ارتفعت العائدات المالية لتحويلات المغاربة المقيمين في الخارج في الأشهر المنقضية من السنة الحالية، وحققت رقماً قياسياً مقارنة بالمداخيل المسجلة من تحويلاتهم في السنة السابقة، وقد فاقت في حجمها مداخيل قطاع السياحة الذي شهد تراجعاً متأثراً بأزمة “كوفيد-19”.
وتشهد تحويلات المغاربة بالخارج نسقاً تصاعدياً منذ سنوات، وأضحت من أهم موارد البلاد من العملة الصعبة.
وكشف مكتب الصرف بالعاصمة الرباط، أن تحويلات المغاربة المقيمين بالخارج بلغت قيمتها إلى غاية متم شهر أكتوبر الماضي ، حوالي 79.66 مليار درهم مقابل 55,59 مليار درهم في الفترة ذاتها من السنة الفارطة.
وأوضح المكتب، في نشرته الخاصة بالمؤشرات الشهرية للتجارة الخارجية لشهر أكتوبر، أن هذه التحويلات ارتفعت بنسبة 43.3 في المائة أي بما يعادل 24.07 مليار درهم.
كما سجلت النشرة ارتفاعا في الميزان التجاري للخدمات بفائض حددت نسبته في 7.1 في المائة منتقلا إلى 53.82 مليار درهم.
وبشكل مفصل ، فقد تحسنت الصادرات بنسبة 9.1 في المائة لتصل إلى 114.95 مليار درهم مع نهاية أكتوبر 2021 ، وكذلك الشأن بالنسبة للواردات التي ارتفعت هي الأخرى بنسبة 10.9 في المائة ( 61.13 مليار درهم ).
وفيما يخص الأسفار، المكون الرئيسي لتجارة الخدمات ، فقد سجلت فائضا بقيمة (28.53 مليار درهم) ، حيث استقرت نسبيا بالمقارنة مع ما تم تسجيله في نهاية أكتوبر 2020 ، وخلال الفترة التي سبقت أزمة كوفيد -19 ، إذ سجل هذا الرصيد انخفاضا صافيا بنسبة 59.6 في المائة.
وبلغت المصاريف 8.73 مليار درهم خلال الفترة ذاتها ، مقابل 8.82 مليار درهم مع متم شهر أكتوبر 2020 ، و 17.72 مليار درهم خلال الأشهر العشرة الأولى من سنة 2019 .
7 ملايير دولار في 2020
كشف وزير الاقتصاد والمالية السابق محمد بنشعبون، أن حوالي 10 في المئة من تحويلات المغاربة المقيمين بالخارج، التي بلغت قيمتها برسم سنة 2020 ما مجموعه 68 مليار درهم (أي ما يزيد عن 7 ملايير دولار أميركي)، توجه نحو الاستثمار، خاصة في الأراضي والعقارات.
وأبرز في جلسة عمل عقدها الاتحاد العام لمقاولات المغرب حول فرص الاستثمارات بالمغرب أن حوالي 15 في المئة من هذه التحويلات يتم تحصيلها عن طريق المدخرات، في حين أن معظم هذه التحويلات موجهة نحو التضامن والدعم العائلي.
في المقابل، جاء ضمن تقرير “موجز الهجرة والتنمية 34″، الذي أصدره البنك الدولي، أن التحويلات المالية إلى المغرب بلغت خلال السنة الماضية حوالي 7,4 مليارات دولار، ما يمثل 6,5 في المئة من الناتج الداخلي الخام، مقابل 6,9 ملايير دولار خلال سنة 2019، وهو المبلغ نفسه المسجل أيضا سنة 2018.
ويحتل المغرب، حسب نفس التقرير، المرتبة الثانية من حيث تلقي تحويلات الجالية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، بعد مصر التي استقبلت تدفقات مالية من جاليتها في الخارج بحوالي 29,6 مليار دولار، وتأتي لبنان في المرتبة الثالثة بـ6,2 مليارات دولار، ثم الأردن في المرتبة الرابعة بـ3,9 مليارات دولار.
حسب الأستاذ جواد النوحي، فإن هذه التحويلات تساهم في “رفع احتياط النقد الأجنبي في المغرب، حيث إن عشرين في المئة من هذا الاحتياطي كان مصدرها تحويلات الجالية المغربية في العام الماضي. كما أن هذه الأموال التي تأتي من الخارج تساهم في الدورة الاقتصادية، حيث إن جزءا كبيرا يذهب إلى الاستثمار وجزءا أكبر يذهب إلى دعم الأسر؛ وحسب المعطيات فإن ثلاثة أرباع التحويلات هي عبارة عن دعم للأسر والأهل في المغرب”.
كما أكد أستاذ المالية والسياسات العمومية، بجامعة محمد الخامس بالرباط في حديث سابق أن هذه الأموال تمكن الأسر من الاستهلاك وبالتالي أداء الضرائب. كما أنها تلعب دورا اجتماعيا، بحيث توفر مدخولا مستمرا لعدد من الأسر، في وقت عانت فيه دول أخرى من تراجع تحويلات مواطنيها بالخارج بسبب الجائحة والأزمة التي خلفتها”.
توقع بارتفاع التحويلات
رفع بنك المغرب توقعاته المتعلقة بتحويلات المغاربة المقيمين بالخارج إلى 71,9 ملايير درهم برسم سنة 2021.
وأوضح البنك المركزي، في بلاغ عقب اجتماعه الفصلي الأول لسنة 2021، أنه “بعدما أبانت تحويلات المغاربة عن متانة جيدة سنة 2020 إذ ارتفعت بنسبة 5 بالمائة إلى 68 مليار درهم، يرتقب أن تصل إلى 71,9 مليار درهم سنة 2021، وإلى 73,4 مليار درهم في 2022”.
واعتبر جواد النوحي أن هذا الارتفاع المتوقع، طبيعي ومنطقي. وأضاف قائلا: “يجب ألا ننسى أن عدد المغاربة المقيمين بالخارج يبلغ حوالي 5 ملايين نسمة، أي ما يمثل 12 في المئة من سكان المغرب. وتنتشر هذه الجالية في أكثر من مئة دولة، و85 في المئة منها تتواجد بالقارة الأوروبية”.