عبد الوافي لفتيت: هل تحوّل “حالة الطوارئ الانتخابية” إلى أداة لضمان النزاهة أم مجرد شعار؟

0
113
صور: موقع مجلس النواب

من الإعلان إلى التطبيق: هل ينقل مشروع القانون التنظيمي المغرب نحو انتخابات “نظيفة” 2026؟

بين خطاب “التخليق” وتحديات الشفافية… قراءة نقدية في مشروع القانون 53.25 وأرقام المشاركة السياسية في المغرب

أعلنت وزارة الداخلية المغربية، برئاسة عبد الوافي لفتيت، ما وصفته بـ«حالة طوارئ انتخابية» قبيل انتخابات 2026 التشريعية، عبر مشروع القانون التنظيمي رقم 53.25 المتعلق بتعديل القانون التنظيمي رقم 27.11 المتعلّق بمجلس النواب. الهدف المعلن: تخليق الحياة السياسية وضمان نزاهة ومساءلة الانتخابات، وجعل محطة 2026 تجربة “نظيفة” على مستوى المضمون وليس الشكل فقط.

لكن بين الخطاب الرسمي والواقع، يبقى السؤال المركزي: هل يمكن لمشروع القانون الجديد أن يحدث تغييرًا جوهريًا في المشهد الانتخابي، أم أنه مجرد عملية تجميل سياسية قبل الاستحقاق الانتخابي المقبل؟

يقول عبد الرحيم العلام، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاضي عياض:
“التعديلات المقترحة قد تبدو جذابة على الورق، لكنها تبقى محدودة ما لم يواكبها إشراف مستقل وثقافة سياسية جديدة داخل الأحزاب والمجتمع المدني.”

أبرز التعديلات في مشروع القانون 53.25

من خلال المصادر الرسمية والتحليلات الصحافية، يمكن تلخيص أهم محاور المشروع كالتالي:

  1. تشديد شروط الأهلية للترشح:

    • يمنع من صدرت في حقه أحكام استئنافية تُفقد الأهلية، أو حكم ابتدائي في جناية، أو من تم عزله من مهمة انتدابية.

    • يشمل المنع كذلك من ضبط في حالة تلبس بارتكاب جرائم تتعلق بالمروءة، سلامة الذمة، أو تشويه العملية الانتخابية.

    • الرقابة تمتد من فترة إيداع الترشيحات، وطيلة الحملة، وحتى خلال المدة الانتدابية برمتها.

  2. تحسين تمثيلية الشباب والنساء:

    • إجراءات لتسهيل مشاركة الكفاءات الشابة والنساء داخل البرلمان.

    • نقاشات مفتوحة مع الأحزاب حول تعديل الإطار التشريعي لتحقيق التمثيلية الفعلية.

  3. زيادة الشفافية والمساءلة:

    • اقتراحات لنشر بيانات التمويل الحزبي والحملات الانتخابية في الوقت الفعلي، وإجراءات واضحة للرقابة على المخالفات.

محمد بودن، رئيس مركز أطلس لتحليل المؤشرات السياسية، يشير:
“مشروع القانون يركز على الرقابة الأخلاقية، لكنه لا يوضح بعد آليات مستقلة لممارسة هذه الرقابة. النقطة الأهم هي: من يراقب المراقب؟”

خلفيات إعلان “حالة الطوارئ الانتخابية”

المغرب يعيش اختبارًا حقيقيًا لمدى الثقة في مؤسساته الديمقراطية، خاصة في ظل مؤشرات دولية تشير إلى تحديات في الحقوق السياسية والحريات (Freedom House، 2025).

التشديد على الشروط يعكس إدراك السلطات حجم النقد الشعبي والجهوي تجاه ما يُتصوّر بأنه “مال انتخابي، زبونية، أو قوائم بلا تمثيل فعلي”.

وفق تحليل The Arab Weekly:
“الخطوة تحمل رمزية كبيرة: رسالة داخلية وخارجية بأن النظام الانتخابي المغربي يسعى لمواكبة متطلبات نموذج ديمقراطي يُحتذى.”

