9,7 مليار درهم إيرادات «الأسماك المغربية» خلال سنة 2022..ثروة سمكية وواجهتان بحريتان لكنها لا تصل المواطن؟!

0
440

بلغ عدد السفن الموجهة إلى أعالي البحار 452 باخرة، منها 333 عاملة بسعة 147 ألف طن في الحمولة الإجمالية المحلية، وبسرعة وقوة دفع تصل إلى 463.633 خيل بخاري (34095.12865875 كيلواط)، وكل هذه الوحدات موجهة إلى التصدير الخارجي(1). 

كشف المكتب الوطني للصيد بأن الكميات المفرغة من المنتجات المسوقة من الصيد الساحلي والتقليدي بلغت أزيد من 1,5 مليون طن سنة 2022، مسجلة ارتفاعا بنسبة 13 في المائة مقارنة مع سنة 2021.

وأوضح المكتب في تقريره الأخير الخاص بإحصاءات الصيد الساحلي والتقليدي في المغرب، أن قيمة هذه الكميات المفرغة تجاوزت 9,7 مليار درهم، بزيادة نسبتها 7 بالمائة مقارنة مع سنة 2021.

وحسب الأصناف، فقد سجلت قيمة تفريغ المحار، والأسماك السطحية، والقشريات ارتفاعا بنسبة 18 بالمائة إلى 1.232 طن، و17 بالمائة إلى 1,3 مليون طن)، و1 بالمائة إلى 6.832 طن، على التوالي. بالمقابل انخفضت قيمة تفريغ الطحالب (42 بالمائة إلى 11.849 طن)، والرخويات (12 بالمائة إلى 60.461 طن)، والأسماك البيضاء (4 بالمائة إلى 83.081 طن).

وحسب الموانىء، تم تفريغ ما مجموعه 18.318 طن من منتجات الصيد الساحلي والتقليدي في موانئ البحر الأبيض المتوسط خلال سنة 2022، بانخفاض بلغ 6 بالمائة. ومن حيث القيمة سجلت هذه الموانئ تراجعا بنسبة 11 بالمائة إلى 611,16 مليون درهم.

من جهتها، ارتفعت الكميات المفرغة على مستوى الموانئ المطلة على المحيط الأطلسي، من حيث الحجم، بنسبة 14 بالمائة إلى 1.492.949 طنا، ومن حيث القيمة، سجلت هذه الموانئ ارتفاعا بنسبة 8 بالمائة لتصل إلى أزيد من 9 مليار درهم. 

شهد المغرب في الأشهر الأخيرة ارتفاع في أثمنة المنتوجات السمكية في جميع أنحاء البلاد، ما يجعل هذه المادة الحيوية خارج قفة المواطن ذوي الدخل المحدود، رغم توفر المملكة على واجهتين بحريتين، البحر الأبيض المتوسط والمحيط الأطلسي.

يقول رئيس الجامعة الوطنية لحماية المستهلك، بوعزة الخراطي إن “هذا يعتبر حيفاً في حق المستهلك، إذ إن الوضع يجعل من هذا المستهلك لا يتناول سنوياً سوى أقل من 23 كيلوغراماً من السمك، رغم توفر المغرب على أكثر من 3400 كيلومتر من السواحل البحرية الغنية بأنواع مختلفة من الأسماك وفواكه البحر”.

ونبه الخراطي، في تصريح صحفي سابق، أن “ما يزيد الطين بلة هو نقص ملحوظ في تزويد السوق بالسمك المجمد الذي يتوجه إلى الأسواق الأوروبية، خصوصاً مع زيادة الطلب عليه مع قرب احتفالات السنة الميلادية”.

على مستوى شريط ساحلي يُقدر بـ3500 كيلومتر، يتوفر المغرب على ثروة سمكية مهمة ومتنوعة، إذ يبلغ عدد الأصناف المرصودة بالمنطقة الاقتصادية الحصرية للمملكة ما يقارب من 500 نوع، منها 60 نوعاً فقط يتم استغلالها، وفق المعطيات التي نشرتها وزارة الفلاحة والصيد البحري.

وتتوزع على الشريط الساحلي من السعيدية شرقاً إلى الكويرة جنوباً، نحو 22 ميناءً للصيد البحري، و44 نقطة تفريغ مجهزة، و62 سوقاً لبيع السمك بالجملة، فيما يتكون الأسطول الوطني للصيد البحري من 457 سفينة صيد، و2536 مركباً للصيد الساحلي، و17 ألفاً و278 قارباً للصيد التقليدي.

