وزير التعليم بنموسى يرفض اتفاق جديد الجامعة الوطنية للتعليم ويغلق أبواب الحوار

0
255

تتخذ أزمة التعليم في المغرب منعرجا جديدا مع غلق وزارة بنموسى باب الحوار، وعدم تجاوب مع الخطوات التي اتخذتها الحكومة، ويرى متابعون أن الإشكال يكمن في فجوة الثقة بين الطرفين، محذرين من أن التلاميذ هم من يدفعون ثمن استمرار الأزمة،ويرى الكاتب العام للجامعة أن هناك أطراف رسمية وغير رسمية تريد استمرار هذا الوضع الذي يحمل تداعيات كبيرة على وضعية التلميذات والتلاميذ، وعلى الأسر والمجتمع ككل.

أولاد الطبقات الميسورة على وشك إتمام نصف الموسم التعليمي، وفق الجدولة الزمنية المحدّدة مطلع العام الدراسي، بدروسه وأنشطته واختباراته وعطله. بينما أبناء الفقراء هائمون في الشوارع، فدفاترهم وكراريسهم لا تزال تحتفظ ببريقها بسبب قلة الاستعمال.

كشف عبد الله غميمط الكاتب العام للجامعة الوطنية للتعليم (التوجه الديمقراطي) إن الجامعة طالبت في آخر لقاء لها مع الوزير شكيب بنموسى بسحب النظام الأساسي، وإرجاعه إلى طاولة المفوضات.

وأشار غميمط في فيديو نشره على قناة الجامعة باليوتيوب أن الجامعة طالبت أيضا بإسقاط مخطط التعاقد من التعليم، وإدماج الأساتذة وأطر الدعم في نظام الوظيفة العمومية، وأجرأة وتنفيذ الاتفاقيات الحكومية السابقة، وإرجاع الأموال المقتطعة إلى أجور المضربين والمضربات.




وأضاف أن اللقاء مع بنموسى انتهى مع الساعة الرابعة مساء، طالب فيها الوفد الحكومي بمهلة 10 دقائق من أجل التداول، وبعدها طلب أن تعطي له مهلة أخرى من أجل الاستشارة، ثم عقد لقاء جديد مع الوزارة.

وأوضح أن العرض الذي قدمه الوفد الحكومي في آخر لقاء غير دقيق وواضح، وغير مقنع للشغيلة، متسائلا ما الداعي إلى توقيع اتفاق جديد غير واضح؟.

وتابع ” صحيح أطلقنا دعوة للإضراب، لكن أعطينا مهلة إضافية للوزارة من أجل تجويد عرضها في إطار اليد الممدودة وحسن النية، من أجل البلوغ إلى اتفاق جديد، وبعدها نعلق الإضراب”.

وقال ” يوم الاثنين صباحا رأينا كيف أن الحكومة استقبلت أطرافا أخرى، وتشتغل في مسارات أخرى على تعديل النظام الأساسي، وليس سحبه كما وعدتنا”.

وأكمل بالقول ” هذا خلق تشويشا لدى الشغيلة التعليمية وعند الرأي العام، لأن الحكومة تتفاوض في إطار مسارات مختلفة وبأجندة مختلفة”.

واسترسل ” تفاجأنا باتصال هاتفي من طرف وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، شكيب بنموسى، يقول فيه إن باب الحوار أغلق، وأن الحكومة ستعمل على تنفيذ ما تم الاتفاق حوله مع الجامعة”.

وأكد غميمط أن الجامعة الوطنية للتعليم لم تنسحب من الحوار كما يروج، بل الوزارة هي التي انسحبت منه، وكانت تستعد لتوقيع اتفاق مع الحكومة يضع حدا للاحتقان الذي يعرفه القطاع.

واعتبر أن التصعيد الحالي هو من طرف الحكومة التي لم تلتزم بما وعدت به في إطار لقاءين من المفاوضات، متسائلا عن من لم مصلحة في استمرار الاحتقان، خاصة أن هدف الجامعة هو حل المشاكل والوصول إلى اتفاق مع الوزارة.

