المستشار الحياني يستغرب من”تسيير أموال شركة تهيئة الرباط” واستحواذ شركة واحدة على جميع صفقات الممرات الطريقية بالعاصمة

0
241

كثر الحديث في الآونة الأخيرة وما قبلها عن اكتشاف حالات فساد مزمنة تورط فيها بعض السياسيين المخضرمين الذين كانوا يصولون ويجولون وينهشون بلحم الوطن والمواطن حتى بات لحم أكتافهم كسنام الجمل تنامى بالحرام واستعرض بالحرام. ليس جديداً ابداً أن تكتشف حالات فساد، فالفاسدون والمفسدون واللصوص والمختلسون أصبحوا معروفين لدى الشعب المغربي.

الرباط -استغرب المستشار الجماعي، عمر الحياني بمجلس العاصمة عن “فدرالية اليسار الديمقراطي” طريقة تسيير الأموال التي تتصرف فيها شركة الرباط للتهيئة المشرفة على مشاريع “الرباط مدينة الأنوار”، مؤكدا أنه من حق المنتخبين وسكان مدينة الرباط كدافعين للضرائب التساؤل عن كيفية صرف هذا المال العمومي.

وكتب المستشار الحياني في تدوينة على فيسبوك، إن طريقة إطلاق الممر الطرقي تحت أرضي المحاذي لفندق “فرح” وكيفية تمرير صفقته تطرح أكثر من علامة استفهام.

وأضاف أن هذه التي بلغت قيمتها 28 مليون و 700 ألف درهم، “فازت” بها شركة واحدة، هي التي كانت الوحيدة التي وضعت ملف التباري.

وأشار أن هذه الشركة هي نفسها التي “فازت” بصفقة ممر باب الحد، الذي تم بناءه سنة 2020، بعد أن تمت إزاحة منافسها الوحيد بسبب عدم احترامه لدفتر الالتزامات التقنية، حسب محضر الصفقة.

وتساءل الحياني كيف لطلب عروض بهذا الحجم (30 مليون درهم) حوالي 3 مليون دولار، أن لا يثير اهتمام شركات أخرى، في عز أزمة اقتصادية شديدة؟ علما أننا نتوفر في المغرب على العشرات من الشركات في المغرب، قادرة على إنجاز هذا النوع من المشاريع، وتشتغل فيها كفاءات تقنية عالية؟.

وتابع ” لماذا تم إزاحة الشركة الثانية المتبارية في صفقة الممر الأرضي لباب الحد؟ وما هي الأسباب التقنية التي تبرر إزاحتها عن التباري؟.

وزاد “غريبة هذه الصدفة التي تمنح صفقتين متشابهتين في نفس الشارع، لنفس الشركة، خلال سنتين، بمبلغ إجمالي قدره 61 مليون درهم”.

ولفت إلى أن هذه الشركة نفسها فازت مجددا بصفقة جديدة لنفق جديد بحي الرياض بمبلغ يقارب 44 مليون درهم، ونفق آخر بسلا (عين حوالة) بمبلغ 54 مليون درهم.

وأكد الحياني أن المؤسسة الوحيدة القادرة على الإجابة عن هذه التساؤلات، هي المجلس الأعلى للحسابات، الذي سبق أن راسلته فدرالية اليسار، في فبراير 2018، حول اختلالات بالجملة ارتكبتها شركة الرباط للتهيئة في مشروع “الرباط مدينة الأنوار” الذي تبلغ ميزانيته 9,4 مليار درهم.

أعتقد أن الفساد لا يمكن أن يُجتث ويزول بمجرد الإعلان عن اكتشاف حالة أو حالتين وتطوي الصفحات بعدها، ولا يمكن القضاء عليه عبر خطط وتحقيقات “المجلس الأعلى للحسابات” التي لا تقدم ولا تؤخر شيئا، إنما يتم القضاء على الفساد، من خلال شن حملة شرسة ضد الفساد والمفسدين ومعاقبة اللصوص أيا من كانوا كباراً وصغاراً. سياسيين نافذين أو متعهدين. محترفين أو مبتدئين.

