شاهد.. كلمة “فرحات مهني” الرئيس المؤقت لحكومة منطقة القبايل في الأمم المتحدة

0
390

نجح المغرب في فرض “قواعد اشتباك” جديدة للنزاع بين البلدين، تقوم على منطق العين بالعين والسن بالسن وبالتالي الصحراء المغربية بالقبائل في خطابه الدبلوماسي مع جاريه بالتلويح بدعم حركات مطالبة بالاستقلال، وإذا كان قد نبه إسبانيا إلى فرضية دعم مطالب كتالونيا، فقد قام بالمطالبة بدعم تقرير مصير منطقة القبائل التي تعاني من “الاستعمار الجزائري”. 

ثمار الديبلوماسية المغربية جاءت من خلال كلمة لـ “فرحات مهني” الرئيس المؤقت لحكومة منطقة القبايل التي تطالب بالاستقلال عن الجزائر، أمس الجمعة أمام الأمم المتحدة بنيويورك للمطالبة بتقرير مصير “دولة القبايل” الأمازيغية و انفصالها عن الجزائر.

نشر بشكل واسع على مواقع التواصل شريط فيديو لـ”مهني” وهو يلقي كلمة في مقر الأمم المتحدة عارضاً ملفاً يتضمن مسوغات مطلب الإنفصال الذي تنادي به “القبايل”.




 

واعتبر المغرب إن وجود السلطة الجزائرية في منطقة القبائل بمثابة استعمار للمنطقة. وكان المغرب قد استقبل في مناسبات سابقة نشطاء من القبائل يطالبون بتقرير مصير هذه المنطقة. 

الحركة من أجل استقلال منطقة القبائل هي عبارة عن تنظيم سياسي يسعى إلى المطالبة بالحكم الذاتي لمنطقة القبائل بالجزائر. وتمّ تأسيس الحركة من قبل المغني الشعبي فرحات مهني بعد أحداث “الربيع الأسود” عام 2001. ويعيش معظم قادة الحركة في فرنسا.

وتطالب هذه الحركة باستقلال منطقة القبائل عن الجمهورية الجزائرية، أعلنت هذه الحركة سنة 2010 في باريس، عن تشكيل حكومة مؤقتة لمنطقة القبائل يرأسها فرحات مهني، الذي يعتبر أن حركته هي الأولى من نوعها تجاه الدولة الجزائرية الاتحادية.

وتصنف حركة استقلال منطقة القبائل نفسها على أنها المتحدثة باسم الأقلية القبائلية التي تعاني “التهميش” بسبب “مساعي” السلطات الجزائرية لاستيعاب الأقلية المعربة في صفوف الأمازيغ. 

في نهاية العام 2013 وبالتحديد في ديسمبر-كانون الأول، دعا فرحات مهني، رئيس الحركة من أجل استقلال منطقة القبائل بتدخل أوروبي بقيادة فرنسا من أجل حلّ الأزمة التي اندلعت في مدينة غرداية جنوب الجزائر بين بني ميزاب “أمازيغ” والشعانبة “عرب”، كما دعا زعيم الحركة الانفصالية دول الاتحاد الأوروبي إلى إلغاء الاتفاقيات الاقتصادية التي تمّ إبرامها مع الجزائر كإجراء عقابي لها.

أدت المذكرة التي تقدم بها عمر هلال، السفير المغربي لدى الأمم المتحدة، خلال اجتماع وزراء خارجية دول حركة عدم الانحياز في الفترة 13 – 14 يوليو الماضي بدولة أذربيجان، والتي تعتبر منطقة القبائل الأمازيغية الواقعة شرق الجزائر منطقة واقعة تحت الاستعمار، وتدعو المذكرة الأمم المتحدة لمنح هذه المنطقة حقها في تقرير المصير.

يعد الموقف الجزائري الداعم لاستقلال إقليم الصحراء المغربية عن المغرب من أسباب استمرار التوتر في العلاقات مع المغرب، واتضح ذلك خلال كلمة وزير الخارجية الجزائري رمطان لعمامرة خلال مشاركته في الاجتماع الأخير لوزراء خارجية دول عدم الانحياز بتأكيده دعم بلاده لمطالب جبهة “البوليساريو”، مما دفع السفير المغربي لتقديم المذكرة المشار إليها بدعم استقلال منطقة القبائل.

وتمكنت الدبلوماسية المغربية، خلال الفترة الأخيرة، من كسب تأييد إقليمي ودولي لموقفها تجاه قضية الصحراء، لاسيما الاعتراف الأمريكي بسيادة الرباط على منطقة الصحراء، هذا إلى جانب افتتاح العشرات من الدول قنصليات لها بمدينتي العيون والداخلة بإقليم الصحراء، بشكل عزز من نفوذ المغرب، وفي المقابل أضعف من موقف البوليساريو ومن ورائها الجزائر، مما ساهم في تدهور العلاقات بين الدولتين.

قرار الجزائر قطع علاقاتها الديبلوماسية مع الرباط، وإن لم يكن مفاجئا تماما، إلا أنه خطوة دراماتيكية تعبر عن لحظة بالغة الدقة في النزاع المتجدد بين البلدين، نزاع يتجاوز عناصر الورقة التي قرأها وزير الخارجية الجزائري رمطان العمامرة في مؤتمر صحافي (الثلاثاء 24 أغسطس/ آب) وسرد فيها مبررات القرار. ومن بين كل المبررات هناك واحد أجج غضب الجزائر ويعود سياقه لمعركة ديبلوماسية طاحنة، كان مسرحها اجتماع لمنظمة عدم الانحياز (13ـ 14 يوليو/ تموز) أثار فيها العمامرة قضية الصحراء المغربية. ورد عليه مندوب المغرب في الأمم المتحدة عمر هلال في مذكرة وزعها على أعضاء المنظمة، يستنكر فيها إثارة العمامرة للقضية، معلنا في نفس الوقت دعم بلاده لـ”حق تقرير مصير شعب القبائل”، بعدها استدعت الجزائر سفيرها في الرباط “فوراً للتشاور” قبل أن تقطع العلاقات بالكامل، في تعبير عن رفض صناع القرار في الجزائر لمساعي المغرب إلى فرض “قواعد اشتباك” جديدة تقوم على منطق العين بالعين والسن بالسن وبالتالي الصحراء بالقبائل.