وعلى مستوى الإنتاج، سجل قطاع الصيد البحري السنة الماضية 2021، إنتاج 1.3 مليون طن من الإنتاج السمكي، بقيمة مقدرة بـ13.2 مليون درهم، مسجلاً انخفاضاً في الحجم بنسبة 1% عن سنة 2020 وزيادة في القيمة بنسبة 24%.

هذه الأرقام الأساسية في قطاع الصيد البحري، وخصوصاً توفر المغرب على واجهتين بحريتين، في مقابل غياب موائد الطبقات المتوسطة والهشة وذات الدخل المحدود من منتجات سمكية، اضطرت برلمانية حزب الحركة المعارض بمجلس النواب، فدوى محسن الحياني، إلى توجيه سؤال كتابي إلى وزير الفلاحة والصيد البحري، محمد الصديقي.

وتساءلت البرلمانية عن حزب الحركة الشعبية، حول “الأسباب الكامنة وراء ارتفاع أثمنة السمك في المملكة، والإجراءات الحكومية لجعلها في متناول كل الأسر المغربية”.

في جوابه، الذي اطلع عليه “المغرب الآن”، اعتبر وزير الفلاحة والصيد البحري، محمد الصديقي، أن “أثمنة الأسماك المتداولة على مستوى أسواق البيع بالجملة، والتي يشرف على تدبيرها المكتب الوطني للصيد، تخضع كما العديد من المنتجات، إلى منطق العرض والطلب”.

ولهذا “تتأثر هذه الأثمنة بعوامل متعددة، خاصة كلفة رحلات الصيد وما تتطلبه من وسائل لوجستيكية، بما فيها المحروقات التي أثر ارتفاع أثمانها خلال الفترة الأخيرة على نشاط سفن الصيد البحري”.

صورة أثارت غضب كثيرين.. طفل وضع شريطاً لاصقاً بدل الحذاء في سباق لألعاب القوى ..مغاربة يطالبون باستقالة رئيس جامعة ألعاب القوى

وأشار وزير الفلاحة والصيد البحري إلى تأثير الأحوال الجوية على نشاط سفن الصيد، إذ إن تغيرها يؤثر على وفرة المنتجات البحرية، وبالتالي ترتفع الأسعار في الأسواق.

إلى جانب ذلك، يشير المصدر ذاته، إلى أن “تكوين أثمان التقسيط لبيع المنتوجات السمكية تتأثر بدورها بمجموعة من العوامل، من بينها تكلفة النقل من مواقع البيع بالجملة إلى أسواق البيع بالتقسيط، وكلفة سلسلة التوزيع وهوامش ربح الوسطاء والباعة بالتقسيط، فضلاً عن ارتفاع الطلب”.

الوزير الوصي على القطاع، يلقي كل ثقل ارتفاع أسعار المنتوجات البحرية على ارتفاع أسعار المحروقات ووضعية الأحوال الجوية، وهو ما يؤكده المهنيون كذلك في تشخيصهم لأسعار بيع السمك.

يشدد رئيس الكونفدرالية المغربية لتجار السمك بالجملة، بوشعيب شادي، على أنهم “يدرسون منذ سنة هذا الإشكال، دون أن يتمكنوا من التوصل إلى خيط ناظم لتحديد منهجية إعادة النظر في أسعار السمك من أجل أن يستفيد المواطن من ثروة بلاده السمكية”.

وتابع شادي في تصريح صحفي، أنهم “كتجار سمك لا يمكنهم التدخل لدى الحكومة لتخفيض أثمنة المحروقات”، محملاً المسؤولية للحكومات السابقة “التي لم تدرس بشكل جيد مسألة رفع الدعم عن المحروقات، وبذلك هي تتحمل تبعات ما وصلت إليه الأسعار التي يكتوي بها جيب المواطن المغربي اليوم”.

وقال المهني في تجارة السمك بالجملة: “نحن مع طرح أن يستهلك المواطنون المنتوج السمكي بأقل تكلفة، لكن على الوزارة الوصية أن تساند هذا الأمر، إذ بإمكانها مثلاً أن تتقدم بملتمس لوزارة المالية من أجل تخفيض الاقتطاعات عند البيع الأول في الأسواق من أجل أن تكون أثمنة السمك في المتناول، خصوصاً أن هذه الاقتطاعات مجحفة في حق التاجر وفي حق المجهز معاً”.

أصيبت العديد من موانئ الصيد في المملكة بالشلل خلال الأيام الماضية، خصوصاً مع ارتفاع تكاليف الرحلات التي أثقلت كاهل بحارة الصيد، نتيجة ارتفاع أسعار المحروقات بشكل غير معقول.

