أثار تصريحات وزير العدل عبد اللطيف وهبي عن مشروع قانون يتعلق بالقانون الجنائي الجديد لنلاحقة ومتابعة جميع ما يتم نشره وتداوله على مواقع التواصل الاجتماعي في المغرب من صور وتدوينات ومقاطع مصورة، بهدف مكافحة التشهير،موجة غضب واسعة في المغرب، وصلت إلى حد اتهام الحكومة بـ”محاولة تكميم الأفواه” واستغلال ما نشر بخصوص اللاعب بوخلال وغانم سايس لتكريس “قواعد الضبط والتحكم”، فيما بدا لافتاً أن الزوبعة التي أثارتها وزير العدل لن تنزل برداً وسلاماً على الائتلاف الحكومي.
اشاد وزير العدل عبد اللطيف وهبي ، الاثنين بمجلس بالحكم الصادر الأسبوع الفارط بمكمة النقض، والذي اعتبر أن ما يصدر في وسائل التواصل الاجتماعي، لا تنطبق عليه مقتضيات مدونة الصحافة والنشر، بل ينطبق عليه القانون الجنائي، متوعدا بعقاب شديد لما ينشر بـ”واتساب، وفيسبوك، واليوتوب، والجرائد الإلكترونية” من طرف أشخاص ليسوا صحافيين، ويمس بحرية الناس، مبرزا أن كرامة الإنسان وحياته الحميمية مقدسة ولا يجوز المساس بها.
وأبدى صحفيون ورواد مواقع التواصل الاجتماعي معارضتهم الشديدة وانتقادهم اللاذع لإعادة مشروع القانون 22.20 بصيغة مختلفة الذي أعده وزير العدل، المتعلق بمنصات التواصل الاجتماعي، الأمر الذي لاقى حالة من الصدمة والرفض في صفوف المستخدمين والأوساط الحقوقية والصحافية، جرّاء تضمنه لعقوبات سالبة للحرية تصل إلى ثلاث سنوات سجن، معتبرين أنه يمس بحرية التعبير ويروم “تكميم الأفواه”، ويثير أكثر من علامة استفهام عن توقيت إثارته ومراميه في ظرف استثنائي يتسم بانشغال البلاد بفرحة النتائح الباهر التي حققها المنتخب الوطني.
تصريحات وهبي التي توعدت بتشديد العقوبات على مستعملي هذه المواقع، أثارت مخاوف وتحذيرات من أن يكون “التشهير” مجرد ذريعة للحد من حرية الرأي والتعبير بهذه المواقع، وتشديد الخناق على النشطاء والمدونين تحت طائلة العقوبات المشددة.
بالأمس كان “قانون تكميم الأفواه” حرام ” وصف وزير العدل الحالي ، عبد اللطيف وهبي لما كان قياد معارض لحكومة “العدالة والتنمية” المشروع بـ “قانون تكميم المغاربة”،هو قانون مرفوض حقوقياً، لأنه يحد الكثير من الحريات وسنواجهه كمعارضة تشريعياً وسياسياً بالرفض، فمن حق الشركات في القطاع الخاص القيام إشهارات لمنتوجاتها ومن حق المواطنين مقاطعة هذه المنتوجات.
مشروع القانون المعروف بـ"قانون تكميم المغاربة"، هو قانون مرفوض حقوقياً، لأنه يحد الكثير من الحريات وسنواجهه كمعارضة تشريعياً وسياسياً بالرفض، فمن حق الشركات في القطاع الخاص القيام إشهارات لمنتوجاتها ومن حق المواطنين مقاطعة هذه المنتوجات.#قانون_2220 #قانون_الكمامة
— Abdellatif Ouahbi (@Ouah1Abdellatif) April 28, 2020
ويتضمن المشروع بنوداً مثيرة للجدل كتلك المتعلقة بالدعوة إلى معاقبة دعاة المقاطعة الاقتصادية للشركات، إذ تنص المادة 14 من النسخة المسربة من المشروع، على السجن من ستة أشهر إلى سنة وغرامة من 5000 درهم (نحو 500 دولار) إلى 50000 درهم (5 آلاف دولار)، لكل من قام على شبكات التواصل الاجتماعي بالدعوة إلى مقاطعة منتوجات أو بضائع أو القيام بالتحريض على ذلك، وعلى العقوبة نفسها لكل من حرض الناس على سحب الأموال من مؤسسات الائتمان.
