استغلت الحكومة الإسرائيلية العملية الفدائية التي نفّذها الشهيد فادي أبو شخيدم عند باب السلسلة في القدس المحتلة يوم 21 تشرين ثاني/ نوفمبر 2021 لأغراض دعائية لتبدو في موقع الضحية وسعت لاستثمار العملية لتحقيق غايات سياسية تُمعن في الإنكار للحقوق الفلسطينية، فخرج الرئيس الإسرائيلي إسحق هرتسوغ بتصريحات من وسط العاصمة البريطانية لندن يدعو فيها الدول الأوروبية والمجتمع الدولي بالإعتراف بحركة حماس “منظمة إرهابية”، وجاء تصريحه هذا بعد أن كان قد ثمّن قبلها بأيام قرار الحكومة البريطانية بإدراج حركة حماس على لائحة الإرهاب.
إن لجوء الجلاّد الإسرائيلي إلى استخدام أساليب وأدوات الضحية الفلسطيني المتمثّلة في حشد دعم المجتمع الدولي، يُدلّل على أن الكيان الإسرائيلي يعيش عزلة دولية تتّسع رقعتها بسبب سياساته المتوحّشة في الأراضي الفلسطينية المحتلّة، ولن تؤتي أكُلها. حيث تجدر الإشارة إلى أنه وفي يوم عملية القدس الفدائية نفسه، وثّقت مؤسسات فلسطينية في تقرير صدر عنها بمناسبة يوم الطفل العالمي الذي يُصادف 20 تشرين ثاني/ نوفمبر من كل عام، استشهاد 77 طفلا فلسطينياً واعتقال 1149 منذ بداية العام الجاري.
وبالرغم من الخطوة البريطانية، إلا أنّ قرار الحكومة البلجيكية في 24 تشرين ثاني / نوفمبر بوسم بضائع المستوطنات الإسرائيلية المقامة على الأراضي الفلسطينية المحتلة، مثّل صفعة قوية لأوهام الاحتلال الاسرائيلي، ودفعة للدبلوماسية الفلسطينية لمواصلة الجهود لدفع المجتمع الدولي إلى المزيد من الإجراءات ضد “إسرائيل”.
لقد بات استخدام الكيان الإسرائيلي لدور الضحية لعبةً مكشوفةً للقاصي والداني، والتي بدأت منذ نشأته في اللعب على وتر “العداء للسامية” حتى عملية القدس الأخيرة، حيث لم يعد لهذه اللعبة الإسرائيلية فوائد مكتسبة سوى على الصعيد الداخلي، إذ أنها تعزز العنصرية والتطرّف داخل البيت الإسرائيلي ، إضافة إلى حقيقة أن “إسرائيل” ذو نشأة عسكرية ، وبقاءها واستمرارها يعتمد بالأساس على صبغتها العسكرية، وعلى استنفار شعبها الدائم، وقد أعرب عن هذه الحقيقة الرئيس الإسرائيلي الأول “ديفيد بن غوريون” حينما قال:”إسرائيل عبارة عن مجتمع عسكري”.
ولعلّ هذا هو الهدف الأسمى بالنسبة للقيادة الإسرائيلية، حيث يأتي موقف المجتمع الدولي في آخر أولوياتها، ما يستوجب من الكلّ الفلسطيني انتباهاً واهتماماً وثيقاً، لما تُمثّله الوحدة الوطنية من أولوية يجب أن تكون على رأس أولوياتنا.
بالرغم من استمرار حالة الانقسام الفلسطيني – الفلسطيني، إلا أن حركة فتح والسلطة الفلسطينية رفضتا القرار البريطاني، باعتباره “اعتداء على الشعب الفلسطيني الذي يتعرض لأبشع احتلال وظلم تاريخي أسّس له وعد بلفور”. وهذا الموقف ليس بالأمر الجديد، حيث خاضت القيادة الفلسطينية وعلى رأسها الرئيس الفلسطيني محمود عباس “أبو مازن” في العام 2008 معركة دبلوماسية انتصرت بها في الأمم المتحدة بمنع تجريم الإدارة الأميركية لحركة حماس واعتبارها “إرهابية”.
وهُنا، يتأكّد لنا وجوباً أن وحدة الموقف هي أساس أي إنتصار، وأن الحكومة البريطانية لما قامت بالتجرؤ والإقدام على هذه الخطوة لو توافرت الوحدة الوطنية الفلسطينية الحقيقية، وفي ضوء ما سبق، يمكن القول بأن الهجوم الفلسطيني الناجح والمُجدي هو الذي يتم بناءً على تخطيط مُسبق مدعوم بوحدة الموقف، وليس رد فعل على تصريح أو قرار من هنا وهناك!.
فادي أبوبكر
كاتب وباحث فلسطيني