وصول الفوج الأول من عاملات الفراولة إلى إسبانيا بعد فشل تعويض العمالة المغربية بجنسيات أخرى؟!

0
396

انطلقت أمس الأربعاء الرحلات البحرية الاستثنائية المخصصة لتأمين عودة العاملات المغربيات الموسميات في حقول الفراولة الإسبانية بعد أشهر من اغلاق الحدود بين البلدين بسبب الوضع الصحي المرتبط بجائحة فيروس كورونا.

يرسل المغرب سنويا آلاف العاملات الموسميات، للمشاركة في عملية جني الفراولة بأجر محدد عند 37 يورو يوميا، وذلك في إطار اتفاقية ثنائية تجمعه بإسبانيا، فيما يطالب البعض بتعديلات على الأجور.

وقالت مصادر حقوقية مغربية، إن عودة إسبانيا لاستجلاب العاملات المغربية العام المقبل جاء بعد فشل تعويض العمالة المغربية بجنسيات أخرى، وإن الأمر يتطلب إجراءات صارمة من الجانب المغربي لعدم تكرار الانتهاكات السابقة التي كانت تقع بحق العاملات في الحقول الإسبانية.

وصلت 830 من العاملات مساء الأربعاء إلى ميناء الجزيرة الخضراء “قادس”، حيث من المنتظر أن يجرى لهن فحص فيروس كورونا قبل نقلهن إلى منطقة “ويلبا” الواقعة في الجنوب الإسباني.

ويتعلق الأمر بعاملات مغربيات يقصدن في الفترة ما بين شهري فبراير ويونيو من كل عام إقليم “هويلبا” جنوبي إسبانيا، للعمل في قطف فواكه الموسم والفراولة بشكل خاص، في إطار برنامج الهجرة بين البلدين. و أن هؤلاء النساء يتقاضين ما يقارب 30 ألف درهم مغربي (حوالي 3 آلاف دولار) مقابل العمل لمدة تقارب 4 أشهر.

وذكرت وكالة الأنباء الإسبانية غير الرسمية “أوروبا بريس”، أن الفوج الأول من العاملات وصل إلى الجزيرة الخضراء على متن باخرة خصصت لهذا الغرض، مشيرة إلى قرب برمجة رحلات استثنائية أخرى لنقل 11470 عاملة مغربية خلال الأسابيع المقبلة.

وأضافت الوكالة أن السلطات الإسبانية في إقليم “ويلبا”، وافقت على تخصيص باخرة كل أسبوع لنقل العاملات المغربيات في الفترة الممتدة من يناير إلى غاية شهر مارس المقبل.

وقد تم تأجيل وصول العاملات الموسميات المغربيات، الذي كان مقررا مبدئيا في متم دجنبر الماضي، على خلفية الوضع الدولي المرتبط بانتشار جائحة “كوفيد-19”.

في ديسمبر الماضي، تطرقت وسائل إعلام إسبانية إلى تأثير الأزمة الدبلوماسية بين مدريد والرباط على تنقل العاملات المغربيات الموسميات في حقوق الفراولة الإسبانية، مبرزة أن السلطات الإسبانية لجأت هذه السنة إلى استقدام عمال من الهندوراس والإكوادور لسد الخصاص.

يذكر أن أغلب العاملات الموسيات اللواتي يتجهن نحو إسبانيا كل سنة ينحدرن من مناطق قروية في المغرب، مشيرا إلى أن بعضهن يشتكي من المعاملة غير الإنسانية ومن الاعتداءات التي يتعرضن لها في إسبانيا.

وتجمع المغرب وإسبانيا اتفاقية لتنظيم تنقل اليد العاملة بين البلدين تم توقيعها بمدريد سنة 2001، يتم بموجبها تسهيل عملية انتقال العمال المغاربة بشكل موسمي إلى إسبانيا تبعا لحاجيات سوق هذا البلد الإيبيري.

وكانت 12725 عاملة موسمية انتقلت إلى إسبانيا خلال السنة الماضية، من بين 14 ألفا كان متفق على توظيفها في إطار برنامج التوظيف الخاص في ضيعات هويلبا، وفق جريدة “إلباييس” الإسبانية.

وحسب مصادر إسبانية، فإن حوالي 7 آلاف عاملة موسمية فقط من أصل 17 ألفا استطاعت العبور صوب إسبانيا العام الماضي، قبل أن يتم اللجوء إلى تشديد قيود السفر بين البلدين بسبب أزمة كورونا.

في هذا الإطار قال محمد الطيب بوشيبه، المنسق الوطني لجمعية “ماتقيش ولدي” بالمغرب، إن الجانب المشرق في الأمر يرتبط بالناحية الاقتصادية، حيث يوفر العمل مقابل مادي للأسر.