ويؤكد الكاتب العام للنقابة الوطنية لموظفي وزارة الصيد البحري المنضوية تحت لواء الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، عبد الله الياسمي، أن السبب الرئيس في هذا الوضع الذي تشهده أسواق السمك في المغرب، يعود إلى “إضراب عدة مراكب الصيد بالجر على الخروج إلى البحر، نظراً لارتفاع أسعار المحروقات”.

وفي الأيام الأخيرة، خاضت عدد من أساطيل الصيد إضراباً، وهو ما شل حركة الصيد بالدار البيضاء وآسفي والمهدية (غرباً)، والقصر الصغير والعرائش (شمالاً)، وبني أنصار (شمال شرق)، والصويرة (جنوباً). 

وأشار الياسمي، في تصريح صحفي، إلى أن “العديد من رجال البحر تضرروا، خاصة البحارة الذين يشتغلون على متن هذه المراكب التي أصبحت لا تتحمل فاتورة المحروقات، ما انعكس على قلة أنواع الأسماك في السوق ومن ثمة ارتفاع أسعارها”.

تهدف “أليوتيس” التي  أطلقتها الحكومة عام 2009، إلى تحقيق تنمية وتنافسية في قطاع الصيد البحري، والرفع من قيمة الموارد البحرية بكيفية مستدامة، وزيادة الناتج الداخلي بثلاثة أضعاف في أفق 2020. 

وأوضح الفاعل النقابي في قطاع الصيد البحري، أن “المئات مما يسمى بالقوارب المعيشية، ومئات الإطارات الهوائية (تسمى محلياً بالشمبريرات)، وقوارب أخرى غير مرقمة بطريقة قانونية، تصطاد دون حسيب ولا رقيب”. 

وبلغ عدد السفن الموجهة إلى أعالي البحار 452 باخرة، منها 333 عاملة بسعة 147 ألف طن في الحمولة الإجمالية المحلية، وبسرعة وقوة دفع تصل إلى 463.633 خيل بخاري (34095.12865875 كيلواط)، وكل هذه الوحدات موجهة إلى التصدير الخارجي(1). 

ولم تفتح الدولة تحقيقا في الموضوع، وتركت الأرباح الواسعة تصل إلى جيوب الفاعلين الكبار، حيث استنزفت المخزون السمكي بـ”استغلال جائر”(3)، لذلك جاء في تقرير الاتحاد الأوروبي “أن الوضعية مختلطة بشأن تراجع احتياط الأخطبوط، وارتفاع صادرات المغرب وموريتانيا من هذه المادة إلى سوق الاتحاد”، مؤكدا أن الاستغلال الجائر للأخطبوط، يكشف على الوضع الغامض لهذه المادة التي يصدرها المغرب أساسا إلى إيطاليا، معوضا إسبانيا والمكسيك. 

تعمل بواخر أعالي البحار بمساعدة الأقمار الصناعية، ولذلك وصف الاتحاد الأوروبي هذا الصيد في المغرب، بالغامض، لتداخل مصالح الكبار في هذا النشاط، حيث نجد مثلا أن الإحصائية التي يدلي بها سعد التازي عن الإيرادات والبالغة 560 مليون دولار، تتجاوز الإحصائيات الدولية (516 مليون دولار) بـ 41 مليون دولار.

ولم يتأكد الأوروبيون من إخضاع هذه المبالغ للضريبة، أو توجيهها إلى التنمية، ولذلك، دافع نواب الاتحاد الأوروبي عن إدارة مباشرة لحصة الصحراء من الصيد البحري في الإقليم، بعيدا عن الإدارة المركزية في الرباط، وموقعين مع رئيسي الجهتين الترابيتين: العيون والداخلة.

ومنذ سنة 2015، عاد الاستغلال إلى حجم مقبول دون معرفة أي رقابة، لأن إعادة إنتاج الأخطبوط تدفع ثمنه الدولة، ووزارة الفلاحة تحديدا، ويستفيد منه النافذون الكبار، وفي 2016، نشر المعهد الوطني للدراسات البحرية، أن المخزون من الأخطبوط في المنطقة الأطلسية الجنوبية من المغرب، زادت نسبته، بسبب تقليص حجم الاستغلال وزيادة المراقبة.

وينتمي الأخطبوط إلى فئة الرخويات المستثناة من كل الاتفاقيات الدولية مع الاتحاد الأوروبي وروسيا واليابان، ولذلك، فإن كل هذه العائدات، تذهب إلى جيوب مغربية بشكل خاص، وما يمكن كشفه، أن الصيد البحري في أعالي البحار، موجه للتصدير ولا يدخل السوق الوطنية، كما يشكل الاتفاق حول الصيد البحري مع الاتحاد الأوروبي، واجهة أمام المواطنين وباقي الأجهزة ذات الصلة، لإبقاء الوضع القائم.