انتقدت النقابة الوطنية للصحافة المغربية طريقة تعامل عدد من وسائل الإعلام الجزائرية مع دعوة الملك المفدى محمد السادس في ذكرى اعتلائه العرش الجزائر الى الارتقاء بالعلاقات الى مستوى “التوأمة المتكاملة” عبر حوار من غير شروط، متحدثا عن مسؤولية سياسية واخلاقية يتحملها قادة البلدين اذا استمر اغلاق الحدود..
وقالت إنها اجتهدت في إبطال ما تتيحه هذه الفرصة التاريخية بكثير من المعالجات الإعلامية التي بدت موحدة منسجمة، وكأنها صادرة عن جهة واحدة، ووصفت تلك المعالجات بكونها “تفتقد إلى أبسط شروط المهنية وأخلاقيات هذه المهنة النبيلة”، مشيرة إلى أنها “اكتظت بمضامين العداء وبعبارات السب والقذف.”
وقالت النقابة في بيان تلقت “المغرب الآن” نسخة منه، الأربعاء، إنها تابعت ما نشرته العديد من المؤسسات الإعلامية الجزائرية خلال الأيام القليلة الماضية، خصوصا بعد الخطاب الملكي الذي وجهه الملك محمد السادس بمناسبة تخليد الذكرى الثانية والعشرين لعيد العرش، والذي تميز بتوجيه الدعوة للمسؤولين الجزائريين، وفي مقدمتهم رئيس الجمهورية الجزائرية، لتجاوز مخلفات الماضي والبداية في بناء علاقات ثنائية جديدة تعود بالنفع على شعبي البلدين.
وتسجل النقابة أن دور وسائل الإعلام يتمثل أساسا في المساهمة في التعبئة بما يمكن من تجاوز الصعوبات، وبما يحقق مصالح الشعوب عبر التعاون والتآزر والتضامن. وأضافت أن وسائل الإعلام المغربية والجزائرية كانت، وماتزال، مدعوة إلى استثمار الفرص التي تتيحها التطورات في اتجاه تحقيق التقارب والمصالحة بين القطرين الشقيقين اللذين دفعا ثمن الأزمات المتتالية بين البلدين غاليا، فيما يتعلق بتحقيق التنمية والتطور وتحسين ظروف العيش الكريم.
ولاحظت أن كثيرا من وسائل الإعلام الجزائرية حادت عن هذه الأدوار النبيلة، واجتهدت في إبطال ما تتيحه هذه الفرصة التاريخية بكثير من المعالجات الإعلامية التي بدت موحدة ومنسجمة، وكأنها صادرة عن جهة واحدة، معالجات تفتقد إلى أبسط شروط المهنية وأخلاقيات هذه المهنة النبيلة، واكتظت بمضامين العداء وبعبارات السب والقذف .
وأضاف البيان أن نقابة الصحافة المغربية، بالقدر الذي تعبر عن اعتزازها الكبير بمضامين الخطاب الملكي الأخير والذي يمثل فرصة حقيقية أمام العلاقات المغربية الجزائرية لتجاوز مخلفات الماضي، فإنها تعبر عن امتعاضها وأسفها إزاء ما نشرته وسائل إعلام جزائرية لم تر في هذه الفرصة التاريخية غير مناسبة لتفريغ مزيد من الأحقاد والعداء.
ودعت الصحافيين الجزائريين الشرفاء الأحرار إلى التصدي لهذه “النزعة العدوانية” التي تحاول بعض الأوساط الجزائرية تثبيتها في العلاقات بين الشعبين، وإلى الإصرار على توظيف وسائل الإعلام الجزائرية فيما يزيد في تعميق وتجذير الأزمة بين البلدين.
كما دعت النقابة الاعلام المغربي إلى عدم الانسياق او رد فعل سلبي، بل العمل على دعم التوجه الإيجابي في تفعيل العلاقة بين البلدين والشعبين الجارين.
ويسود التوتر العلاقات الثنائية منذ عقود، بسبب دعم الجزائر لجبهة بوليساريو الساعية الى فصل الصحراء المغربية عن المملكة. وسبق ان وجه الملك محمد السادس دعوات الى جارة المغرب الشرقية الى طي صفحة الخلافات واطلاق حوار.
لكن نبرة الملكل المفدى محمد السادس حفظه الله بدت لافتة هذه المرة وصريحة حين قال “نحن لا نريد أن نعاتب أحدا، ولا نعطي الدروس لأحد. وإنما نحن إخوة فرّق بيننا جسم دخیل، لا مكان له بيننا”.
وأضاف الملك محمد السادس في خطاب بمناسبة الذكرى الـ22 لجلوسه على العرش “أدعو الى تغليب منطق الحكمة والمصالح العليا، من أجل تجاوز هذا الوضع المؤسف الذي يضيع طاقات بلدينا، ويتنافى مع روابط المحبة والإخاء بين شعبينا”.
وقال ايضا ان المغرب والجزائر “أكثر من دولتين جارتين، إنهما توأمان متكاملان”.
وبشأن إغلاق الحدود بين البلدين، قال العاهل المغربي “قناعتي أن الحدود المفتوحة هي الوضع الطبيعي بين بلدين جارين، وشعبين شقيقين. لأن إغلاق الحدود يتنافى مع حق طبيعي، ومبدأ قانوني أصیل، تكرسه المواثيق الدولية”.
واوضح قائلا “عبرت عن ذلك صراحة منذ 2008 وأكدت عليه عدة مرات، في مختلف المناسبات. خاصة أنه لا فخامة الرئيس الجزائري الحالي، ولا حتى الرئيس السابق، ولا أنا، مسؤولين على قرار الإغلاق. ولكننا مسؤولون سياسيا وأخلاقيا على استمراره أمام الله وأمام التاريخ وأمام مواطنينا”.
وأغلقت الحدود بين البلدين في 1994 بقرار من الجزائر بعد ان فرض المغرب تأشيرة دخول على مواطني الجزائر، في اعقاب تورط جزائريين بمهاجمة فندق في مدينة مراكش.
وقال الملك المفدى في خطابه “نجدد الدعوة الصادقة لأشقائنا في الجزائر للعمل سويا، دون شروط من أجل بناء علاقات ثنائية أساسها الثقة والحوار وحسن الجوار”. ذلك، لأن الوضع الحالي لهذه العلاقات لا يرضينا، وليس في مصلحة شعبينا، وغير مقبول من طرف العديد من الدول.
واضاف “نعتبر أن أمن الجزائر واستقرارها وطمأنينة شعبها من أمن المغرب واستقراره. والعكس صحيح، فما يمس المغرب سيؤثر أيضا على الجزائر لأنهما كالجسد الواحد. ذلك أن المغرب والجزائر، يعانيان معا من مشاكل الهجرة والتهريب والمخدرات ، والاتجار في البشر.
وقال ايضا “أنا أؤكد هنا لأشقائنا في الجزائر بأن الشر والمشاكل لن تأتيكم أبدا من المغرب، كما لن یأتيكم منه أي خطر أو تهديد، لأن ما يمسكم يمسنا، وما يصيبكم يضرنا”.
كما دعا الملك محمد السادس الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون الى “العمل سويا، في أقرب وقت يراه مناسبا على تطوير العلاقات الأخوية التي بناها شعبانا عبر سنوات من الكفاح المشترك”، حين كان المغرب والجزائر لا يزالان تحت الاستعمار.