الرباط – قالت الخارجية المغربية، الإثنين، إن أزمة زعيم جبهة البوليساريو الانفصالية كشفت “تواطؤ إسبانيا مع خصوم المغرب لتقويض وحدة أراضيه”،وأن عمق الأزمة الحالية مع إسبانيا يتمثل في كسر مدريد الثقة بين الشريكين والصورة العدائية التي تعاملت بها مع موضوع الصحراء المغربية.
وتوترت العلاقات المغربية الإسبانية بسبب سماح مدريد بدخول زعيم البوليساريو، إبراهيم غالي إلى ترابها، تلك الخطوة التي بررتها مدريد بـ”دواعٍ إنسانية”، إلا أن الرباط اعتبرتها طعنة من الخلف صدرت عن شريك استراتيجي للمملكة.
🔴تصريح لوزارة الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج بخصوص الأزمة المغربية – الإسبانية.
➡️https://t.co/vjyJlENGIY pic.twitter.com/PrtcEJW0Bk
— الدبلوماسية المغربية 🇲🇦 (@MarocDiplo_AR) May 31, 2021
وقالت وزارة الخارجية المغربية في بيان اليوم الاثنين، إن عمق الأزمة الحالية مع إسبانيا يتمثل في كسر الثقة بين الشريكين والصورة العدائية التي تعاملت بها مع موضوع الصحراء المغربية وهي خط أحمر وثابت من الثوابت الوطنية لا يقبل نقاشا ولا مساومات وهو أمر معلوم بالنسبة لمدريد التي تدرك حساسية هذا الأمر بالنسبة للمملكة المغربية قيادة وشعبا وحكومة.
🔴بيان لوزارة الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج رداً على تصريحات رئيس الحكومة الإسبانية.
⬅️https://t.co/5wJ3TugX1z pic.twitter.com/503aBfZ9gx
— الدبلوماسية المغربية 🇲🇦 (@MarocDiplo_AR) May 31, 2021
وأوضح بوريطة أن “المشكلة أصلها روابط ثقة مقطوعة بين مدريد والرباط والأفكار والدوافع المعادية التي تتبناها إسبانيا تجاه قضية الصحراء المغربية”.
و تساءل عن إمكانية الثقة مستقبلا في إسبانيا والاعتماد عليها مستقبلا دون استحضار إمكانية التواطؤ خلف ظهره مع أعدائه وكذلك التناغم في المواقف الإسبانية التي تحارب الانفصال داخل البلد وتشجعه عند جارها، في إشارة إلى الحركة الانفصالية التي يقودها إقليم كتالونيا منذ سنوات، حيث استحضرت وزارة الخارجية محطات تاريخية رفضت فيها استقبال قادة انفصاليين كتالونيين، احتراما للعلاقة الطيبة التي تجمع المغرب وإسبانيا.
وتابع أن “واقعة استقبال إبراهيم غالي تكشف عن استراتيجية الدولة الاسبانية وسلوكها المعادي”.
ومضى قائلا “مطلب المغرب يتجاوز محاكمة غالي إلى إعلان واضح وصريح من الدولة الإسبانية عن قراراتها وخياراتها ومواقفها”.
وقال أيضا “كيف يمكننا الثقة في أن إسبانيا لن تتحالف مجددا مع أعداء المملكة؟”.
وأتي تصريحات وزير الخارجية المغربي قبل يوم واحد من بدء محاكمة غالي في إسبانيا، الثلاثاء، على خلفية اتهامات متعلقة بالتعذيب والاغتصاب.
وكانت الرباط استدعت، الشهر الماضي، السفير الإسباني المعتمد لديها للتعبير عن “سخطها” بسبب استضافة بلاده غالي الذي تعتبره “مجرم حرب”، لتلقّي العلاج على أراضيها.
فيما قالت وسائل إعلام إسبانية إن مدريد سمحت لزعيم جبهة البوليساريو بدخول التراب الإسباني بهويات مزيفة مرات عديدة.
وفي الوقت الذي تُصر فيه الخارجية الإسبانية على أن استقبال غالي كان لدواعٍ إنسانية محضة، ظهرت مُعطيات جديدة تُفند هذه الرواية، مُؤكدة أن الرجل سبق له أن دخل التراب الإسباني ست مرات منذ 2018.
وواجهت اسبانيا تمردا مسلحا أيضا قادته منظمة ‘ايتا’ الانفصالية التي سعت منذ نهاية الخمسينات إلى الانفصال بإقليم الباسك وتأسيس دولة مستقلة اشتراكية، كل النشاطات المسلحة العنيفة من قتل وتفجير واختطاف من أجل تحقيق هدفها.
وأدت أنشطتها منذ تأسست في العام 1959 وحتى الآن إلى قتل المئات وجرح الآلاف، كما أضرت بالاستقرار السياسي في إسبانيا على مدار سنوات.
ويفترض أن الدولة الجارة التي تجمعها علاقات وثيقة مع المغرب أن لا تمارس الشيء ونقيضه، فمن يرفض النزعة الانفصالية والمساس بوحدة أراضيه لا يفترض أن يدعم تلك النزعة في أي دولة أخرى.
ويأتي بيان المغرب على خلفية التوتر مع اسبانيا بسبب استقبال غالي على أراضيها التي دخلها للعلاج بجواز سفر جزائري مزور وعلى متن طائرة تابعة للرئاسة الجزائرية. وبعد أن افتضح تواطؤها وتكتمها على وجود كبير الانفصاليين على أراضيها، بررت مدريد استقباله بدوافع إنسانية من دون أن تقدم تفسيرا مقنعا لتكتمها على وجوده على أراضيها.
وتشهد العلاقات بين اسبانيا والمغرب احتقانا أيضا بسبب دخول آلاف المهاجرين من ساحل المملكة المغربية إلى جيب سبتة المغربي المحتل وهو أمر حاولت مدريد استثماره لجهة تصعيد لهجتها إزاء الرباط فيما كانت الأخيرة تنتظر منها موقفا واضحا وصريحا من استقبالها لإبراهيم غالي وللتواطؤ غير المعلن مع الجبهة الانفصالية ولمواقفها العدائية.
ويمثل غالي غدا الثلاثاء أمام المحكمة الإسبانية بعد شكوى تقدم بها فاضل بريكة الناشط المغربي الحاصل على الجنسية الإسبانية والتي تضمنت اتهامات لكبير الانفصاليين بالاختطاف والإخفاء القسري والتعذيب وارتكاب إبادة جماعية بحق صحراويين.
وأبدى المغرب حزما إزاء الممارسات والسياسيات الاسبانية العدائية والتي تعتبر بالمنطق السياسي والأمني “طعنة في الظهر” من دولة جارة كان يفترض أن تحصن علاقاتها مع المغرب.
لكن مدريد التي وجدت نفسها في حرج كبير، لم تجد ما يبرر سياساتها المتناقضة والمريبة إزاء الشريك المغربي إلا باللجوء لتصعيد لهجتها وحصر الأزمة مع الرباط في ما أسمته “الخلاف الدبلوماسي’ وأزمة الهجرة إلى سبتة.
لكن المغرب أعلن أن مدريد انتهكت مبدأ حسن الجوار والاحترام والثقة التي كانت قائمة ليس باستقبالها زعيم الانفصاليين (إبراهيم غالي) فحسب بل بمواقف عدائية وباستهانتها كذلك بحساسيات مغربية.