32.8 مليون رأس ماشية بالمغرب: قراءة استقصائية في الإحصاء الحكومي وإلغاء تعليق الرسوم الجمركية

0
138

أعلنت وزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات عن نتائج إحصاء القطيع الوطني لعام 2025، الذي شمل كافة عمالات وأقاليم المملكة بين 26 يونيو و11 غشت، وأسفر عن تسجيل 32.832.573 رأس ماشية.

وتوزع القطيع على: 23.1 مليون أغنام (16.3 مليون أنثى)، 7.4 مليون ماعز (5.2 مليون أنثى)، 2.09 مليون أبقار (1.56 مليون أنثى)، و106 آلاف إبل (91 ألف أنثى).

التوجيهات الملكية: بين الحوكمة والشفافية

توضح الوزارة أن الإحصاء جاء تنفيذًا لتوجيهات ملكية تهدف إلى إعادة تكوين القطيع الوطني بشكل منهجي ومستدام، وإلى تكوين قاعدة بيانات دقيقة لتحسين مردودية القطاع، وتعزيز الأمن الغذائي الوطني.

لكن الأرقام تحمل رسائل ضمنية: ارتفاع الأغنام والماعز لا يعكس بالضرورة وفرة متساوية لكل الفئات، بينما تراجع الأبقار والإبل بنسبة تصل إلى 30٪ يكشف هشاشة بعض أركان الإنتاج الحيواني أمام الصدمات المناخية والجائحة الصحية، ويطرح تساؤلات حول قدرة الدولة على موازنة استدامة الإنتاج مع متطلبات السوق والمواطن.

السياسات الحكومية: دعم أم ضبط للأسواق؟

استنادًا إلى الإحصاء الجديد، قررت الحكومة:

  • إلغاء تعليق الرسوم الجمركية على الأغنام والماعز والحليب المجفف،

  • الاستمرار في تعليق الرسوم على الأبقار، لتسهيل إعادة بناء القطيع الوطني تدريجيًا.

كما خصصت الدولة 11 مليار درهم لدعم المربين، يغطي تمويل الأعلاف، الحفاظ على الإناث الموجهة للتوالد، تخفيف المديونية، وتنظيم حملات التلقيح والتأطير التقني، مع اعتماد قاعدة دقيقة لحساب الدعم على أساس رؤوس الماشية المحصاة محليًا.

قراءة نقدية: ماذا تكشف هذه المعطيات؟

  1. التوازن بين الكم والنوع: ارتفاع الأغنام والماعز مؤشر على نجاح السياسات التحفيزية، لكن تراجع الأبقار والإبل يمثل تحديًا استراتيجياً بالنسبة للحليب واللحوم الحمراء.

  2. الأمن الغذائي الوطني: الإحصاء يعكس رغبة المغرب في تقليل الاعتماد على الاستيراد وتعزيز الإنتاج المحلي.

  3. التحديات المناخية والبيئية: الانخفاض في الأبقار والإبل نتيجة الجفاف وتغير المناخ يفرض على الدولة اعتماد خطط استباقية طويلة المدى.

  4. الشفافية والحوكمة: ربط الدعم برؤوس الماشية المحصاة يعكس رغبة في العدالة وتوجيه الموارد بدقة، لكنه يفتح تساؤلات حول آليات الرقابة ومنع التلاعب.

أسئلة مفتوحة للمواطن والمستقبل

  • هل ستتمكن الحكومة من إعادة بناء الأبقار والإبل لضمان تنوع الإنتاج؟

  • كيف ستؤثر هذه السياسات على أسعار اللحوم والحليب؟ وهل سيستفيد المواطن العادي من الإجراءات؟

  • هل هناك خطط طويلة الأمد لمواجهة الجفاف وتغير المناخ؟

الخلاصة

إحصاء القطيع الوطني لعام 2025 ليس مجرد رقم رسمي، بل مرآة تعكس استراتيجيات الدولة للسيادة الغذائية، دعم المربين، وضمان استدامة القطاع الحيواني.

نجاح هذه السياسات يعتمد على التنفيذ الفعّال، الشفافية في الدعم، واستجابة القطاع للتحديات المناخية والصحية.

في النهاية، المواطن بحاجة إلى قراءة واعية للأرقام والإحصاءات، لفهم تأثير السياسات الحكومية على الإنتاج، الأمن الغذائي، ومستوى المعيشة، وليس الاكتفاء بالبلاغات الرسمية.