يستقبل المغاربة رمضان هذه السنة بزيادات في أسعار كثير من المواد الغذائية مثل الدقيق والزيت والزبدة والسكر والخبز والغاز، ما سيؤدى إلى احتجاجات في جميع مناطق المملكة.
وفي مقدمة مواد الاستهلاك التي شهدت ارتفاعا المواد الغذائية، حيث ارتفع سعر “زيت المائدة” بـ 27 درهما (3 دولار) بالنسبة للقارورة من فئة 5 لترات، كما ارتفع سعر قارورة 5 لترات من “الزيوت النباتية” بـ 27 درهما (3 دولارات) والذي شمل جميع العلامات التجارية. أيضا عرف سعر السميد (نوع من الدقيق) من فئة 25 كيلوغراما ارتفاعا بـ 50 درهما (نحو 5 دولارات).
ولم تشمل الزيادات في الأسعار المواد الغذائية فقط، فحتى أسعار المحروقات عرفت ارتفاعا تراوح بين درهم ودرهمين للتر الواحد، بالتزامن مع قفزات أسعار النفط عالميا.
غير أن الحكومة تعلن أن الأسعار طرأ عليها ارتفاع في مختلف دول العالم، وليس في المغرب وحده.
وعبر أكثر من 90 % من رواد مواقع التواصل الاجتماعي في المغرب عن استيائهم من الزيادات التي سجلتها أسعار العديد من المواد الاستهلاكية، في حين طالبت هيئات نقابية وجمعيات حماية المستهلك الحكومة بالتدخل لحماية القدرة الشرائية للمواطنين.
من جهتها، دعت “الكونفدرالية الديمقراطية للشغل”، إلى تنظيم وقفات احتجاجية يوم الأحد المقبل في جميع الأقاليم على المستوى الوطني، “احتجاجا على غلاء الأسعار وارتفاع أثمان المحروقات”.
ونبهت الكونفدرالية في بلاغ لها، أمس الخميس، الحكومة إلى ضرورة “إيلاء الأهمية القصوى للأمن الاجتماعي أمام غلاء أسعار المحروقات والمواد الأساسية وضرب القدرة الشرائية وارتفاع نسبة البطالة وتسريح العمال”.
وأكد المصدر ذاته، أن “غلاء الأسعار يشكل مؤشرا على الاحتقان الاجتماعي”، داعيا إلى ضرورة مأسسة الحوار الاجتماعي الثلاثي الأطراف الذي التزم به رئيس الحكومة بمباشرته قبل نهاية شهر فبراير.
وأكد الناطق باسم الحكومة مصطفى بايتاس إن “أسعار المواد التي ينتجها المغرب محليا هي مستقرة”، مشيرا إلى أنه يتوفر على مجموعة من المعطيات حولها خاصة أسعار المنتوجات الفلاحية التي بقيت، وفقه، في المستوى الذي كانت فيه.
وأضاف بايتاس، أن “العديد من المواد المستوردة هي التي عرفت ارتفاعا في أسعارها”، مبرزا أن سبب ذلك هو “عودة انتعاش الاقتصاد العالمي وارتفاع الطلب على هذه المواد”، لافتا إلى أن ثمن البترول يلامس 100 دولار للبرميل.
وأكد بايتاس، أن الحكومة تقوم بمجهود للحفاظ على القدرة الشرائية بالإضافة إلى الحماية الاجتماعية وتوفير فرص الشغل بشكل سريع ومباشر، مفيدا أن صندوق المقاصة لوحده يكلف الدولة 17 مليار درهم.
وزاد قائلا “نتمنى من الله أن يغيثنا قريبا ونتمنى أن تنخفض أسعار مجموعة من المواد التي لها انعكاس على الاقتصاد الوطني”.
واستنكر رئيس الجمعية المغربية لحماية وتوجيه المستهلك بوعزة خراطي هذه الزيادات، وطالب المسؤولين المغاربة بإنشاء هيئة خاصة للضبط والمراقبة في المراحل الانتقالية مثل التي يعيشها المغرب بمناسبة الانتخابات وتداعياتها، مشيرا إلى “استغلال بعض الأشخاص (الوسطاء) لظروف الزيادة في الطلب والرفع من أسعار بعض المواد الاستهلاكية”.
وانتقد الخراطي، “صمت الحكومة رغم الاحتجاجات على غلاء الأسعار دون أن تقدم معلومات لتقنع المستهلك المغربي بهذه الزيادات”، موضحا أن أسعار المحروقات ارتفعت بـ 4 دراهم مقارنة بعام 2020 وبدرهمين مقارنة بعام 2021.
وقال إن “مادة المحروقات أصبح لها تأثير سلبي على جميع المواد الاستهلاكية الأخرى وعلى القدرة الشرائية للمستهلك”، محذرا من أن تؤدي هذه الزيادات إلى “غياب الاستقرار الاجتماعي كما حصل في بعض الدول إثر الزيادة في ثمن الخبز”.
وأضاف خراطي أن المغربي يؤدي زيادة سنوية كل عام وهي الزيادة في أسعار المواد الدراسية من كتب وأدوات وغيرها، وسماها “الضريبة غير المباشرة أو الصامتة”.
وكذبت الجمعية المغربية تصريحات وزراء أنكروا أي زيادة، وذكرت الجمعية أن “السادة الوزراء -الذين ربما حالت انشغالاتهم الكبرى الحكومية والسياسية دون حملهم للقفة (السلة)- لا يعلمون شيئا عن حقيقة السوق، وعليهم زيارته للوقوف على الزيادات المتكررة في المواد الغذائية الأساسية والخدماتية”.
رشيد أوراز، الباحث الرئيسي بالمعهد المغربي لتحليل السياسات (غير حكومي)، اعتبر أن “هناك موجة عالمية من ارتفاع أسعار بعض المواد لأسباب كثيرة، مرتبطة أساسا بارتفاع أسعار النقل على المستوى الدولي، والذي يؤثر على كل الدول التي تخضع لمعايير التجارة الدولية”.
وأضاف أوراز وهو خبير اقتصادي، للأناضول: “المشكلة أن بعض الحكومات الغربية والدول المتقدمة وضعت ميزانيات ضخمة من أجل إعطاء دينامية اقتصادية وإنعاش الاقتصاد بعد مرحلة كورونا”.
وتابع: “الإنفاق الكبير أدى إلى ارتفاع الطلب وبالتالي ارتفاع الأسعار على مستوى أسواق الولايات المتحدة بالدرجة الأولى والدول الأوروبية بالدرجة الثانية”.
واستطرد: “إن السياسات التدخلية للبنوك المركزية بهذه الدول المتقدمة ساهم في ارتفاع الأسعار”.
وأردف: “المغرب لديه شركاء مهمين، وهو كغيره من البلدان سيتأثر بموجة من التضخم الذي يسمى التضخم المستورد الذي يساهم فيه أّساسا ارتفاع أسعار المواد المستوردة”.
وشدد على أن “الحكومة المغربية مطالبة باللجوء إلى سياسات نقدية واقتصادية تخفف ثقل الزيادات على القدرة الشرائية للمواطنين المغاربة”.