التحديات الكبرى

رغم الإشارات الإيجابية، ثمة تحديات كبيرة قد تحدّ من فعالية الإصلاح:

  1. نزاهة الإشراف والمراقبة:

    • مشروع القانون لا يوضح بعد ما إذا كانت هناك هيئة مستقلة ترفض الترشيحات أو تلغيها.

    • بند منع الترشح في حالة التلبس قد يُستخدم سياسياً لتصفية خصوم، إذ تبقى آلية تحديد “التلبس” والوثائق غير واضحة.

  2. الهيكل البنيوي للتمثيل والدوائر الانتخابية:

    • تقارير صحافية تشير إلى أن توزيع المقاعد والدوائر سيبقى كما هو، ما يقلل من تأثير الإصلاحات الأخلاقية إذا لم تتغير المعادلات البنيوية.

  3. تمثيل المغاربة المقيمين بالخارج (MRE):

    • رغم فتح الباب، يبقى الخلاف حول طريقة التصويت وتمثيلهم قائماً، ما يعكس أن الشمولية ليست مضمونة.

  4. ثقافة الأحزاب والمجتمع المدني:

    • مجرد تعديل النصوص لا يكفي لإعادة الثقة؛ التغيير يحتاج إلى ممارسات جديدة في الشفافية المالية للحملات، وثقافة المحاسبة، وتفعيل دور المجتمع المدني.

أرقام مقارنة: انتخابات 2016 vs 2021

المؤشر 2016 2021 الملاحظة
نسبة المشاركة الإجمالية 43.5% 50.3% ارتفاع نسبي لكن أقل من نصف الناخبين
عدد القضايا الانتخابية 120 145 زيادة رغم حملات الرقابة
تمثيل النساء 81 مقعداً 102 مقعداً تحسن محدود
تمثيل الشباب (<35 سنة) 12% 15% انخفاض في بعض الجهات
المرشحون الممنوعون لأسباب قضائية 5 8 يوضح الحاجة لضبط آليات التصفية القانونية

عبد الرحيم العلام:
“حتى مع القوانين الجديدة، النتائج العملية تعتمد على التطبيق، لا النصوص وحدها.”

ملاحظات نقدية حول التمويل والحماية من التجاوزات

  • التمويل الانتخابي لا يزال غير شفاف بالكامل، ويجب نشر بيانات آنية للإنفاق على الحملات.

  • ثقافة اللاعقاب لا تزال متجذرة؛ القوانين قد تمنع الترشيح، لكن آليات المتابعة والمحاسبة محدودة.

دراسة TelQuel، 2025:
“الرقابة الأخلاقية تبقى شعاراً إن لم تُدعم بآليات مراقبة مستقلة وتفعيل العقوبات بصرامة.”

الملاحق القانونية والرقمية

  1. المادة 12 من مشروع القانون 53.25: تتعلق بشروط الأهلية ومجالات الرقابة على المرشحين.

  2. المادة 25: تضمن الرقابة المستمرة خلال المدة الانتدابية.

  3. البيانات الرقمية:

    • مشاركة الشباب والنساء، القضايا الانتخابية السابقة، المترشحين المحرومين، تمثيل المغاربة بالخارج.

    • نسب المشاركة والامتثال للمعايير الأخلاقية لكل دورة انتخابية.

خاتمة: سؤال الثقة والمصداقية

مشروع القانون التنظيمي 53.25 خطوة مهمة، لكنه يظل اختبارًا حقيقيًا:

  • هل سينفذ بشفافية ونزاهة؟

  • هل ستتغير ممارسات الأحزاب والمرشحين؟

  • وهل سيستعيد المواطن ثقته في العملية الانتخابية؟

محمد بودن:
“النجاح لن يُقاس فقط بإقرار النصوص، بل بمدى تطبيقها الحقيقي، وإعادة الثقة إلى المؤسسة البرلمانية.”

الانتخابات المقبلة ليست مجرد مسألة قانونية؛ إنها مؤشر على مستوى الالتزام بالقيم الديمقراطية والشفافية في المغرب. وإذا فشل التطبيق، فإن النصوص ستظل مجرد واجهة، تزيد من فجوة الثقة بين المواطن والمؤسسة الانتخابية.