لا يزال تبادل الإدانات والاتهامات بين الأحزاب المغربية يغزو المشهد السياسي، على بعد أشهر من الانتخابات البرلمانية والمحلية.
وآخر الاتهامات، أدان المكتب السياسي لحزب الأصالة والمعاصرة بـ “التصرفات السياسية غير المسؤولة، والإغراءات المادية التي يوظفها البعض للنيل من الحزب، مؤكدين أن مثل هذه التصرفات لا تمس بمبدأ تكافؤ الفرص بين الجميع فقط، بل تسيئ للعملية الديمقراطية برمتها”.
جاء ذلك، في بيان للمكتب السياسي عقب اجتماعه أول أمس الخميس، وصل موقع “لكم”، نظير منه.
وارتباطا بالموسم الدراسي الذي يوشك على نهايته، نبه أعضاء المكتب السياسي لـ” الاختلالات العديدة التي شابت امتحانات نهاية السنة، خاصة بالنسبة لامتحانات البكالوريا والدراسات الجامعية، والتي لم تكن سوى نتيجة طبيعية للتمييز وانعدام تكافؤ الفرص على امتداد السنة الدراسية، بسبب التفاوتات في عملية التلقي والتعلم في زمن الجائحة بين القطاع الخاص والعمومي”.
وعرى التنظيم السياسي للبام “أعطاب نظام التعلم عن بعد الذي أفضى إلى اختلالات عميقة في القطاع، وجب تداركها لتحقيق الإنصاف وسط التلاميذ والطلبة”.
وفيما يخص موضوع النموذج التنموي الجديد الذي تم تقديمه من طرف اللجنة المختصة، وما خلص إليه من ضرورة بلورة ميثاق وطني خاص بالتنمية بمشاركة جميع القوى الحية بالبلاد، دعا أعضاء المكتب السياسي لـ”الإسراع بإخراج هذا الميثاق وجعله لبنة أخرى من لبنات بناء المغرب الديمقراطي الحداثي، متمنين أن تصاحب هذا الميثاق خطوات انفراج سياسي في بعض الملفات الحقوقية، لتكون حافزا إضافيا لدخول غمار الاستحقاقات المقبلة في أجواء سياسية وديمقراطية مفعمة بالحماس، ستعزز لا محالة من المشاركة الشعبية في مختلف أطوار مسلسل هذه الاستحقاقات”.
وفيما يتعلق بالشأن الحزبي الداخلي، وقف أعضاء المكتب السياسي على مضمون تقرير جديد مقدم من قبل اللجنة الوطنية للانتخابات، مؤكدا التقدم الكبير والنتائج الجيدة التي بلغتها إلى حدود اليوم، سواء ما تعلق بترشيحات الغرف المهنية، أو استحقاقات مجلس النواب ومجالس الجهات والجماعات”.
وعبر التنظيم السياسي لحزب الأًصالة والمعاصرة أنه “جاهز أكثر من أي وقت مضى لكسب مختلف الرهانات والاستحقاقات المقبلة”، وفق تعبيرهم.
المكتب السياسي لحزب الأصالة والمعاصرة ينبه للتصرفات السياسية غير المسؤولة التي يوظفها البعض للنيل من الحزب
ونزل حزب “التجمع الوطني للأحرار” بثقله منذ أيام، بعد أن أعلن عن برنامجه الانتخابي المفصل والدقيق، حيث كشف أمينه العام عزيز أخنوش بمدينة أكادير أن تصويت المغاربة على وصول حزبه إلى رئاسة الحكومة المقبلة بعد الانتخابات التشريعية في شهر سبتمبر المقبل، سيمكن الحزب من تطبيق هذا البرنامج المنبثق من مشاركة المواطن في “برنامج 100يوم 100 مدينة” والذي وسمه بـ “برنامج المعقول”، الذي سيمكن المملكة من الإقلاع التنموي والاقتصادي، وذلك عبر تحقيق خمس التزامات أولية.
وحددت الالتزامات الخمسة كالآتي: خلق مليون منصب شغل في السنة، وإصدار بطاقة “رعاية” لوضع حد لمعاناة المواطنين مع مصاريف العلاج والحاجة، وأداء ألف درهم مغربي لكل المغاربة البالغين 65 سنة فما فوق والذين يوجدون في وضع هشاشة، وأداء 300 درهم لكل طفل متمدرس في حدود ثلاثة أطفال لمحاربة الهدر المدرسي وضمان التعليم للأطفال، ثم الرفع من أجرة أستاذ التعليم الابتدائي بدمجه بأجرة 7500 درهم بدل 5500 المعمول بها حاليا.
ولأن هذه الالتزامات والوعود لقيت انتقادات واسعة في وسائل التواصل الاجتماعي، فإن أمين عام حزب “التجمع الوطني للأحرار”، المشارك في الحكومة الحالية بحقيبة وزارة الفلاحة والصيد البحري، والذي أثيرت حوله الكثير من القضايا، ومن بينها قضية المحروقات، قد رد على المشككين في برنامجه بمدينة طنجة بالقول: “مليون منصب شغل قادرين عليها، وعندنا الكفاءات لتحقيقها”، مضيفا أن الحزب يقترح خلق 250 ألف عمل مؤقت على مدى سنتين.
اعتبر سلمان بونعمان، أستاذ العلوم السياسية في جامعة سيدي محمد بن عبد الله (حكومية) بفاس (شمال)، أن “تبادل الاتهامات بين الأحزاب السياسية يدخل في باب الشعبوية الانتخابية، كنوع من المنافسة التي تركز على فكرة تحطيم الخصم واغتياله معنويا”.
وأضاف بونعمان لـ “الأناضول”: “بدل أن تكون المرحلة الحالية فرصة لنقاش الأفكار والبرامج والتصورات في قضايا الديمقراطية والتنمية.. تلجأ الأحزاب إلى هذا النوع من السجال”.
ورأى أن “الخطاب السياسي انجر إلى أشكال من الاستقطاب والشعبوية التي تضر بمصداقية العمل السياسي وتكرس أزمة الثقة بين المواطنين والأحزاب”.
وشدد على أن “هناك حاجة ملحة للارتقاء بالخطاب السياسي الموجه للناخبين والمجتمع”.
بحسب عبد الحفيظ اليونسي، أستاذ القانون الدستوري في جامعة الحسن الأول (حكومية) بسطات (شمال)، فإن “تبادل الاتهامات والتراشق الإعلامي بين الأحزاب السياسية مسألة عادية ومألوفة في الممارسة الحزبية بالمغرب، تحصل عند كل محطة انتخابية”.
وأضاف اليونسي لـ “الأناضول”: “أصبح مألوفا قبل كل انتخابات أن يتم استخراج ملفات لضرب الخصوم”.
واستدرك: “لكن التحول الذي حصل هذه المرة، أن الحزب الذي كانت توجه إليه أصابع الاتهام منذ انتخابات 2007 هو العدالة والتنمية، قبل أن يتم تحويل الوجهة اليوم نحو التجمع الوطني للأحرار”.
ولفت إلى أن “توجيه أحزاب المعارضة (“الأصالة والمعاصرة” و”الاستقلال” و”التقدم والاشتراكية”) و”العدالة والتنمية” مجتمعة خطاب النقد إلى “التجمع الوطني للأحرار” سيؤدي إلى عزلته”.
وشدد على أن “المشكلة اليوم تكمن في أن التراشق الحاصل لا يهم المواطن في شيء، وهو ذو طبيعة سياسية صرفة، ما سيكرس العزوف عن الانتخابات وفقدان الثقة في الأحزاب السياسية”.