أصبح الربط بين المساعدات الأمريكية لمصر وملف حقوق الإنسان واحدة من الحلقات المتكررة والأكثر إثارة للجدل في العلاقات بين البلدين.
واشنطن – كشفت صحيفة “بوليتيكو” الأمريكية، أن إدارة الرئيس جو بايدن قررت “معاقبة” مصر بحجب “جزء من المساعدات” على خلفية مخاوف متعلقة بأوضاع حقوق الإنسان.
ونقلت الصحيفة، عن مسؤول أمريكي قوله إنّ القرار يتضمن أيضا “فرض قيود على الأموال التي سترسل إلى مصر”.
واعتبرت أن حجب جزء من مساعدات قدرها 300 مليون دولار أمريكي بمثابة “حل وسط”.
وتابعت: “رغم أن القرار قد يخيب آمال بعض المشرعين والنشطاء القلقين من الانتهاكات في مصر لكن يمكن القول أيضًا إنه موقف أكثر احتراما لحقوق الإنسان مما اتخذته معظم الإدارات السابقة عندما يتعلق الأمر بالمساعدات العسكرية الأمريكية إلى القاهرة”.
يحاول أعضاء الكونغرس منذ عقود، رهن المساعدات الأمريكية لمصر بشرط اتخاذ الحكومة المصرية إجراءات محددة لدعم حقوق الإنسان، مثل تعديل أحد القوانين القمعية، أو إطلاق سراح مجموعة من السجناء السياسيين. ولكن نظراً إلى أن هذه المساعي- التي يقترحها عادةً أعضاء في الكونغرس يطالبون وزارة الخارجية الأمريكية بـ”الضغط” على مصر- تستند إلى الافتراض الخاطئ بأن المساعدات الأمريكية ستستمر ويجب أن تستمر، ينتهي بها المطاف بتبرير استمرار الدعم لمصر دون تحقيق أي إصلاحات جادة.
ومثله مثل كل الحكام المستبدين في المنطقة، يرى السيسي أن مزيداً من الحريات يعني زيادة خطر إطاحته. ولهذا لن يمتثل الرئيس المصري أبداً لأي مطالبات بتنفيذ إصلاحات جادة. وإذا اضطر إلى الاختيار بين خسارة المساعدات العسكرية الأمريكية وتخفيف قبضته، فسيختار دوماً التنازل عن المساعدات.
وحالياً يرث بايدن حزمة المساعدات الأمريكية لمصر لعام 2022 والتي تتضمن، لأول مرة، شرطاً “ثابتاً” فرضه الكونغرس، يرهن 75 مليون دولار من المساعدات المقدمة لمصر بـ”تقدُّم واضح وثابت في إطلاق سراح السجناء السياسيين والسماح للمحتجزين باتخاذ الإجراءات القانونية الواجبة”.
وهذا المبلغ يمثل أقل من 5% من حزمة المساعدات الأمريكية لمصر والتي يبلغ قدرها 1.3 مليار دولار لعام 2022؛ وتوجد 225 مليون دولار أخرى مرهونة بشروط ولكن يُتوقع أن يصدر وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، إعفاءً في أغسطس/آب المقبل، من الشروط الخاصة بالمساعدة المشروطة البالغ حجمها 300 مليون دولار لعام 2021.
ولطالما أعطت الإدارات الأمريكية المتعاقبة الأولوية لإطلاق سراح المصريين الأمريكيين والناشطين الحقوقيين المصريين، ونجحت في تأمين إطلاق سراح مواطنين أمريكيين بعد سنوات من التعذيب والسجن.
وفي واحدة من الحالات الشهيرة، فشلت التهديدات المتكررة بتعليق المساعدات وحتى المناشدات الشخصية من نائب الرئيس السابق، مايك بنس، في تأمين الإفراج عن مصطفى قاسم، المصري الأمريكي الذي احتُجز لستِّ سنوات ولقي مصرعه بالسجن في يناير/كانون الثاني عام 2020. ومع كل نجاح في إطلاق سراح النشطاء، يُقْدِم السيسي على اعتقال عدة سجناء آخرين، بينهم أفراد عائلات نشطاء مصريين أمريكيين. وهم بمثابة أوراق ثمينة تُدَّخر للجولة التالية من مطالب الإصلاح، حسب المجلة الأمريكية.
وتمنح الولايات المتحدة، سنويا إلى مصر، مساعدات بقيمة 1.3 مليارات دولار، 300 مليون منها ربطها الكونغرس الأمريكي بأوضاع حقوق الإنسان.
غير أن وزير الخارجية الأمريكي يمكنه تخطي هذا الشرط وتمرير المساعدات إلى القاهرة، وهو ما كان يجرى في العادة خلال الإدارات الأمريكية السابقة.
ووفقا لـ”بوليتيكو” يخطط وزير الخارجية الأمريكي الحالي، أنتوني بلينكن، اتخاذ خطوة “غير مسبوقة” وعدم استخدام صلاحية تمرير تلك المساعدات إلى مصر.
وقال المصدر للصحيفة الأمريكية: “تسعى الإدارة الأمريكية إلى منح مصر 170 مليون دولار من أصل 300 مليون، على أن يظل المبلغ المتبقي (130 مليون) معلقا حتى تستوفي الحكومة المصرية شروطا غير محددة تتعلق بحقوق الإنسان”.
وأضاف أن استخدام الـ170 سيكون مقتصرا على مكافحة الإرهاب وتأمين الحدود.
وتواجه القاهرة انتقادات محلية ودولية بشأن حبس المعارضين وتراجع الحقوق والحريات العامة، غير أنها أكدت مرارا احترامها للقانون والدستور فيما يتعلق بملف الحقوق والحريات.