7500 مليونير في المغرب: بين بريق الأرقام وظلال العدالة الاجتماعية

0
128

لم يعد خبر وجود أثرياء مغاربة يتجاوزون عتبة المليون دولار مفاجئاً. الجديد اليوم هو أن عددهم قفز إلى 7500 مليونير، ما يضع المغرب في المرتبة الثالثة إفريقياً، خلف جنوب إفريقيا ومصر.

لكن وراء هذا البريق الرقمي، يفرض الواقع أسئلة ثقيلة: كيف وُلدت هذه الثروات؟ وفي أي قطاعات تراكمت؟ والأهم، ماذا أضافت إلى حياة ملايين المغاربة الذين يواجهون صعوبات يومية مع البطالة وغلاء المعيشة؟

ثروة تتسع.. وفجوة أعمق

تقرير الثروة الإفريقية 2025 يرسم صورة لافتة: المغرب من بين الدول الإفريقية القليلة التي سجلت نمواً قوياً في عدد الأثرياء (+40% خلال عقد واحد). غير أن هذا النمو يوازيه واقع اجتماعي متناقض:

  • 7500 مليونير يراكمون الثروات.

  • ملايين من المواطنين يعيشون بدخل يومي لا يتجاوز 50 درهماً.

هل نحن أمام قصة نجاح اقتصادي حقيقية، أم أمام وجه آخر لاقتصاد مزدوج: نخبة تتحرك في أبراج زجاجية، وطبقات عريضة تظل عالقة في الهشاشة؟

إنتاج أم ريع؟

التقرير يلمح إلى مصادر الثروة: العقار والسياحة، القطاع المالي، الاستثمارات الأجنبية. لكن لا يقدم جواباً حاسماً عن سؤال الشارع المغربي: هل هذه الثروات ناتجة عن إنتاجية اقتصادية حقيقية، أم عن احتكارات وصفقات وريع يعيد إنتاج نفسه؟

أربعة مليارديرات.. وغياب الطبقة الوسطى

المغرب يضم اليوم 35 ثرياً تفوق ثرواتهم 100 مليون دولار، بينهم أربعة مليارديرات. غير أن المقلق أن هذه الأرقام لا تترافق مع صعود طبقة وسطى قوية، بل مع تراجع قدرتها الشرائية.
فإذا كانت الثروة تتركز بيد قلة، فكيف يمكن أن تنعكس إيجاباً على ملايين الشباب الباحثين عن فرصة عمل أو أسرة تقاوم ارتفاع الأسعار؟

ملاذ للأثرياء.. لكن إلى متى؟

مراكش، الدار البيضاء، والرباط أصبحت وجهات استثمارية ووجهات عيش مفضلة للأثرياء الأفارقة والأجانب. هذا مكسب يعكس صورة المغرب كبلد استقرار.

لكن الرهان الحقيقي ليس في استقطاب الثروة فقط، بل في توجيهها نحو إنتاج فرص عمل وتنمية محلية، حتى لا يبقى المغرب مجرد “منتجع فاخر” للأثرياء، بل اقتصاداً قادراً على تحقيق التوازن الاجتماعي.

الخلاصة: ما بين الرقم والسؤال

أن يمتلك المغرب 7500 مليونير إنجاز رقمي لا جدال فيه، لكنه يظل ناقصاً ما لم يتحول إلى قوة دفع للتنمية. التحدي اليوم ليس في تعداد الثروات، بل في ضمان أن يشعر 37 مليون مغربي بأن جزءاً من هذه الثروة ينعكس على تعليم أبنائهم، صحة أسرهم، وفرص مستقبلهم.

فالرقم وحده لا يكفي.. والسؤال يبقى مفتوحاً: هل نحن أمام ثروة تصنع التنمية، أم أمام فوارق تعمّق الهوة؟