وخير مثال على من نحن في صدده ، في أبريل الماضي، قرّرت رئيس المجلس الأعلى للحسابات، زينب العدوي، رئيسة المجلس، إجراء افتحاص لكل الصفقات التي فوتتها الشركة، بعد توصلها بمعطيات حول وجود خروقات واختلالات في تفويت وتنفيذ بعض الصفقات المتعلقة بالمشاريع المبرمجة في إطار المشروع الملكي «الرباط عاصمة الأنوار». ولم يعلن عن نتائج ذاك الافتحاص حتى الآن ، إلاّ أنه هناك أخبار تفيد توقيف مدير وكالة أبير رقراق “سعيد زارو”..!؟

ويشار إلى العدوي عُرفت بصرامة كبيرة في تطبيق القانون، وتميزت بانضباط شديد في أدائها للمهام المنوطة بها، ما جعل البعض يُلقبها بـ”المرأة الحديدية”، لكن آخرين يحلو لهم تسميتها بالمرأة الاستثناء، نظراً لقُدرتها على إثبات حضورها المهني، وفرض وجودها في مراكز قرار لم تطأها امرأة قبلها قط.

وحسب معلومات حصلت عليها «المغرب الآن » أنذاك، فإن العدوي طلبت بعض المعلومات من مدير شركة «رباط التهيئة»، بعد زيارة هذا الأخير لمسؤول كبير بوزارة الداخلية يعرف «خبايا وأسرار» الشركة والمشاريع التي تشرف عليها. ومن المنتظر أن يتم الاستماع إليه من طرف قضاة المجلس، والاستماع إلى عدد من المسؤولين الكبار بولاية الجهة.

ومن بين الملفات التي فجرت الصراع، حينها استحواذ شركات قادمة من جهة طنجة تطوان الحسيمة على جل الصفقات، وكذلك تعثر بعض المشاريع التي تدخل في إطار البرنامج المندمج للتنمية الحضرية للرباط، الذي رصدت له اعتمادات مالية بلغت قيمتها 9 ملايير و425 مليون درهم.

وكان إطلاق هذا البرنامج عام 2014، ويرتكز على محاور عدة، من بينها تثمين الموروث الثقافي والحضاري للمدينة والحفاظ على الفضاءات الخضراء والبيئة وتحسين الولوج للخدمات والتجهيزات الاجتماعية وتقوية وتحديث تجهيزات النقل وإنعاش الأنشطة الاقتصادية وتعزيز البنيات التحتية الطرقية، والذي كلف حوالي تسعة مليارات درهم (نحو 933 مليون دولار)، والتزمت بإنجازه أطراف متعددة من سلطات محلية ووزارات ومؤسسات عمومية، إلى جانب بلدية الرباط التي ساهمت – بـ 720 مليون درهم (نحو 75 مليون دولار) ووفرت أكثر من 40 هكتارا، إضافة إلى تسهيل الإجراءات الإدارية وتسريع الإنجاز.

وخلال أغسطس/ آب من السنة نفسها، جرى إحداث شركة مساهمة مَملوكة للدولة تحت اسم “شركة الرباط الجهة للتهيئة Rabat Région Aménagement”، للإشراف على تنفيذ المشروع والتنسيق مع مختلف الفاعلين وتتبع الإنجازات، بحسب ما وثقه معد التحقيق عبر عدد الجريدة الرسمية رقم 6285 الصادر في 25 أغسطس 2014.

ويهدف مشروع البرنامج إلى خلق ديناميكية على مستوى الأنشطة الاقتصادية وتعزيز البنية التحتية للطرق والحفاظ على البيئة، فضلا عن تثمين التراث الثقافي والحضاري للمدينة وإعادة تأهيل النسيج الحضري وتعزيز وتحديث تجهيزات النقل وتحسين الولوج إلى الخدمات والمرافق الاجتماعية للقرب وتعزيز الحكامة، وفق ما جاء في مذكرة حول التوزيع الجهوي للاستثمار، نشرت على الموقع الإلكتروني لوزارة المالية المغربية. 

ورغم أنه كان من المفترض أن تنتهي أشغال مشروع “الرباط مدينة الأنوار” المحددة آجال إنجازها النهائية بأربع سنوات، في عام 2018، إلا أنها ما زالت مستمرة في تأخير لأكثر من سنة، وهو ما يبرره المدير العام للشركة المنفذة (الرباط الجهة للتهيئة) بأنه “لا يمكن صرف 9 مليارات درهم (حوالي مليار دولار) في أربع سنوات”.