“6 مليارات دولار: هل يتحول الاستحواذ الخليجي على الطاقة الأفريقية إلى لعبة جديدة من السيطرة الاقتصادية؟”

0
119

في خضم التحولات الاقتصادية الكبرى التي تشهدها القارة الأفريقية، تتسارع الاستثمارات الخليجية في قطاع الطاقة، وبقوة، حيث تسعى دول الشرق الأوسط إلى تعزيز وجودها في هذا القطاع الاستراتيجي. صفقات ضخمة بقيمة 6 مليارات دولار في مجال الطاقة، جاءت لتؤكد نية دول الخليج في تصعيد تدخلاتها الاقتصادية في القارة الأفريقية، التي تمثل سوقًا واعدًا لكن مليئًا بالتحديات.

من وراء هذه الاستثمارات الخليجية؟

خلال الأسابيع الأخيرة، أبرزت شركة بترول أبوظبي الوطنية “أدنوك” نفسها كأحد اللاعبين الرئيسيين في هذه الديناميكية. إذ ظهرت الشركة في قائمة المرشحين النهائيين لشراء أصول شركة “شل” (Shell Plc) في جنوب أفريقيا، التي تقدر قيمتها بحوالي مليار دولار. الأمر الذي يطرح سؤالًا مهمًا: هل هذه الاستثمارات مجرد خطوة لتوسيع النفوذ في أسواق جديدة، أم أن دول الخليج تبحث عن فرص استراتيجية لتعزيز قوتها الاقتصادية على الساحة العالمية؟

الطاقة: وقود العلاقة المتنامية بين الخليج وأفريقيا

ليس السر في أن منطقة الخليج تمثل شريكًا رئيسيًا في قطاع الطاقة في أفريقيا. من خلال توسيع استثماراتها في مشاريع الطاقة المتجددة، إلى التنقيب عن النفط والغاز، تعد هذه الصفقات جزءًا من استراتيجية طويلة المدى تهدف إلى تنويع الاقتصاد الخليجي. لكن ما الذي يدفع هذه الدول إلى الانخراط بهذا الشكل في قطاع الطاقة الأفريقي؟ هل هي فقط فرص السوق الواعدة، أم أن هناك اعتبارات أخرى كالتوازنات الجيوسياسية، خاصة في ظل التنافس الدولي على الموارد؟

دور الخليج في تحولات أفريقيا الاقتصادية

نظرة فاحصة على التقارير الاقتصادية تشير إلى أن دول الخليج تعمل بشكل متزايد على تنويع مصادر دخلها بعيدًا عن النفط، في محاولة لتخفيف التأثيرات السلبية للتقلبات الاقتصادية العالمية. هل يصبح هذا التوجه نحو أفريقيا ردًا على تحديات الأسواق النفطية العالمية؟ تقرير البنك الأفريقي للتصدير والاستيراد يُظهر ارتفاعًا ملحوظًا في التجارة بين أفريقيا والإمارات بنسبة 38% خلال عامين ليصل إلى 86 مليار دولار في 2023. هذا التزايد في التجارة يعكس قوة العلاقة الاقتصادية بين الجانبين، التي باتت ترتكز على مشاريع متكاملة تبدأ من الطاقة وتنتهي بتقنيات البنية التحتية المتقدمة.

أبعاد التوسع الخليجي في أفريقيا: فائدة للجميع أم سيطرة مشروطة؟

أندرو فاراند، مدير منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في شركة “هورايزن إنغيج” للاستشارات، يرى أن الخليج ينظر إلى أفريقيا كفرصة لتنويع أصوله في ظل الانكماش الاقتصادي في بعض أسواقه المحلية. لكن هل يمكن اعتبار هذه الاستثمارات وسيلة لتخفيف حدة التقلبات الاقتصادية؟ أم أن الدول الخليجية تستخدم أفريقيا كوسيلة لتعزيز وجودها الاستراتيجي في مناطق تنموية حساسة، تشهد تنافسًا محمومًا من القوى الدولية الكبرى؟

من جهة أخرى، تظهر كينيا كمثال عملي لهذه الاستراتيجية، حيث قامت بتمديد اتفاقية شراء الوقود بنظام الدفع الآجل مع شركات خليجية مثل “أدنوك” و”أرامكو” السعودية، هل يمكن اعتبار هذه الاتفاقية مجرد دعم مستمر للاقتصاد الكيني، أم أنها وسيلة لدول الخليج لزيادة الضغط على البلدان الأفريقية لتسهيل الصفقات المستقبلية؟

هل أفادت أفريقيا حقًا من هذه الشراكات؟

ربما تساهم هذه الشراكات في الاستقرار الاقتصادي لبعض الدول الأفريقية، لكن هل تستفيد القارة فعلاً من هذه الاستثمارات الخليجية على المدى الطويل؟ هل تصب هذه الصفقات في مصلحة أفريقيا، أم أن المتحكمين في الموارد النفطية في الخليج يستفيدون أكثر من ذلك؟

إذًا، ماذا يعني هذا التوسع الخليجي في الطاقة الأفريقية بالنسبة لبقية قارة أفريقيا؟ هل يشكل هذا تهديدًا لسيادتها الاقتصادية، أم أن هذا التعاون يمثل فرصة لتطوير بنية تحتية مستدامة يمكن أن تحقق فائدة حقيقية للأجيال القادمة؟

خلاصة:

مع هذه الاستثمارات الضخمة، لا شك أن العلاقة الاقتصادية بين الخليج وأفريقيا ستظل تشهد تطورًا مستمرًا، إلا أن السؤال الأكبر يبقى: هل ستتمكن أفريقيا من استخدام هذه الفرص لتحقيق تنمية شاملة ومتوازنة، أم أنها ستظل تحت رحمة القوة الاقتصادية الطارئة لدول الخليج؟

هل تشكل هذه التحركات الخليجية فرصة حقيقية لأفريقيا، أم أنها مجرد بوابة لفرض الهيمنة الاقتصادية والتجارية؟