“مهنة إنسانية في واقع بلا إنسانية”، ربما تكشف تلك الجملة عن حال مهنة التمريض المأزوم في بلدنا الحبيب، إذ يعد التمريض ركيزة أساسية ووتد القطاع الطبي الذي لا غنى عنه، لكن هذا الوتد نخره سوس الإهمال والنسيان، بعدما تراكمت على العاملين بمجال التمريض هموم وأوجاع دفعت أغلبهم إلى الهجرة إلى الخارج بحثاً عن راتب أفضل أو حتى ساعات عمل أقل، أو حفظاً لكرامتهم التي كثيراً ما أهدرت بعدما أصبحوا في مرمى العنف من قِبل الأهالي في غالبية المستشفيات ببلادهم.
الرباط – خرجت الملاكات التمريضية والمهن الصحية في العاصمة الرباط اليوم الجمعة، بتظاهرة حاشدة امام مجلس النواب احتجاجاً على التصريحات الأخيرة للوزير المنتدب في الاقتصاد والمالية فوزي لقجع، حول مشروع الوظيفة العمومية الصحية.
وتجمّع مئات الأشخاص، بحسب عدة تقديرات، فيالعاصمة الإدارية للمملكة، في تظاهرة حاشدة واجهها بتدخلات أمني في محاولات لفضّ التظاهرة التي تحولت إلى مطاردات امتدت على طول شوارع وسط المدينة.
دعت النقابة المستقلة للممرضين وحركة الممرضين وتقنيي الصحة بالمغرب، إلى باقي الهيآت النقابية لهذه الفئة من مهنيي الصحة، إلى تظاهرة حاشدة عقب التصريحات الأخيرة للوزير المنتدب في الاقتصاد والمالية فوزي لقجع، حول مشروع الوظيفة العمومية الصحية، حيث انضمت، للمشاركة في وقفة احتجاجية وطنية في العاصمة الرباط، أمام مقر وزارة الصحة والحماية الاجتماعية، تزامنا مع خوض إضراب وطني ليومين، بجميع المصالح الاستشفائية والوقائية، ما عدا مصالح المستعجلات والإنعاش.
ويتهم الممرضون وتقنيو الصحة، القطاعات الحكومية للصحة والحماية الاجتماعية والاقتصاد والمالية، بـ”إقصائهم”، ويتمثل ذلك في “التعتيم الغريب الذي يطال إعدادها لمشروع قانون الوظيفة العمومية الصحية”.
وعبر الممرضون عن استنكارهم “ما تضمنته تصريحات الوزير المنتدب لدى وزيرة الاقتصاد والمالية حول مشروع الوظيفة العمومية الصحية، ويرفضون ما أسموها “المقاربة الإقصائية” التي طالت هذه الفئة.
https://www.youtube.com/watch?v=OJVXQzY9nUU
ويطالب الممرضون وتقنيو الصحة، المنتمون لمختلف الهيآت النقابية، الوزير المنتدب المكلف بالميزانية، بتقديم توضيح رسمي لمهنيي الصحة بشكل عام وفئة الممرضين وتقنيي الصحة على وجه التحديد، حول التصريح الذي ذكر فيه الوظيفة العمومية الطبية بدل الصحية، كما يطالبون الوزارة بإمدادهم بنسخة من هذا المشروع محط الجدل.
عمل الممرضون بوتيرة كبيرة خلال جائحة كورونا من دون الاستفادة من العطل، لكنهم يعتبرون أن تلك التضحيات لم تُؤخذ في الاعتبار خلال وضع القوانين الخاصة بمهنتهم، إذ أكدت جبهة الممرضين أنه “على الرغم من انخراط الجميع في مواجهة الجائحة وتجسيد الموقف الإنساني التاريخي بتعليق جميع أشكال الاحتجاج خلال الفترة ذاتها، لم تتوانَ وزارة الصحة عن مواصلة مسلسل التنكّر الصارخ للحقوق العادلة والمشروعة، بل لم تبذل جهداً لتكافئهم برفع الأجور ، بل عملت الحكومة الجديدة اعتماد “paiment par actes ” من دون الإشارة إلى الممرضين، وتقنيي الصحة، رغم أن أغلب الأعمال تقدمها هذه الفئة بالمراكز الصحية، والمصالح الاستشفائية، كما أنها تمثل 70 في المائة من الكثافة المهنية بالقطاع، من دون أدنى مقاربة تشاركية للمعنيين، وفي ضرب صارخ لمطالب الجسم التمريضي الذي طالما نادى تحسين أوضاعهم الاجتماعية والمالية.