واتهم غميمط الحكومة باللعب على حبال متعددة، وعلى وضعيات متعددة، وغياب الوضوح في التعاطي مع مؤسسة الحوار الاجتماعي، مما أفرز وضعية غير سليمة.

وشدد على أن هناك أطراف رسمية وغير رسمية تريد استمرار هذا الوضع الذي يحمل تداعيات كبيرة على وضعية التلميذات والتلاميذ، وعلى الأسر والمجتمع ككل.

وسجل غميمط أن الجامعة لا ترفض الحوار لكنها بالمقابل تريد تفاوضا مسؤولا، يفضي إلى نتائج حقيقية، تجيب على انتظارات رجال ونساء التعليم، وتكون مدونة في محضر رسمي موقع عليه من طرف الحكومة بمختلف مكوناتها.

بهذه الخطوة، تكون الحكومة قد فتحت الباب على المجهول، في قطاع يضم قرابة 300 ألف شخص، حيث تسبّبت باحتقان غير مسبوق في قطاع التربية الوطنية، منذ تولّي الملك محمد السادس مقاليد الحكم، وقوّضت واحدةً من ركائز تعزيز بناء الدولة الاجتماعية في المغرب.

ما زاد الطين بلة هو غليان زادت حدّته بفعل الأساليب المستخدمة منها في معركة تكسير العظام، لثني المضربين عن ممارسة حق دستوري (الفصل 29)، فتعرّضت مظاهرات ومسيرات رجال التعليم ونسائه للقمع والعنف المادي والمعنوي، واتُهِمت التنسيقيات (23) التي تقود المعركة بالتخوين والولاء لجهات معينة، وبلغ الأمر مداه بالإقدام على الاقتطاع من أجور المضربين، بالرغم من النقاش القانوني بشأن مدى مشروعية قيام الدولة بهذا الإجراء؟
فشِل رهان الحكومة على سياسة التجاهل، في انتظار تحوّل النظام الأساسي الجديد إلى أمر واقعي على هيئة التدريس القبول به، خصوصا بعد بلوغ الأخيرة نقطة اللاعودة إلى الأقسام والمؤسّسات إلا بعد إسقاط نظام لا يتردّدون في وسمه بـ”نظام المآسي”، ما اضطرّها، تحت ضغط جمعيات أمهات التلاميذ وآبائهم وأوليائهم، إلى التحرّك لوضع حدّ للزمن المدرسي المهدور، فاقترحت في شخص رئيسها على النقابات تجميد النظام الأساسي، في اجتهاد قانوني بلا نظير؛ فلا معنى لكلمة تجميد في القانون، مع إقرار زيادة في الأجر حُدّدت في 1500 درهم (150 دولارا)، وكأنها تريد إثبات أن جوهر معركة نساء التعليم ورجاله ليس حول إصلاح المدرسة العمومية، بقدر ما هو سعي نحو مطالب مادّية صرفة.

تعكس تطورات ملفّ التعليم أزمة ثقة كبيرة في المؤسّسات بالمغرب، فالوزارة، وبعيدا عن النقابات، انفردت في المرحلة الأخيرة بهندسة نظام أساسي على المقاس. ورئيس الحكومة الذي طالَب هيئة التدريس بالثقة فيه، داعيا إياها إلى “إعمال النية”، لم تتردّد حكومته في اقتطاع مبالغ مهمة من رواتب المضربين نهاية الشهر الماضي (نوفمبر/ تشرين الثاني)، في خطوة تُناقِض تماما ما يدعو إليه زعيم حزب التجمع الوطني للأحرار الذي كان شعاره “تستحِقّون أحسن” في الانتخابات التي أوصلته إلى رئاسة الحكومة.

النصف الأول من ولاية حكومة الملياردير عزيز أخنوش التي رفعت شعار “الدولة الاجتماعية”، مع عشرات من الوعود لا تزال معلقة، بما في ذلك الوعد بتعبئة المنظومة التربوية، بكل مكوناتها، قصد تصنيف المغرب ضمن أحسن 60 دولة عالميا، فأين هذه الأماني أمام كل هذا الاستهتار بالزمن المدرسي المهدور، حتى بات شبح سنة بيضاء يطلّ في الأفق، إن لم تراجع الحكومة حساباتها جيدا قبل فوات الأوان؟