في ظل البطالة والوضع الاقتصادي الراكد، تتزايد محاولات المغاربة للوصول إلى أوروبا بحثاً عن مستقبل أفضل. الأيام الأخيرة شهدت زيادة في رحلات الهجرة المنطلقة من شمال المغرب بعد تدفّق نحو 10 آلاف مهاجر إلى جيب سبتة (المحتلة).
“ما أطيبك من بلد، وأحبك إليّ، ولولا أن قومك أخرجوني منك ما سكنت غيرك” نطقها سيد البشر عليه الصلاة والسلام، الذي لا ينطق عن الهوى، بعد أن تحمل أنواع الأذى والذل والهوان من قبل ساكني مكة، وفي هذا السياق يمكننا الجزم بأن الإنسان بغريزته الفطرية يهوى حبه لوطنه لما يربطه به من مشاعر وجدانية، فهو شعور فطري، ننمو ونكبر فيزداد حب الوطن في قلوبنا وعلى شرايين دمائنا يتحرك، فلا شيء يضاهي دفء الأرض التي ولدنا على ترابها، واستنشقنا هواءها، ونمت أبداننا من نعيمها وخيراتها، إلا أن الحياة لا تكتمل بكمال خيراتها فحسب، فلا بد من أمن يضمن لنا حقوقنا لتكتمل لنا مقومات الحضارة التي ذكرها لنا ربنا تبارك وتعالى في سورة قريش بقوله “الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف”، فالحياة تكتمل بالاقتصاد والأمن فلا اقتصاد بلا أمن، والهجرة سببها انعدام الاقتصاد والأمن.
افي هذا الصدد، علق وزير الشغل والإدماج المهني، محمد أمكراز، التي اعتبرها أنها خطابات سوادوية موجهة للمغاربة وللشباب بالخصوص على صغر سنهم في هجرة جماعية نحو 10 آلاف مهاجر إلى جيب سبتة (المحتلة) الأسبوع الماضي.
ويأتي تعليق وانتقاذ المحامي وزير الشغل خلال جلسة الأسئلة الشفوية الأسبوعية بمجلس النواب، رداً على سؤال للنائبة لبنى الطاهري حول أي استراتيجية التشغيل كبديل للهجرة السرية للشباب عبر قوارب الموت.
وأضاف “نسمع بعض الكلام الذي يسود كل شيء وكأننا في بلاد لا نعرفها، لأني عندما آتي للبرلمان وأسمع بعض الكلام أتصور نفسي أني لست في المغرب”.
وأكد أن الأمر لا يتعلق بشباب في سن الشغل، لم يتوفر لهم الشغل فذهبوا نحو الهجرة، بل شباب في المدرسة وأقل من ذلك، وبالتالي فالأمر لا يتعلق بفشل الاستراتيجية الوطنية للتشغيل.
وأضاف ” النتائج التي نحصدها اليوم هي نتيجة تراكمات سابقة لمن دبروا التشغيل، مشيرا أنه لا داعي لذكر بعض الوقائع التي شكلت مآسي فيما قبل.
وشدد على أن الاستراتيجية الوطنية للتشغيل حققت الكثير من النتائج، موضحا في ذات الوقت أن موجات الهجرة السرية في بلادنا تراجعت بالمقارنة على ما كانت عليه في السنوات السابقة والإحصائيات تؤكد ذلك، لأنه في السنوات الماضية كنا نرى مآسي الهجرة السرية يوميا.
وزاد ” انخفاض أعداد المهاجرين السريين يؤكد أن الأوضاع في بلادنا تحسنت، سواء في التدريس أو سوق الشغل، مبرزا أن هناك عصابات إجرامية على المستوى الدولي تنشط في مجال الهجرة السرية وتحقق أرباحا كبيرة.
وتابع ” كاملين كيبقا فينا الحال فاش كنشوفو مغربي خارج من بلادو بطريقة مهينة”، لكن أسباب الهجرة غير مرتبطة فقط بعدم الحصول على شغل بل لأن هناك عصابات إجرامية دولية تنشط في الهجرة السرية، مشيرا أنه منذ عام ونصف وهو في الحكومة وبعض الألفاظ لم يسمعها إلا مع اقتراب الانتخابات.
وكشف تقرير رسمي صدر حديثًا في المغرب أن ارتفاع معدل البطالة خلال العام الماضي شمل جميع الفئات العُمرية، خاصة الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و24 سنة، منتقلًا من 24,9% إلى 31,2%.
وقدّرت «المندوبية السامية للتخطيط» (مؤسسة رسمية خاصة بالإحصاء) ارتفاع أعداد العاطلين عن العمل بـ322 ألف مغربي ومغربية ما بين 2019 و2020، منتقلًا من مليون و107 آلاف عاطل إلى مليون و429 ألف عاطل، ما يعادل زيادة بنسبة 29%.
وسجل تقرير هذه المؤسسة ارتفاعًا في معدل البطالة ما بين سنتي 2019 و2020 منتقلًا من 9,2% إلى 11,9% خاصة بين الشباب والنساء وحاملي الشهادات، لافتًا إلى أن هذا الارتفاع ناتج عن زيادة قدرها 224 ألف عاطل في الوسط الحضري (المدن) بالإضافة إلى 98 ألف عاطل في الوسط القروي (الأرياف).
وما زال سوق العمل في المغرب يعاني الأمرَّين بسبب تداعيات فيروس «كوفيد 19» بسبب فقد عدد من القطاعات الوظائف، وتعطيل عجلة السياحة، وتعليق جزئي لأنشطة مصانع إنتاج وتجميع السيارات، وكذلك توقيف عدد من القطاعات، ما أدى إلى تراجع الصادرات بسبب تراجع الطلب العالمي.
ارتفع معدل بطالة الحاصلين على شهادات عليا، ليصل إلى 23,9% مسجلًا ارتفاعًا كبيرًا بالنسبة لحاملي الشهادات الممنوحة من طرف الجامعات بمعدل 26,1% ثم حاملي شهادات التقنيين الممتازين والتقنيين المتخصصين كأعلى معدل وصل إلى 30,6%.
خلال سنة 2020 بلغت نسبة العاطلين عن العمل الذين سبق لهم أن اشتغلوا 56,2% مسجلة ارتفاعًا بـ13,5 نقطة مقارنة بسنة 2019. في المقابل، انخفضت نسبة الباحثين عن العمل لأول مرة، لتصل 43,8% سنة 2020 مقابل 57,2% خلال السنة الماضية.
وارتفع عدد العاطلين الذين سبق لهم أن اشتغلوا بـ331 ألفًا ما بين 2019 و2020 لينتقل العدد من 473 ألف عاطل إلى 804 على مستوى البلاد ككل، مقابل انخفاض بنسبة 8 آلاف بالنسبة للعاطلين الذين لم يسبق لهم أن اشتغلوا.
ويرى المحلل الاقتصادي عبد النبي أبو العرب أن أرقام المندوبية منتظرة وغير مفاجئة في ظلِّ ما يعيشه العالم، لافتًا إلى أن مُجمل الأنشطة التجارية والاقتصادية في العالم والمغرب تضررت بسبب الجائحة، قائلًا: «رغم ذلك، لم يكن للوباء تأثير كارثي على مستويات التشغيل في المغرب، بالنظر إلى كل إجراءات المساندة التي اتخذتها الحكومة لتعويض الأجراء الذين تم توقيفهم عن العمل».