🔍 في ملف رياض سلامة: هل تسلّل النفوذ إلى قلب العدالة اللبنانية؟

0
212

في لحظة حساسة من تاريخ لبنان القضائي، تفجّرت قضية جديدة حول ملف رياض سلامة، الحاكم السابق لمصرف لبنان، لتكشف عما يشبه الزلزال داخل أروقة العدالة، حيث تداخل النفوذ بالقانون، والتواطؤ بالصمت، في مشهد يهدد ما تبقى من ثقة اللبنانيين بمؤسساتهم.

رياض سلامة… بين الشبهات وتحوّل القضاء إلى غرفة مظلمة

في 28 أيار 2025، أصدر قاضي التحقيق في بيروت، السيدة رولا صفير، قرارًا بتوقيف رياض سلامة، بناءً على شكاية تقدم بها د. طلال أبو غزالة، يتهمه فيها بارتكاب مخالفات خطيرة أبرزها: تجاوز الصلاحيات، التلاعب اللاحق بالودائع، والإضرار بالثقة المصرفية وسمعة الدولة.

القرار لاقى ترحيبًا واسعًا في الأوساط القانونية والشعبية، كخطوة نادرة لمحاسبة كبار المسؤولين، إلا أن المسار القضائي سرعان ما دخل متاهة مقلقة.

تنحي قضاة واختفاء مستند… هل هي مجرد مصادفات؟

بعد استئناف القرار من طرف دفاع رياض سلامة، وقبل أن تنظر الهيئة الاتهامية في الملف، فوجئ الرأي العام بتنحي قاضيين دون تقديم أي تبرير، في سابقة خطيرة تطرح علامات استفهام حول استقلالية الهيئة.

لكن الأخطر لم يكن التنحي، بل ما جرى بعده: اختفاء مذكرة الدفاع الأساسية المقدمة من قبل المحامي مازن أبو الحسن، بصفته وكيلًا عن المدعي د. طلال أبو غزالة، والتي كانت قد أودعت بشكل رسمي مرفقة بوثائق داعمة.

المذكرة التي شكّلت ركيزة الملف غابت فجأة من السجلات، دون أن تبادر النيابة العامة أو جهاز التفتيش القضائي بأي إجراء للبحث عن المسؤول، في صمت يوازي التواطؤ.

قرار الإفراج مقابل كفالة… تمهيد لهروب مرتقب؟

رغم هذا الخلل الإجرائي، قررت الهيئة الجديدة إخلاء سبيل رياض سلامة مقابل كفالة ملياري ليرة لبنانية، مع فرض الرقابة القضائية عليه.

لكن القرار بدا – في نظر كثيرين – بمثابة تمرير قانوني لهروب محتمل، خاصة أن الغطاء القانوني بات هشًا بعد اختفاء وثيقة حاسمة من ملف القضية.

رد مكتب أبو غزالة: الدفاع الدستوري يُنتهك… والعدالة تُختبر

أصدر مكتب د. طلال أبو غزالة بيانًا حذر فيه من خطورة ما جرى، معتبرًا أن إخفاء مذكرة الدفاع يمثّل “انتهاكًا صريحًا للحق الدستوري في الدفاع”، ويطرح شكوكًا حول وجود تدخلات تهدف لنسف الملف من الداخل.

رغم ذلك، أكد المكتب تمسكه بالقضاء اللبناني، داعيًا إلى فتح تحقيق مستقل، لا لتصفية حسابات، بل لإنقاذ ما تبقى من مصداقية العدالة.

في العمق: هل لا يزال القضاء في لبنان قادرًا على محاكمة الكبار؟

إن ما جرى في ملف رياض سلامة لا يمكن قراءته كحادث معزول. بل هو مرآة لحالة التسيّب والضغوط التي تُمارس على القضاء حين يقترب من ملفات حساسة تتقاطع فيها السياسة بالمال.

القضاء اليوم، في ظل هذه المعطيات، إما أن يكون مؤسسة قادرة على مساءلة الجميع دون استثناء، أو يتحول إلى أداة لتصفية الخصوم، وتمرير الهاربين.

فهل يتحرك مجلس القضاء الأعلى؟ وهل تجرؤ النيابة العامة على مساءلة من سهّل الاختفاء؟ أم أن لبنان دخل مرحلة العدالة الانتقائية بأدوات قانونية مفرغة من محتواها؟