يستغرب عدد من الفاعلين السياسيين استمرار العمل بمثل هذه الأساليب والممارسات الخارجة عن القانون من قبيل اللجوء إلى الإغراءات المالية لحصد الأصوات، والتي تمس بسير العملية الانتخابية وبنزاهتها.
وفي هذا الصدد ، حذر حزب التقدم والإشتراكية من خطورة استعمال “المال الانتخابي”، قائلا إن المال استعمل في هذه الانتخابات بدرجة غير مسبوقة.
وأوضح المكتب السياسي للتقدم والاشتراكية،أنه “في انتظار العودة إلى تدقيق وتحليل كل الجوانب ذات الصلة، فإن المكتب السياسي يعتبر أن هذه الظاهرة من شأنها الإضرارُ بالمؤسسات المنتخبة ومصداقيتها وبمنسوب الثقة في المُنتخبين من جهة، وبمتانة الأحزاب السياسية نفسها، على مستوى قراراتها وتوجهاتها، من جهة ثانية”.
بلاغ صحفي حول اجتماع المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية ليوم الجمعة 10 شتنبر 2021
وسجل المكتب السياسي “إيجاباً تنظيم الانتخابات المتعلقة بأعضاء مجلس النواب ومجالس الجماعات والجهات، في احترامٍ للآجال الدستورية، على الرغم من الصعوبات المتصلة بجائحة كوفيد 19 وتداعياتها السلبية على شتَّــى المستويات، بما في ذلك على طرق وأشكال الحملات الانتخابية”.
وثمن الحزب “الارتفاع الملحوظ في نسبة المُشارَكة وفي التمثيلية النسائية المُشجِّعةٌ على المُضي قُدما نحو تحقيق مبدأ المناصفة”.
كما عبر المكتب السياسي للتقدم والاشتراكية، عن اعتزازه بالنتائج “التاريخية وغير المسبوقة” التي حققها حزبُ التقدم والاشتراكية خلال هذه الاستحقاقات، وخصوصاً بالنسبة للاقتراع التشريعي، حيث ضاعف تمثيليته في مجلس النواب على أساس المناصفة الكاملة بين النساء والرجال.
ودعا حزب “الكتاب”، كافة منتخبات ومنتخبي الحزب وجميع تنظيماته ومناضلاته ومناضليه، إلى “مواصلة التعبئة لتحقيق نتائج إيجابية تُكرس المكانة المتصاعدة للحزب ضمن المشهد السياسي الوطني”.
وكانت ثلاثة أحزاب سياسية مغربية، بينها العدالة والتنمية الذي يقود الائتلاف الحكومي، القوة الأولى في المعارضة البرلمانية، حذرت من استعمال غير مشروع للمال في الحملة الانتخابية، وذلك قبل أسبوع من الانتخابات التي تجري في 8 سبتمبر.
وأكدت إدارة الحملة الانتخابية لحزب العدالة والتنمية (إسلامي) في بيان، الأسبوع الماضي “مرة أخرى تنديدها بالاستعمال الفاحش للأموال في استمالة الناخبين وبعض المشرفين على مكاتب التصويت”، مضيفة أنّها “تجدد التساؤل حول مصدرها” من دون تسمية أي طرف.
وأدلى الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة المعارض، عبد اللطيف وهبي، بتصريحات مماثلة في الأيام الأخيرة. وقال “نقصد حزب التجمع الوطني للأحرار، نتهمه بإغراق الساحة الانتخابية بالمال”، بحسب ما نقلت “فرانس برس”.
وتعد الأحزاب الثلاثة أبرز المتنافسين على تصدر نتائج الانتخابات وقيادة الحكومة المقبلة، بعدما ترأسها حزب العدالة والتنمية لولايتين بعد الربيع العربي عام 2011، لكن من دون أن يتولى الوزارات الأساسية.
وبدوره اتهم الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية (معارض) في حوار مع موقع إخباري محلي الثلاثاء الماضي حزب التجمع “بتقديم مبالغ مالية خيالية بشكل واضح لاقتلاع مرشحين من أحزابهم”.
وفضل قيادي في حزب التجمع الوطني للأحرار، الأربعاء، عدم التعليق لوكالة فرانس برس حول تلك التصريحات. وكان الحزب عبر في بيان الثلاثاء عن “رفضه كل الادعاءات والتبريرات التي تقدمها الهيئة السياسية المعلومة لتغطية ارتباكها التنظيمي”.
ويستغرب عدد من الفاعلين السياسيين استمرار العمل بمثل هذه الأساليب والممارسات الخارجة عن القانون من قبيل اللجوء إلى الإغراءات المالية لحصد الأصوات، والتي تمس بسير العملية الانتخابية وبنزاهتها.
في هذا الصدد، يقول أحمد بوز، أستاذ علم السياسة والقانون الدستوري بجامعة محمد الخامس بالرباط، إن هذه الظاهرة تعتبر من مخلفات الممارسات السياسية السابقة، والتي لازالت مستمرة بالرغم من الأشواط المهمة التي تم قطعها لضمان شفافية العملية الانتخابية.
ويعتبر في تصريح لـ”سكاي نيوز عربية”، أن اتهام الأحزاب لبعضها البعض باستعمال الوسائل غير المشروعة لاستمالة الأصوات، هو “تعويم” مقصود للمسؤوليات فيما بينها.
ويشدد أستاذ القانون الدستورين على أن استمرار هذه الظاهرة يعكس صورة سلبية على مصداقية العملية الانتخابية في البلاد، ويمس بمدأ تكافؤ الفرص والتنافس الشريف بين جميع المرشحين.
ويؤكد بوز على أهمية المجهود الذي يبدل للتصدي لاستعمال المال خلال الانتخابات، مضيفا أنها مهمة جد معقدة بالنظر لتداخلها بين ما هو اجتماعي وسياسي، معتبرا أن ضبطها والقضاء عليها يتطلب الصرامة والمحاسبة.