الإثنين, دجنبر 23, 2024
الرئيسية أخبار 24 قتيلا في سقوط حافلة في واد بمنطقة جبلية في إقليم أزيلال...

24 قتيلا في سقوط حافلة في واد بمنطقة جبلية في إقليم أزيلال وسط ”المغرب غير النافع”

0
457

فتحت السلطات مجدّداً تحقيقا لتحديد ملابسات مأساة سقوط حافلة صغيرة قرب مدينة دمنات وسط المغرب  ومقتل جميع من كانوا بداخلها. وتشتهر الطرق في المغرب بخطورتها وتشهد حوادث متكررة.

في حصيلة تعد بين الأعلى التي تسجلها حوادث السير بالمغرب، لقي 24 شخصا مصرعهم -اليوم الأحد- جراء انقلاب سيارة لنقل الركاب في منعرج بمنطقة جبلية في إقليم أزيلال وسط المغرب.

وقالت السلطات المحلية إن الضحايا كانوا في طريقهم إلى السوق الأسبوعية في مدينة دمنات عندما انقلبت السيارة وسقطت في منحدر.

وفتحت السلطات تحقيقا لتوضيح ملابسات الحادث الذي يعد من بين الأسوأ وحصيلته من بين الأعلى خلال السنوات الماضية.

وتداولت مواقع التواصل الاجتماعي في المغرب صورا تظهر سيارة النقل المحطمة وجثامين الضحايا التي تمت تغطيتها.

والحافلات وسيلة يستخدمها المغاربة على نطاق واسع، ولا سيما الذين لا يستطيعون شراء سيارات، للتنقل في المناطق الريفية والنائية في البلد الذي يبلغ عدد سكانه 37 مليون نسمة.

وتشتهر الطرق في المغرب بخطورتها وتشهد حوادث متكررة. ففي آذار/مارس، قضى خمسة أشخاص وأصيب 27 آخرون، 12 منهم في حالة خطرة، في حادث سير قرب العاصمة الرباط.

ومنذ أسوأ حادث حافلة في تاريخ البلاد عام 2012 (42 قتيلا)، تسعى الحكومة المغربية إلى تخفيض عدد حوادث السير في المملكة بحلول 2026، ورغم ذلك سجلت ما يقارب 114 ألف حادثة العام الماضي، مخلفة 3201 قتيل، وهو رقم انخفض بنحو 7% عن العام الذي سبقه، وفق أحدث الإحصاءات الصادرة عن الوكالة الوطنية للسلامة الطرقية.

ومارس الماضي، توفي 5 أشخاص وأصيب 27 آخرون في حادث سير قرب العاصمة الرباط، ونوفمبر/تشرين الثاني أسفر حادث آخر عن مقتل 11 شخصا وإصابة عشرات قرب مدينة تازة شمال شرق المغرب.

من جهته ، قال البرلماني المغربي، رئيس فريق حزب التقدم والاشتراكية (معارض)، رشيد الحموني، إن “أعداد القتلى المغاربة جراء حوادث السير أكثر من ذلك المسجل في حروب”، وهو ما يؤكد ضرورة التحرك لأجل خفض عدد ضحايا ما بات يعرف بـ”حرب الطرق”.

رشيد الحموني ألقى باللوم على “سياسات الحكومات المتعاقبة، التي لم تفلح في الحد من حرب الطرق”، بحسب قوله، داعيا إلى “وضع خطة شاملة لمعالجة هذه الإشكالية التي، إلى جانب ضررها البشري، تكلف الاقتصاد المغربي حوالي 1.69 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي”.

  • كشف الفريق النيابي لحزب التقدم والاشتراكية، ضمن رسالة موجهة إلى إحدى اللجان البرلمانية المغربية، عن أرقام مفزعة لحوادث للسير وما تخلفه من قتلى وجرحى سنويا.