كما ينص مشروع القانون على تطبيق العقوبات ذاتها بالسجن والغرامة، على من نشر محتوى إلكترونياً يتضمن خبراً زائفاً من شأنه التشكيك في جودة وسلامة بعض المنتجات والبضائع وتقديمها على أنها تشكل تهديداً وخطراً على الصحة.
وكان الحديث عن تقنين استخدام وسائل التواصل الاجتماعي قد بدأ خلال حملة المقاطعة الشعبية التي كانت قد استهدفت، قبل ما يربو عن السنة، شركة للمحروقات وأخرى للمياه المعدنية وثالثة لمشتقات الحليب، احتجاجاً على ارتفاع الأسعار، وهي العملية التي تكبدت فيها تلك الشركات خسائر فادحة.
وعبّر حزب العدالة والتنمية، على لسان نائبه البرلماني مصطفى حيكر عن رفضه إحياء قانون تكميم الأفواه وقمع حرية التعبير، عبر اعتبار أي انتقاد موجه لمسؤول على المستوى الترابي أو على مستوى الدولة أو على المستوى الحكومي أو السياسي بأنه تشهير.
واعتبر حيكر في تصريح نقله موقع “البيجيدي” أن توسيع التشهير بهذا الشكل خط أحمر، فلا يمكن قمع حرية التعبير ولا يمكن أن تطوير قواعد لتكميم الأفواه بدعوى حماية الناس ضد عملية التشهير.
ومقابل التأكيد على أهمية توفير إطار تشريعي يحمي الحياة الخاصة للناس، شدد البرلماني على ضرورة أن تكون النصوص القانونية موازنة بين حماية الحياة الخاصة للمواطنين، دون الوقوع في تكميم الأفواه وفي قمع حرية التعبير، ومنع انتقاد أي مسؤول عمومي وأي مسؤول أيا كان.
ورأى عزيز غالي، رئيس الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، أن عودة قانون تكميم الأفواه، وكتب على حسابه على فيسبوك “أخشى أن تكون قضية أبو خلال، وغانم سايس… الطريق الأقصر لإعادة قانون 22.20 من أجل تكميم الأفواه؛ القانون الذي سبق ورفضه المغاربة قبل ثلاث سنوات.. حضوا تقاشركم”.
وأكد حسن بناجح القيادي بجماعة العدل والإحسان على ضرورة “الانتباه لاستغلال موجة رفض التشهير من أجل تمرير قانون جنائي يتوسع في الحد من حرية التعبير كما أعلن ذلك وزير العدل في البرلمان”
وكتب بناجح على حسابه بفيسبوك “كما وقف الشعب المغربي ضد مشروع قانون 22.20 المشؤوم الذي كان يراد به تكميم الأفواه، فينبغي أن يكون الجميع على أعلى درجة من اليقظة ضد أي ترحيل لقضايا الرأي والتعبير إلى القانون الجنائي عوض قانون الصحافة والنشر مهما يكن المبرر المعلن، وأيا كان المستهدف الحالي”.
واعتبر بناجح أن الوقوف ضد التشهير لا يعني التسليم باتخاذ وسائل وخطوات غير مشروعة ومنافية لحقوق الإنسان، مؤكدا أنه “لا ينبغي تكرار “شمتة” تمرير قانوني الإرهاب والاتجار في البشر اللذين، بمجرد تشريعهما، تم توظيفهما بتوسع وتمطيط خارج المبررات الأولى المعلنة، ليستعملا سوطا سياسيا ضد المعارضين والمزعجين للسلطوية بآرائهم”.
وكذلك رفض القانون حقوقيون ومؤثرون ومشاهير وطالبوا بمقاطعته.
وبحسب تقارير إعلامية، فإن النسخة المسربة من القانون هي “مسودة أولية فقط، ولن تعرض على الحكومة إلا بعد إجراء تعديلات”.