدريب والتطوير المستمر: قد يكون هناك نقص في التدريب والتطوير المستمر للمعلمين، مما يؤثر على جودة التعليم وقدرتهم على تلبية احتياجات الطلاب المتغيرة.
-
التحديات الاقتصادية والاجتماعية: يواجه العديد من الطلاب والأسر في المغرب تحديات اقتصادية واجتماعية، مما قد يؤثر على قدرتهم على الانخراط في التعليم بشكل كامل.
-
نقص التوجيه والتوجيه المهني: قد يعاني الطلاب من نقص في التوجيه المهني والتوجيه فيما يتعلق بالخيارات التعليمية والمهنية المتاحة لهم، مما يؤثر على اختياراتهم المستقبلية.
إدراك هذه العوامل وتحديد النقاط الضعيفة في نظام التعليم يمكن أن يساعد في تحديد الإصلاحات اللازمة وتحسين الأداء التعليمي في المغرب.
تعليقا على المبادرة، قال الأستاذ الجامعي والخبير التربوي، لحسن مادي، إن تجهيز المدارس الابتدائية العمومية المغربية بمكتبات “مبادرة جيدة، لأنها تهدف إلى محاربة ظاهرة العزوف عن القراءة”.
واعتبر مادي، في تصريح لـموقع “أصوات مغاربية، أن “ركن القراءة” مهم أيضا في ظل الأرقام المقلقة التي يسجلها المغرب في معدلات القراءة والاستيعاب.
وتابع موضحا “نجاح هذه المبادرة يقوم على انخراط الجميع، من مدرسيين وأولياء الأمور وجمعيات المجتمع المدني، حتى نساهم في خلق وعي جديد لدى التلاميذ يشجعهم على القراءة”.
على صعيد آخر، طالب الخبير التربوي بإعادة النظر في المعايير التي تعتمدها المؤشرات الدولية في قياس مستوى التلاميذ المغاربة في القراءة والتي تبقى في نظره “غير موضوعية”.
وأضاف موضحا “التلاميذ المغاربة عندما يشاركون في مباريات القراءة في الخليج أو في أوروبا فإنهم يحتلون المراتب الأولى وجلهم من أبناء المدارس العمومية المغربية، لذلك أعتقد أن هذه المعايير تبقى غير موضوعية وتحتاج إلى تحيين”.
في المقابل، استبعد نورين عكوري، رئيس “الفيدرالية الوطنية لجمعيات آباء وأمهات وأولياء التلاميذ”، نجاح الخطة الحكومية دون تعيين مشرفين للإشراف عليها.
ويقول عكوري، في تصريح لموقع ـ”أصوات مغاربية”، إن عددا من المدارس العمومية المغربية تتوفر على مكتبات مجهزة بالكتب، ولكنها مغلقة لعدم توفر المؤسسات التعليمية على أطر للإشراف عليها.
وتابع موضحا “تشجيع التلاميذ على القراءة لا يحتاج فقط إلى توفير الكتب، بل أيضا إلى قيميين يتولون مهمة إدارة هذه المكتبات ويشرفون على توزيع الكتب واستعادتها في تنسيق مع أساتذتهم”.
إلى جانب ذلك، طالب عكوري بـ”محاسبة” الأساتذة على مردودية تلاميذهم نهاية كل عام، معتبرا أن المراكز التي يحتلها المغرب في المؤشرات الدولية راجع بالأساس لـ”ضعف المواكبة والتقييم”.
وأضاف “لابد من محاسبة الكل، من أساتذة وأطر تعليمية على مردودية التلاميذ نهاية كل عام، ولابد من تشكيل لجان خارجية للإشراف على هذه العملية حتى نضع حدا لهذا التسيب”.
خطة تشجيع الأطفال والشباب على القراءة (فكرة تنمية القراءة)
تتمحور عمليات المشروع -حسب رئيسة الشبكة- حول تشجيع الأطفال والشباب على القراءة بشكل يومي يحقق لهم المتعة والاستفادة عبر دعم نوادي القراءة بالمؤسسات التعليمية، والمساهمة في فك العزلة عن الوسط القروي عبر تنمية القراءة بالمدارس والإعداديات الموجودة بالمناطق الهشة.
هذا البرنامج الطموح الذي يعرف برمجة ألف نشاط قرائي في السنة 2017-2018، يهم 100 مؤسسة تعليمية بـ25 ألف مستفيد تحت رعاية 120 مؤطرا.
وتنطلق الشبكة من حقيقة أن البلاد تعرف “أزمة قراءة بنيوية عميقة وتاريخية إذ لم يشهد المغرب في أي مرحلة من مراحل تطوره اهتماما بالقراءة أو ترسيخا لتقاليدها، كما لم تجعلها السياسات المتبعة أولوية في إستراتيجيتها ولا هدفا من أهدافها أو مكونا من مكونات التنمية البشرية المستدامة”.
وسجلت الهيئة أن جل المؤسسات التعليمية تفتقر إلى نواد للقراءة لها برنامج سنوي للتحفيز والتحسيس بأهميتها.
وحسب ورقة تقديمية للمشروع، فإن الشبكة تركز عملها على المؤسسات التعليمية على اعتبار أن المنظومة التعليمية بالمغرب يقتصر اهتمامها على المقررات المدرسية، ولا تعير اهتماما كافيا للجانب القرائي خارج البرامج التعليمية، الشيء الذي لا يساهم في تكوين الفرد بكل أبعاده العقلية والنفسية والروحية والقيمية والجمالية، بما يؤهله لاندماج أكثر مردودية في مجتمعه ومحيطه وانفتاحه على عوالم أخرى.
وتؤمن الشبكة بأن “ترسيخ عادة القراءة المتفتحة والمنفتحة، خاصة لدى الأطفال واليافعين والشباب الذين تمكنوا من ولوج المؤسسات التعليمية، هو الحماية الحقيقية لهذه الفئات من كل الانحرافات التي يفرضها الواقع المجتمعي سواء في جانب التطرف والتعصب، أو الانحلال والتفسخ”.