الجزائر انتفضت واعتبرت أنه لا مجال للمقارنة بين مشكلة دولية في يد الأمم المتحدة وبين منطقة القبائل التي تعتبر جزء من الأراضي الجزائرية معترف بها دوليا. خبراء مغاربة يستندون لتمرد منطقة القبائل ضد السلطة المركزية ومشاركتها شبه المنعدمة في الاستحقاقات الانتخابية. كما يتعبرون تقرير المصير، مبدأ عاما لا يمكن استعماله بشكل انتقائي ومزاجي، مستشهدين بمساعي مقاطعة كبيك الكندية التي أجرت استفتائين، آخرها عام 1995 حول مستقبل السيادة على الإقليم رغم أن القانون الدولي يعتبر المقاطعة جزءا من الأراضي الكندية. وهناك أيضا استفتاء استقلال اسكتلندا عن المملكة لمتحدة عام 2014 أو انفصال جنوب السودان عن شماله عام 2011. 

فقد دعا الملك المفدى محمد السادس  حفظه الله في (31 يوليو/ تموز)، الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون إلى تطوير العلاقات الأخوية بين البلدين، معتبرا أنه من غير المنطقي بقاء الحدود بين الجارين مغلقة منذ عام 1994. 

وأكد جلالة الملك المفدى حفظه الله أنه لا هو ولا الرئيس تبون ولا حتى الرئيس الذي سبقه (بوتفليقة) مسؤولون عن الوضع الحالي واستطرد موضحا أن “ما يمس أمن الجزائر يمس أمن المغرب، والعكس صحيح”، مؤكدا أن “المغرب والجزائر أكثر من دولتين جارتين، إنهما توأمان متكاملان”.

رد الرئيس عبد المجيد تبون على خطاب الملك جاء بعد أسبوع (الثامن من أغسطس/ آب)، وشدد خلاله على أن بلاده لم تتلق جوابا من المغرب بشأن التوضيحات التي طلبتها من الرباط حول تصريحات الديبلوماسي المغربي في الأمم المتحدة. وفي نفس الوقت أوضح أن قضية الصحراء في يد الأمم المتحدة ولجنة تصفية الاستعمار، مشددا على أن الجزائر “تلعب دور الملاحظ النزيه فقط”. وأكد الرئيس الجزائري أن بلاده “مستعدة لحل المشاكل بين الطرفين واحتضان لقاء بينهما على أرض الجزائر ولكن بما يرضي الطرفين”. 

المغرب يعتبر من وجهة نظره أن الجزائر تفرض عليه حرب استنزاف بالوكالة، باستعمال البوليساريو منذ عام 1975. الجبهة خاضت حرب عصابات قامت على تكتيك الكر والفر، إلى أن شيد المغرب في منتصف الثمانينات جدارا رمليا ضخما بطول 2700 كيلومترا، أمّن به المغرب 80% من أراضي الإقليم المتنازع عليه. ومنذ ذلك الحين يجمع الخبراء أن المغرب حسم بذلك المعركة العسكرية، ولا توجد هناك في الأفق مؤشرات قادرة على تغيير هذا الوضع بشكل جدي. ورغم ضعف البوليساريو، فمن المستبعد أن تغير الجزائر قواعد الاشتباك العسكري مع المغرب وتدخل في مواجهة مباشرة معه. غير أن الاستقرار الحقيقي في المنطقة لن يتحقق إلا بالتوصل لحل سياسي تتوافق عليه كل الأطراف.

وتكاثرت الاتهامات التي وجهها لعمامرة الى المغرب خلال مؤتمر صحافي اعلن فيه عن قطع العلاقات مع الرباط، من مزاعم تورط المغرب في الحرائق الى اتهامه بشن حملات اعلامية الى ادعاءات التجسس.

ولكن وزير الخارجية الجزائري لم يقدم دليلا واحدا على صحة ادعاءاته ضد المغرب، ولا عما سماه “حالة العداء” المغربية ضد الجزائر منذ استقلالها عن فرنسا في 1962.

وتقدم المغرب بمبادرات عديدة لتحسين العلاقات مع جارته الشرقية التي يسودها التوتر منذ عقود. وكان اخرها دعوة الملك محمد السادس نهاية يوليو/تموز الى الارتقاء بالعلاقات مع الجزائر الى مستوى “التوأمة المتكاملة”.

وسبق للمغرب أن قطع علاقاته مع الجزائر سنة 1976 بعد اعتراف الجزائر بقيام ما تسمى “الجمهورية العربية الصحراوية الديموقراطية” التي تقودها جبهة بوليساريو الانفصالية. ولم تُستأنف العلاقات إلا في 1988 بعد وساطة سعودية.

والنزاع حول الصحراء المغربية سبب رئيسي في توتر علاقات الجارين منذ عقود بسبب دعم الجزائر لجبهة بوليساريو التي تطالب بانفصال الاقليم الذي يعتبره المغرب جزءاً لا يتجزأ من أرضه ويعرض منحه حكماً ذاتياً تحت سيادته.

 

 

 

تقرير :” الجزائر تلقي باللائمة على إسرائيل في صراعها مع المغرب لإبعاد النظر عن فشلها الداخلي”