في خطوة تعكس طموحات الحكومة لتحسين وضع سوق العمل، أعلنت وزارة الإدماج الاقتصادي عن تخصيص ميزانية قدرها 14 مليار درهم للنهوض بالتشغيل، بهدف معالجة أزمة البطالة، خاصة بين فئة الشباب.
إلا أن التحديات المتجذرة في الاقتصاد المغربي تثير تساؤلات حول مدى فعالية هذه الخطط في تحقيق نتائج ملموسة، بعيدًا عن الشعارات والوعود.
البرامج الحالية: هل تكفي لمواجهة أزمة البطالة بين الشباب؟
على الرغم من تعدد البرامج الحكومية مثل “إدماج” و”تأهيل” و”تحفيز”، التي تهدف إلى إدماج 100 ألف شاب سنويًا، إلا أن تأثيرها على معدلات البطالة لا يزال محدودًا. وتظل الفوارق بين القطاعين العام والخاص عاملاً مؤثرًا؛ فالقطاع الخاص، على عكس العام، يفتقر إلى الأمان الوظيفي ويقل عن العام من حيث الامتيازات، مما يدفع الشباب إلى تفضيل القطاع العام.
فهل تملك هذه البرامج القدرة على تحقيق نتائج مستدامة؟ وما هي الخطوات الإضافية التي قد تدفع القطاع الخاص ليكون خيارًا جاذبًا للشباب؟
ميزانية التشغيل الجديدة: هل ستؤدي إلى نتائج ملموسة؟
أعلنت الوزارة عن تخصيص 12 مليار درهم من الميزانية الجديدة لدعم الاستثمارات ذات القيمة المضافة العالية، والتي يُفترض أن تساهم في توفير فرص عمل مستقرة. كما تشمل هذه الميزانية مليار درهم لتوسيع برامج التشغيل، بحيث تصل إلى 212,500 مستفيد.
لكن يبقى السؤال: هل ستتمكن هذه الاستثمارات من دفع القطاع الخاص إلى خلق وظائف مستقرة؟ وهل يمكن ضمان أن تصل هذه الفرص إلى مختلف الفئات والمناطق بفعالية؟
البطالة في القطاع القروي: هل ستحد الميزانية من الهجرة نحو المدن؟
ضمن الميزانية الجديدة، خُصصت مبالغ للحفاظ على فرص العمل في العالم القروي، حيث يعاني القطاع الفلاحي من تداعيات الجفاف المستمر. هذا التوجه يهدف إلى تقليل معدلات البطالة والحد من الهجرة القروية، إلا أن السؤال يبقى حول مدى تأثير هذه الجهود في دعم الاقتصاد القروي بشكل عام.
فهل ستساهم الميزانية الجديدة في تحسين ظروف العمل بالقطاع الفلاحي، أم أن هناك حاجة إلى تطوير سياسات إضافية لضمان استقرار أكبر في هذه المناطق؟
برامج الدعم والاستثمار: هل هناك تكامل في السياسات؟
رغم المبادرات الحكومية لدعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة، مثل “أوراش” و”فرصة”، ما زالت نسب البطالة مرتفعة، خاصة بين الشباب. هذا الواقع يشير إلى حاجة ماسة إلى آليات تقييم واضحة، تضمن تحقيق الأهداف وتعزز تكامل السياسات.
فهل يكفي التوسع في برامج التشغيل الحالية، أم يجب تطوير نظام شامل لتقييم أثر هذه البرامج وتكييفها مع متطلبات السوق؟
ثقافة المقاولة: هل هي الحل الممكن لمشكلة البطالة؟
التحول نحو ثقافة المقاولة وريادة الأعمال قد يكون من الحلول الفعّالة للتخفيف من البطالة، إلا أن دعم هذه الثقافة لا يزال محدودًا في مناهج التعليم والتكوين المهني.
فهل يمكن إدراج هذه الثقافة في المناهج التعليمية منذ المراحل المبكرة لبناء جيل يمتلك مهارات ريادية؟ وكيف يمكن للجامعات أن تسهم في تعزيز هذا الاتجاه وتنمية قدرات الطالب المقاول؟
استنتاجات ودعوة إلى إصلاحات شاملة
تتطلب معضلة البطالة في المغرب استراتيجيات تتجاوز الحلول المؤقتة، بحيث تدعم الابتكار وتعزز ثقافة المقاولة.
وبينما يعاني الشباب من ضغط اقتصادي متزايد، يظهر أن الإصلاح الحقيقي لا بد أن يشمل تقوية البنية التحتية للبرامج القائمة وتبني سياسات تحفيزية للقطاع الخاص، فضلاً عن دعم الابتكار وريادة الأعمال من خلال التعليم.