وأضاف الطيب بوشيبه في حديثه لـ”سبوتنيك”، أن الشروط الأخرى التي تفرضها إسبانيا تدخل في أوجه “الاستعباد” وانتهاك حقوق النساء، حيث تشترط على الأمهات ترك أطفالهن في المغرب والذهاب إلى العمل وحدهن من أجل عدم الاستقرار في إسبانيا.

وأوضح أن العاملات في حقول الفراولة يعشن حياة دون المستوى في الأكواخ الواقعة في الحقول، إضافة إلى تعرضهن لاعتداءات جنسية، وأن هناك الكثير من الشكاوى من طرف نساء تعرضن لانتهاكات وحالات تشرد إثر العمل في الحقول بإسبانيا.

الاتفاق الموقع بين المغرب وإسبانيا في عام 2006، يعتمد في المقام الأول الخاص بالتوظيف على الجنس، حيث يرتبط الاختيار بجلب النساء للعمل وليس الرجال.

كما يقع الاختيار غالبا على العاملات من المناطق الريفية، على أن يكون لديهن طفل واحد على الأقل دون 18 عاما لضمان عودتهن إلى المغرب مرة أخرى وعدم البقاء في إسبانيا.

وشدد على أن العودة الحالية لا تحل الأزمة السابقة، وأنه رغم حديث إسبانيا مرارا عن حقوق الإنسان، فإن العديد من الجرائم والانتهاكات تقع داخل الحقول بحق المرأة في مشهد يؤكد “الكيل بمكيالين”، بحسب الحقوقي المغربي.

أسباب عودة عاملات الفراولة المغربيات إلى إسبانيا

من جانبها قالت الحقوقية المغربية فاطمة بوغنبور، إن عودة العاملات المغربيات للعمل في إسبانيا جاء بعد تعثر الموسم الفلاحي الماضي المرتبط بالفراولة في البلد الأوروبي، وكذلك فشل تجربتها في استقطاب عاملات من أوكرانيا ورومانيا.
وأضافت في حديثها لـ”سبوتنيك”، أن الجارة الإسبانية أصبحت ملزمة بالاعتراف بكفاءة وجدارة العاملات المغربيات، التي لم تجد سبيلا في الاستغناء عنهن، وأصبح لزاما عليها أن تفتح أبوابها لما يتجاوز 14 ألف عاملة للعمل بعقود موسمية.

تسوية الأوضاع

وأوضحت بوغنبور أنه من بين العاملات من عملت مع الشركات لمدة 12 عاما، وهو ما يستوجب تسوية وضع من عملن طيلة هذه الفترة.

وأشارت إلى أن هذه الطبقة من النساء هن في وضعية صعبة، إما أرامل أو مطلقات يتركن أبناءهن في المغرب، ما يعني ضرورة تحرك الحكومة المغربية لتقنن المجال والتفاوض بشأن تسوية الأوضاع المرتبطة بالعاملات.

وطالبت بوغنبور الجانب المغربي بالعمل على ضمان السلامة الجسدية والنفسية ومناقشة القوانين المتعامل بها في صحة العقود.

وفي العام 2018 قام نقابيون ومهنيون مغربيون بوضع اتفاقية تدعو إلى توفير حماية أكبر وضرورة ضمان المساواة بالنسبة للعاملات الموسميات في حقول الفراولة الإسبانية بعد قضية التحرش بهن، إضافة إلى التدرب على طرق التعامل معهن بأساليب لا تثير المشاكل وتضمن سلامتهن.

الاتفاقية وقعت من قبل جمعية الفلاحين الشباب واتحاد نقابات العمال الإسباني، حيث تنص على وجوب توفير الحماية للنساء العاملات في حقول الفراولة، خاصة عقب الجدل الكبير الذي أثارته قضية التحرش والاعتداءات الجنسية على عاملات مغربيات.

ودعت الوثيقة نفسها إلى ضرورة إدراج بروتوكولات بشأن إقرار المساواة بين كل العمال، بغض النظر عن الجنس أو الأصل وحتى العمر، وحماية المشتغلات من التحرشات، مع ضرورة خضوع المسؤولين عن العاملات إلى تدريب خاص.

كما تنص الاتفاقية، كذلك، على منح المسؤولين عن العاملات الموسميات معلومات عن لغاتهن، ووضع دليل يتضمن طرق التعامل معهن بشكل سلمي ودون مشاكل، مع تعيين وسطاء.

 

 

 

 

“أوكسفام” البطالة في تزايد “مقلق” وسوق الشغل بالمغرب غير متكافئ جذرياً ويهمش النساء والشباب !!؟