وفاة مدير “أف بي آي” المغرب السابق عبد الحق الخيام أحد أبرز الشخصيات الأمنية في المملكة

0
179

كلما تم تفكيك خلية إرهابية أو توقيف عصابة خطيرة في ترويج المخدرات، أو غسل الأموال وغيرها من الجرائم المعقّدة وذات الطابع الوطني والدولي، في المغرب، تتجه الأنظار نحو المكتب المركزي للأبحاث القضائية ومديره عبد الحق الخيام.

توفي الساعات الأولى من صباح اليوم الثلاثاء ،مدير المكتب المركزي للأبحاث القضائية السابق، عبد الحق الخيام، بعد صارع مع المرض لأشهر، حيث تأزمت وضعيته منذ شهر ماي الماضي ،تم نقله  للمستشفى الجامعي الشيخ خليفة، بعدما أصيب بشلل نصفي.

ويعتبر عبد الحق الخيام من أبرز الشخصيات الأمنية في المغرب، ترأس لسنوات المديرية العامة للشرطة القضائية، وهو اول مدير للمكتب المركزي للأبحاث القضائية ، المختص في مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة ، مشرفا لسنوات على قيادة غرفة عمليات المكتب، وقاد تفكيك عدد من الخلايا الإرهابية، وأيضا التحقيق في عدد من القضايا.

وأشرف عبد الحق الخيام على قضايا مرتبطة بمحاربة التنظيمات الإرهابية والجماعات المقاتلة المتشددة؛ حيث تم تفكيك العديد من الخلايا الإرهابية التي كانت تهدد أمن وسلامة المملكة، وخاصة تنظيم “داعش”.

ولم تكن ملفات الإرهاب هي الوحيدة التي تثير اهتمام الخيام، بل تكلف أيضا، بالتحقيق في ملفات قضائية أخرى، تخص الفضائح المالية، والرشاوى، والاتجار بالمخدرات.

ويتخصص المكتب المركزي للأبحاث القضائية، ومقرّه في مدينة سلا المحاذية للعاصمة المغربية الرباط، في اقتفاء آثار الجماعات والخلايا الإرهابية والعصابات الخطيرة في ترويج المخدرات وتبييض الأموال، وغيرها من الجرائم المعقّدة. وعلى الرغم من أن المكتب يُعرف اختصاراً بـ”البسيج”، إلا أن كثرا يطلقون عليه لقب “أف بي آي” المغرب؛ نظراً للمهمات الحساسة على عاتقه.

ويدير المكتب، منذ تأسيسه في عام 2015، عبد الحق الخيام، الذي يتحدّر من الحي الشعبي درب السلطان في الدار البيضاء، ولم يكن ممكناً له تبوّؤ رئاسة مؤسسة أمنية كبيرة وحساسة تابعة لمديرية مراقبة التراب الوطني المعروفة بـ”المخابرات الداخلية”، لولا مهاراته المهنية ونجاحه في حل قضايا أمنية صعبة عندما كان يعمل أمنياً في الفرقة الوطنية للشرطة القضائية. ويدلّ مسار الخيام على أنه رجل أمن ومخابرات بامتياز، ولم يُعرف عنه أبداً تعاطيه السياسة أو الشأن الحزبي.

تخرّج الخيام من المعهد الملكي للشرطة في مدينة القنيطرة، وتدرّج في الإدارات الأمنية المختلفة، إلى أن عُيّن والياً للأمن بالبيضاء عام 2015، وبعدها مباشرة تم تعيينه على رأس المكتب المركزي للأبحاث القضائية المحدّث في مارس/آذار 2015. والمكتب المركزي للأبحاث القضائية يضمّ كوادر أمنية مدربة في أميركا ودول أوروبية على التدخلات الأمنية والميدانية المحترفة. ونال هؤلاء تعليماً عالياً في حقوق الإنسان. كما أن أغلب العاملين الأمنيين في هذه المؤسسة غير معروفين، وسرّيون.

ويُسجّل للخيام أنه جمع بين 3 وجوه تبدو متباعدة، فهو يمتلك روح “المسؤول الأمني الصارم في عمله”، بدليل وقوفه وراء فك شيفرة العديد من القضايا الإجرامية الكبيرة، وفي نفس الوقت يحتفظ بـ”شعبيته”، فضلاً عن تواصله المتاح مع وسائل الإعلام الوطنية والدولية بأريحية تغيب عادة عن العديد من مسؤولي الأمن.

وسبق للخيام أن كشف شحنات مخدرات كثيرة، ومنها حجزه كمية قياسية لم يسبق لها مثيل في تاريخ المغرب عام 2017، حين تمكن من اكتشاف شحنة محمّلة بطنّين و588 كيلوغراماً من الكوكايين.

ويقف الخيام أيضاً وراء العديد من عمليات تفكيك خلايا إرهابية كانت تخطط لاعتداءات، تتضمن استهداف شخصيات وأماكن حساسة، اتساقاً مع السياسة الأمنية الاستباقية التي ينتهجها المغرب، وأفلحت في كثير من الأحيان في تجنيب البلاد عمليات إرهابية خطيرة، كما ساهمت في إنقاذ عدد من البلدان الأوروبية من عمليات دموية محتملة، مثل بلجيكا وفرنسا وإسبانيا.

للخيام وجه آخر بعيد تماماً عن وجهه الأمني، إذ يتعامل بسلاسة مع الناس، رغم كونه “الرجل الثاني” في هرم السياسة الأمنية والمخابراتية في البلاد، بعد رئيسه عبد اللطيف الحموشي. وشوهد الخيام، في أكثر من مرة، في حيّه الشعبي الذي وُلد فيه، وهو يتجاذب أطراف الحديث مع مواطنين ممن يرغبون في التقاط الصور معه، كما أنه “قريب” من الناس يحدثهم ويحضر أفراحهم وأتراحهم، كما لا يخفي ميوله الكروية والرياضية، فهو من عشاق نادي الرجاء البيضاوي المغربي ونادي يوفنتوس الإيطالي. وعلى غير عادة مسؤولي الأمن والمخابرات، يحسن الخيام التكلم مع الإعلام، ويمنح وقتاً معتبراً لشرح تفاصيل العمليات التي يقوم بها المكتب المركزي للصحافة، فلا يمانع في الحديث للصحافة الوطنية والدولية على السواء.