  • جاء في الرسالة: “حوادث السير في المغرب تودي بحياة 10 أشخاص يوميا إضافة إلى إصابة 250 آخرين، وسنويا وفاة أكثر من 3 آلاف و500 شخص، وإصابة 12 ألفا آخرين بجروح بليغة.”

  • في الوقت الذي تسعى فيه الرباط إلى خفض ضحايا حوادث السير إلى النصف في أفق 2026، ما تزال الدماء تُسفك على الطرقات.

  • إحصائيات مؤقتة لسنة 2022، أشارت إلى تسجيل ما يقارب 114 ألف حادثة سير خلفت 3201 قتيل، ناهيك عن الجرحى الذين تجاوز عددهم 160 ألفا.

  • “المغرب يعد من بين البلدان الأكثر تأثرا من حوادث السير”، حيث إن عدد ضحايا الطرق تجاوز 3200 قتيل سنويا، أي بمعدل وفاة كل ساعتين ونصف.

  • هذا الرقم كلف مالية المملكة سنة 2019 أكثر من 19,5 مليار درهم (ما يقارب ملياري دولار)، أي ما يعادل 1.69 بالمئة من الناتج الداخلي الخام، بالإضافة إلى أنه يولد ضغطا هائلا على المستشفيات.

  • “حوادث المرور ترزي عائلات كثيرة في معيليها وتضيع على الاقتصاد الوطني كفاءات وطنية كلفت ميزانية مهمة في تكوينها”.

  • “تخلف الحوادث كذلك المزيد من الجرحى الذين لا يستطيعون العودة إلى ممارسة حياتهم بشكل طبيعي، مما يستدعي التكفل بهم إما من طرف الدولة أو المجتمع المدني أو العائلة في أغلب الأحيان”.

سلطت وسائل إعلامية الضوء على الواقع المعيشي المرير لسكان المغرب العميق أو ما يعرف بـ”المغرب المنسي” خلف جبال الاطلس الكبير ”حياة بدائية أشبه بحياة سكان الكهوف” تتحوّل إلى مأساة حقيقية، خاصة عند تساقط الأمطار والثلوج في ظل العزلة التي تفرضها الطبيعة القاسية للمنطقة.

في السياق ذاته، وثقت وكالة ”ستيب نيوز” الإخبارية مشاهد صادمة لما يعرف بـ”المغرب المنسي، حيث ”البأس يستوطن وجوه من يسكنون في هذه المناطق”. وقالت إن ”الحياة البسيطة في هذه المناطق مستحيلة، حيث يعيش الناس على هامش التاريخ”.

فهذه المناطق تعيش ”حياة بدائية والإنسان كذلك” في ظل انعدام أبسط الخدمات الضرورية ”فلا مجال للتعليم الجيد ولا للخدمات الطبية ولا للطرقات ولا للمواصلات ولا للمرافق..”.

وأبرزت الوكالة أن البعض ممن يقطنون هذه المناطق ”مازالوا يسكنون الجبال والبعض الآخر يعيشون حياة البدو، حيث يفضلون الترحال بحثا عن منافذ للرزق لافتة إلى أن الأوضاع تتأزم في هذه المناطق أكثر فأكثر مع تساقط الثلوج والأمطار، حيث يصبح الوصول إلى القرى المجاورة أمرا مستحيلا  بما يجعل من قضاء المصالح الإدارية وغيرها من الضروريات، أشياء شبه مستحيلة.




وعلى ما يبدو أن هذه المناطق، التي أطلق عليها الاستعمار الفرنسي عام 1912 اسم ”المغرب غير النافع” لانعدام الثروات فيها، مازالت الحكومات المغربية المتعاقبة تراها كذلك، يعاني سكانها الأمرين والتهميش ولم تفعل الحكومات المتعاقبة شيئا على مدار ستة عقود كاملة لترويض الطبيعة القاسية بهذه المناطق وتوفير أدنى الضروريات.




