اشتعال التراشق الإعلامي بين حزب “الأحرار” و”البام” يقلق السلطات العليا في المغرب

0
554

هل ستتخذ السلطات المغربية إجراءات، للحدّ من التشهير وتقاذف الاتهامات بين حزب “التجمع الوطني للأحرار” (إئتلاف) وحزب ” الاصالة والمعاصرة” (معارضة)  وحزب “التقدم والاشتراكية” (معارضة) والشخصيات السياسية في المملكة ؟؟، وسط تحذير من خطورة هذا السلوك “غير الحضاري” الذي ينعكس على أمن واستقرار المجتمع المغربي.

الرباط –  في ما يشبه الحركات التسخينية استعداداً للانتخابات التشريعية التي ينتظر أن يشهدها المغرب شتنبر المقبل  من العام 2021،سواء تعلق الأمر بحزب “التجمع الوطني للأحرار” ضمن الأغلبية الحكومية،وبين أحزاب “الأصالة والمعاصرة” و”التقدم والإشتراكية” المعارضة. فيما تشير أصابع الاتهام إلى قياديين سياسيين باستغلال مناسبة رمضان وتوزيع الدعم على الفقراء في محاولة لحشد التأييد الشعبي والقيام بحملة انتخابية سابقة لأوانها.

وفي هذا الصدد، قال نزار بركة، الأمين العام لحزب الاستقلال (معارضة)، إن “خطورة تحالف المال والسياسة في البرلمان من أجل ممارسة الضغط لتمرير تعديلات على القوانين لخدمة المصالح الخاصة لبعض الشركات بعينها وتعزيز هيمنتها واحتكارها للسوق”، وذلك في رسالة وجهتها اللجنة التنفيذية للحزب، في هجوم جديد على حزب التجمع الوطني للأحرار ورئيسه عزيز أخنوش من دون أن يسميه. 

واتهم عبداللطيف وهبي، الأمين العام لحزب “الأصالة والمعاصرة”، خلال ندوة صحافية، أن موظفين بوزارة الفلاحة والصيد البحري التي يقودها الأمين العام لحزب التجمع الوطني للأحرار عزيز أخنوش، بأنهم يقومون بتوجيه أموال لصرفها في أهداف انتخابية وتخصيص ميزانيات لدعم القطاع الفلاحة لتغطية المصالح الانتخابية لحزب.

وقال عبداللطيف وهبي إن “صراع حزب الأصالة والمعاصرة مع حزب التجمع الوطني للأحرار غير متكافئ، حيث تمت في وزارة الفلاحة والصيد البحري التي يقودها أخنوش برمجة عدد من المشاريع في الأشهر الأخيرة، فهل كانت هذه المشاريع موجهة لمصلحة المواطن أم لخدمة الانتخابات؟”.

وأوضح “لا يُعقل أن مدراء جهويين تابعين لوزارة معينة يقومون بالحملة الانتخابية مع التأثير على رجال السلطة”، في إشارة إلى وزارة الزراعة.

وتابع الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة “أشرنا إلى رئيس الحكومة بكون وزراء في الحكومة (في إشارة إلى عزيز أخنوش) يقدمون خدمات انتخابية تمس بالتنافس الشريف وبالمساواة في الفرص، وإذا لم يتم حل هذا الإشكال سنضطر إلى الدخول في مواجهة أكبر”.

وفي رد على سؤال طرحه البرلماني مصطفى بايتاس “أحد المقربين الأوفياء” بخصوص “أشياء قيلت على لسان أمين عام الأصالة والمعاصرة دون ذكر اسمه”، قال أخنوش أمام البرلمان الاثنين إن هناك “من يزرع العمل، وهناك من يزرع الكلام فقط”، مشددا على أن مشاريع وزارته موجودة في كل المناطق والجهات ولا أحد يمكنه إيقافها وستبقى مستمرة حتى آخر لحظة”.

ونوه أخنوش بموظفي وزارته مشددا على أنهم ولفترة 14 سنة كاملة وهم يحملون أعباء القطاع على أكتافهم وعليهم “ألا يهتموا بأي أحد، وأن يستمروا في عملهم”.

ويرى مراقبون أن هذا الأسلوب الاستفزازي هدفه إفقاد الطرف الآخر توازنه بالطعن في مصداقيته ونزاهته، لكسب أكبر عدد من المناضلين داخل الحزب.

وأكد رشيد لزرق أستاذ العلوم السياسية أن “ترشح رجال أعمال في الاستحقاقات القادمة سيكون مكثفا، وهذا يعود لانفتاح المشهد السياسي ورغبة هؤلاء في الاقتراب من مواقع القرار بعد أن كانوا إلى وقت قريب يمثلون رجال الظل الذين يقفون في الصف الثاني ويدعمون سياسيين يوفرون لهم الدعم المالي من أجل الوصول إلى البرلمان وخدمة مصالحهم ومصالح قطاعاتهم”.

واعتبر لزرق في تصريح لـ”العرب”، أن “التراشق بالاتهامات بين الأحرار والأصالة والمعاصرة يعود إلى اعتماد كلا الحزبين على رجال الأعمال في عملية الوصول إلى الغرفة الأولى للبرلمان (مجلس النواب)”.

