يُعتبر الفساد ظاهرة وبائية مسّت جميع جوانب الحياة، الأمر الذي جعل معظم دول العالم تبحث عن محاصرة هذه الظاهرة، الشيء الذي كرسته المملكة الشريفة من خلال إصدار القانون رقم 54 المتعلق بالوقاية من الفساد ومكافحته، عبر اتّخاذ مجموعة من التدابير والآليات، والتي من بينها التّصريح بالممتلكات، والذي يعدُّ آلية رقابية وقائية تساهم في مكافحة الفساد، وذلك بإلزام الموظَّف العام بالتصريح بممتلكاته قبل وأثناء وبعد تولي الوظائف والمهام.
الرباط – وجه رئيس مجلس المستشارين (الغرفة الثانية)، النعم ميارة، مذكرة إلى رؤساء الفرق والمجموعات والأعضاء غير المنتسبين، يدعوهم من خلالها إلى مباشرة إجراءات التصريح بالممتلكات خلال الولاية الحالية.
وقال النعم : “عملاً بأحكام الفقرة الأولى من البند 1 من المادة 54 المكررة مرتين من القانون التنظيمي رقم 07 .51 المتمم للقانون التنظيمي رقم 97 .32 المتعلق بمجلس المستشارين، يتعين على أعضاء مجلس المستشارين التصريح بممتلكاتكم لدى الهيئة المختصة بالمجلس الأعلى للحسابات”.
ووفق لما جاءت به المذكرة تالمشار إليها، أن التصريح بالممتلكات “يكون داخل أجل 90 يوماً الموالية لافتتاح الولاية التشريعية الجارية، وذلك حسب الإجراءات المنصوص عليها في القانون التنظيمي لمجلس المستشارين، ووفق أحكام المرسوم التطبيقي رقم 207 .09. 2 الصادر في 8 دجنبر 2009 وقرار الوزير الأول رقم 09 . 87 .3 المحدد للحد الأدنى لقيمة الأموال المنقولة الواجب التصريح بها من طرف الخاضعين للتصريح الإجباري بالممتلكات المنشورة بالجريدة الرسمية عدد 5813 بتاريخ 15 فبراير 2010”.
وتتكون الممتلكات الواجب التصريح بها من جميع العقارات والأموال المنقولة، وخصوصا الأصول التجارية والودائع في الحسابات البنكية والسندات والحصص والأسهم في الشركات، والقيم المنقولة الأخرى والممتلكات المتحصل عليها عن طريق الإرث، والعربات ذات محرك والاقتراضات والتحف الفنية والأثرية والحلي والمجوهرات، ويجدد هذا التصريح كل ثلاث سنوات في شهر فبراير.
وقال خالد الشرقاوي السموني، رئيس مركز الرباط للدراسات السياسية والاستراتيجية (غير حكومي) في تصريح سابق: “المطلوب العمل الواقعي والفعال للنصوص التشريعية المتعلقة بتنظيم الحياة العامة، ومنها القانون المتعلق بالتصريح بالممتلكات”.
وأضاف السموني، في حديث سابق: “يجب التعامل بالجدية المطلوبة مع ترتيب الآثار القانونية على كل المخالفين والمتورطين في اختلاس المال العام، لابد من اتخاذ تدابير زجرية”.
واعتبر السموني أن آلية التصريح بالممتلكات، “تجربة مهمة، وهي من المكتسبات التي يتوفر عليها المغرب في مجال تخليق الحياة العامة وترسيخ مبادئ الشفافية وحماية أملاك الدولة”.
وتابع: “للأسف التجربة لم تعط النتائج المرجوة، ونسجل اليوم أنه في البرنامج الحكومي الحالي هناك التزام بمحاربة الفساد وتكريس مبادئ المحاسبة والشفافية، وسنتابع ما الذي سيتم تحقيقه على هذا المستوى”.
والملزمون بالتصريح بممتلكاتهم كما ينص على ذلك القانون المغربي، هم المزاولون لوظائف حكومية والشخصيات المماثلة، وهم: رئيس الحكومة والوزراء والكتاب العامون والشخصيات المماثلة لأعضاء الحكومة من حيث الوضعية الإدارية ورؤساء دواوين أعضاء الحكومة.
كما يشمل أعضاء المحكمة الدستوري، وأعضاء البرلمان بغرفتيه وقضاة المحاكم وأعضاء الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري، وبعض منتخبي المجالس المحلية والغرف المهنية.
منيب : تثير ظاهرة تعدد مناصب الوزراء ورئيس الحكومة مطالبات بالفصل بينها ويجب المساءلة والمحاسبة