وقالت ”ستيب نيوز” في هذا الإطار إنه ”بعد مرور 60 سنة على رحيل الاستعمار الفرنسي وسياساته التمييزية، إلا أن الحكومات المغربية المتعاقبة تركت المغرب غير النافع منسيا كما تركه الاستعمار حتى تحول إلى مناطق مهمشة”.

وسبق لوسائل إعلام دولية أن أثارت هذه المشاكل والصعوبات التي يعانيها سكان ”المغرب المنسي” والتي تحوّل حياتهم إلى معاناة لا تنتهي.

وتتعدد أوجه المعاناة في المغرب جراء الفقر المدقع الذي يعيشه السواد الأعظم من الشعب وتشكل النساء أحد أهم حلقاته وهو ما خصصت له الكاتبة المغربية لطيفة زهرة المخلوفي، مقالا تحت عنوان ”النساء الحمالات في المغرب بين مطرقة الجوع وسندان معابر الموت”.

Image

وأبرزت زهرة المخلوفي، ما تعانيه النساء الحمالات في المغرب أو ما أصبح يعرف اليوم بظاهرة ”النساء البغال”، حيث يواجهن الموت المحدق بهن كل يوم.  ولخصت الكاتبة المغربية هذه المعاناة بالقول أن ”مشاهد البؤس بصيغة المؤنث هي صور يومية تظهر النساء العزل وهن يبتن في العراء ويكابدن سوء المعاملة وأحيانا يلجأن لاستعمال الحفاظات لقضاء حاجتهن خوفا من ضياع فرصة الدخول إلى مدينة سبتة”. وأشارت الكاتبة المغربية إلى أن الانخراط الواسع للنساء في الاحتجاجات الشعبية التي يعيشها المغرب منذ بداية القرن الحالي هو ”تجسيد لديناميكية لا يمكن الاكتفاء بتعليلها بالحيف الواقع عليهن فقط، بل بإعادة رسم خارطة النضال النسوي، تقتحم من خلالها ميادين الاحتجاج على أرضية مطالب صلبة تدمج مختلف أبعاد الهيمنة والاستغلال”.




كما أكد الباحث والمحلل السياسي المغربي، سعيد علاشي، في تصريحات إعلامية فإن الواقع في المغرب مأساوي بعد أن أصبحت الحكومات المتعاقبة ”لا تحارب الفقر بل تحارب الفقراء” و”بعد أن أصبح الفساد من المقدسات الوطنية”. وقال أنه بعيدا عن ”الجنة” التي تسوّق لها  الحكومة ”في إعلامه الموالي هناك وجه آخر للمغرب لا يعرف الكثيرون شيئا عن معاناة سكان مداشره وقراه التي تعيش على هامش الهامش”.




جهود الحكومة

  • الجهات الرسمية تؤكد على أن التدبير المؤسساتي للسلامة الطرقية بالمغرب انطلق منذ 1977، إذ كان المغرب إحدى الدول القلائل التي فكرت في إحداث اللجنة الوطنية للوقاية من حوادث السير.

  • وضعت السلطات خطة ترمي خفض نسبة القتلى بـ 50 في المائة سنة 2026، أي أقل من 1900 قتيل، باستهداف فئات الراجلين، والدراجات النارية ذات عجلتين أو ثلاث عجلات، والحوادث المتورطة فيها مركبة واحدة، والأطفال أقل من 14 سنة، والنقل المهني، وذلك من خلال تدبير السلامة الطرقية، تأمين الطرق، التكوين والتحسيس والمراقبة والعقوبة، تأمين المركبات والإسعافات المقدمة لضحايا حوادث السير.

  • بدأت هذه الخطة في إعطاء ثمارها الأولى، حيث إن الإحصائيات المؤقتة المتعلقة بحوادث السير خلال سنة 2022 تفيد بأن عدد القتلى بلغ 3201 ، مما يمثل انخفاضا بنسبة 6,84 في المائة.