وقال  محمد أوجار، القيادي في حزب التجمع الوطني للأحرار، في رد على عبد اللظيف وهبي ،أن “من يدعي أنه حقوقي لا يمكن له أن يسمح لنفسه بالتهجم والقدف؛ لأن قيادات كثيرة في حزب الأصالة والمعاصرة عليها أحكام قضائية، ونتعفف عن إثارة هذا الأمر”، واصفا “تصريحات وهبي بالشعبويات التي تفقد المغاربة الثقة في السياسة”، داعيا إلى ميثاق شرف للعمل الحزبي والسياسي ينتصر للوطن وينهي مع الصراعات.

وبخصوص الهجوم على حفيظ العلمي، كشف ضيف برنامج “نقاش في السياسة” أن “الرجل دفع أكبر مساهمة ضريبية لشخص ذاتي في المغرب في سنة واحدة مليار و140 مليون درهم أي (114 مليار سنتيم)، موضحا “أن المال موجود في جميع الأحزاب؛ لكن المال الفاسد هو الذي يجب أن يحارب، وهو ما يوجد في جل الأحزاب وأتعفف عن إثارة الأسماء والأشخاص”.




ويرى أستاذ القانون الدستوري والعلوم السياسية، محمد فقيهي ، في تصريح لـ “العرب”، أن “حزب التجمع الوطني للأحرار لن يستطيع اكتساح السباق الانتخابي، خاصة أن له تاريخا طويلا من النتائج المتواضعة رغم ما يتمتع به من قوة ضاربة على المستوى المالي واللوجيستي، إلا أنه على مستوى قاعدته ليست له القوة الكافية للتعمق داخل الساحة الشعبية”.

يأتي ذلك فيما تتبادل كتل سياسية وأحزاب وشخصيات اتهامات بالفساد، وغيرها من التهم، عبر منصّات التواصل الاجتماعي والتصريحات المباشرة، الأمر الذي يدفع باتجاه خلق أزمات سياسية خطيرة.

ويؤكد قانونيون، أنّ التهم المتبادلة عبر المنابر الإعلامية في البلاد، من الممكن أن تدخل في قضايا قانونية، لكونها قضايا تشهير وتهم من شخصيات وجهات لأخرى، ومن دون تقديم الأدلة والوثائق. 

نخشى  من خطورة انعكاس المراشقات الإعلامية والتهم المتبادلة بين حزب “التجمع الوطني للأحرار” وحزب ” الاصالة والمعاصرة” وحزب “التقدم والاشتراكية” ، على الشارع المغربي، من خلال تأثير مطلقيها في أوساطهم الشعبية والجهوية.

وتتهم أطراف سياسية حزب “التجمع الوطني للأحرار” بمحاولات الاستحواذ على أعضاء الأحزاب في مناطق مغربية استعدادا لمعركة الانتخابات المقبلة، دون الكشف عن هوية المنتخبين والبرلمانيين والسياسيين الذين انضموا إلى الحزب.

وحسب رأي عدد من السياسيين فإن السياحة الحزبية في المغرب لعبة غير أخلاقية تُبين مدى تدني الالتزام الحزبي والسياسي بين التنظيم والمنخرط في صفوفه. ويستنتج هؤلاء أنه لا بد من وضع حد للسياحة الحزبية التي تساهم في خلخلة التوازن بين الأغلبية والمعارضة، كما تؤثر سلبا على العمل الحكومي، بالإضافة إلى كونها تكرس العزوف الانتخابي لدى المواطن.

وعرف إقليم تارودانت،، مؤخرا استقالات لقيادات مؤثرة في حزب الأصالة والمعاصرة ، والأمر يتعلق بمستشارين بكل من جماعات الخنافيف وسبت الكردان والمهادي، وقد وجهوا استقالاتهم إلى المنسق الإقليمي لحزب الأصالة والمعاصرة بإقليم تارودانت، دون أن يوضحوا الأسباب التي دفعتهم إلى الاستقالة.

وتأتي هذه الاستقالات الجماعية مباشرة بعد استقالة  القيادي البارز بالحزب ورجل الأعمال المعروف بإقليم تارودانت يوسف الجبهة من هياكل الحزب وانضمامه للتجمع الوطني للأحرار، إلى جانب 25 مستشارا جماعيا ينتمون إلى نفس الحزب، كما شهدت جماعات أخرى سيناريو مشابها، لأعضاء منخرطين بمحليات “التراكتور”. 

وقبل أسابيع قدم عدد من المنتخبين بمجلس الرباط المحلي استقالاتهم من حزب الأصالة والمعاصرة والتحقوا بحزب التجمع الوطني للأحرار احتجاجا على ما أسموه “حرب التزكيات” التي اندلعت داخل الحزب بجهة الرباط على خلفية الاستحقاقات الانتخابية المقبلة. في وقت كان حزب العدالة والتنمية هو كذلك، قد اهتز على وقع استقالة 10 أعضاء  بجماعة افريجة، ما يؤكد، وفقا لمراقبين، أن “حمى الانتخابات بدأت تشتد مع اقتراب موعدها”.