منذ بداية الغزو الروسي لأوكرانيا الخميس، فر الآلاف من المواطنيين الأوكرانيين البلاد نحو البلدان المجاورة، حيث وجدوا ملاذا أمنا. شأنهم شأن حوالي 10 آلاف طالب عربي وجدوا أنفسهم عالقين وسط نزاع لا علاقة لهم به. في أوكرانيا، تحتل الجالية المغاربية المركز الثاني كأكبر جالية طلابية أجنبية في البلاد.
وجّه طلاب مغاربة لا يزالوا عالقين بمدينة سومي، شمالي أوكرانيا، نداء استغاثة إلى سلطات بلادهم من أجل إنقاذهم، في وقت بلغ فيه عدد المواطنين المغاربة، الذين تمكنوا من مغادرة الأراضي الأوكرانية عبر المعابر الحدودية المخصصة من بولونيا ورومانيا وسلوفاكيا وهنغاريا، إلى حدود صباح اليوم الثلاثاء، 3230 مواطنا، بحسب الخارجية المغربية.
وكشف نحو 30 طالباً مغربياً، عبر مقاطع الفيديو، أنهم يعيشون أوضاعاً صعبة ومزرية في سومي الأوكرانية جراء نقص الأمن والغذاء والتوتر الذي يسود المدينة، لافتين إلى أنهم لا يستطيعون الخروج من منازلهم خوفا من القصف الجوي.
من جهتها، اعترفت الأمم المتحدة بأن بعض اللاجئين غير الأوروبيين، واجهوا العنصرية أثناء محاولتهم الفرار إلى بر الأمان على الحدود الأوكرانية، بسبب الحرب بين روسيا وأوكرانيا .
وكشفت تقارير تداولتها وسائل اعلام، خلال الأيام الماضية، عن تعرض عدد كبير من الأجانب “الغير أوروبيين” المقيمين في أوكرانيا لمعاملة عنصرية، خلال محاولتهم الفرار من جحيم المعارك، بعد الهجوم الذي شنته روسيا مؤخرا.
وأقرت الحكومة الأوكرانية بوجود تمييز تعرض له الأجانب في البلاد، وقال وزير الخارجية، ديمترو كوليبا، بهذا الصدد: ” إن الهجوم الروسي أثر على الأوكرانيين وغيرهم ممن لا يحملون الجنسية الأوكرانية بشكل مدمر”.
وأضاف وزير الخارجية الأوكراني، في تغريدة عبر “تويتر” أن الأفارقة الذين يريدون الإجلاء هم أصدقاؤنا وبحاجة للحصول على فرص متساوية في الوصول إلى بلادهم بشكل آمن.
وشدد على أن حكومة بلاده لا تدخر جهد من أجل حل المشكلة.
وناشد الطلبة المغاربة، الذين ما زالوا محاصرين بمدينة سومي، التي تبعد عن الحدود الروسية بحوالي 40 كلم، السلطات المغربية من أجل تأمين معبر لهم لمغادرة أوكرانيا، مشيرين إلى أنهم لم يتمكنوا من إيجاد أي وسيلة للخروج منها جراء توقف القطارات منذ اليوم الأول للغزو الروسي لأوكرانيا.
ويأتي ذلك في وقت تمكن فيه 3230 طالبا مغربيا، منذ بداية الغزو الروسي لأوكرانيا الخميس وإلى حدود صباح اليوم، من مغادرة الأراضي الأوكرانية، بعد أن وجدوا أنفسهم، طيلة ستة أيام، محاصرين بين نيران الحرب والبحث عن سبل النجاة.
وبحسب الجمعية المغربية لخريجي الجامعات والمعاهد السوفييتية سابقا، فإنّ الطلبة المغاربة العالقين بأوكرانيا يواجهون مشاكل عدة، من أبرزها انعدام التواصل بينهم وبين ممثلي السفارات المغربية بالدول الحدودية لأوكرانيا، إضافة لقلة الرحلات التي خصصتها السلطات المغربية لإجلاء العالقين.
ووفق المعطيات التي كشفت عنها الجمعية، خلال ندوة صحافية عقدتها مساء الثلاثاء بالرباط، فإنّ عدد الطلبة المغاربة بأوكرانيا يصل لحوالي 14 ألف شخص، مشيرة إلى أن هذه الأرقام تبقى تقديرية في ظل غياب معطيات رسمية من وزارتي الخارجية والتعليم العالي.
وبينما يضاعف المغرب جهوده الدبلوماسية من أجل تسهيل خروج الآلاف من طلابه من أوكرانيا نحو دول الجوار، باتخاذ إجراءات متوالية، طالب رئيس مرصد التواصل والهجرة بأمستردام بهولندا، جمال الدين ريان، الدولة المغربية بإنهاء معاناة الطلبة الذين وصلوا إلى العاصمة الرومانية مع السكن بتوفير الفنادق لمن يريد منهم العودة إلى المغرب، وتسهيل عبور من يرفض العودة منهم إلى بلدان أوروبية أخرى للاستقرار عند ذويهم، مشيرا، في حديث لـ”العربي الجديد “، إلى أن بعض سفارات المغرب في دول الجوار وفرت السكن للطلبة في الفنادق، في حين لم تقدم أخرى على الخطوة نفسها.
من جهة أخرى، طالب ريان الخارجية المغربية بإيلاء مسألة الطلبة المفقودين المزيد من الاهتمام، والهلال الأحمر المغربي بالالتحاق بالمعابر الفاصلة بين أوكرانيا وجيرانها لمواكبة الطلبة المغاربة وتقديم الخدمات الصحية لهم، كاشفا عن أن مصير طالب مغربي صدمته سيارة عسكرية أوكرانيا مازال غامضا إلى حد الساعة.
وترك الكثير من هؤلاء لساعات ينتظرون في ظل البرد القارس على الحدود مع بولندا.
وأكدت الأمم المتحدة، الثلاثاء، أن الأجانب واجهوا معاملة تمييزية مقارنة بالأوكرانيين على حدود الدول المجاورة.
وأشارت إلى أن الأمر يتصل بالمهاجرين غير الأوروبيين.
وقد أدانت المنظمات والمسؤولون الحكوميون والشخصيات العامة في جميع أنحاء العالم المعاملة التمييزية بما في ذلك عمدة لندن صادق خان والاتحاد الأفريقي والفنانة الأمريكية بيونسيه .
وغردت مؤسسة BeyGood الخيرية، التي أطلقتها بيونسيه في عام 2013، يوم أمس: «نشعر بالحزن إزاء نبأ حرمان الطلاب الأفارقة وغيرهم من الطلاب الدوليين على الحدود أثناء محاولتهم مغادرة أوكرانيا. نأمل أن تتمكن السفارات المختلفة من تصحيح الوضع بسرعة لمساعدة المحتاجين إلى الدعم».
وخلال زيارة إلى سلوفاكيا يوم الثلاثاء، قالت مفوضة الشؤون الداخلية بالاتحاد الأوروبي إيلفا يوهانسون، إن الاتحاد الأوروبي يجب أن يستعد «لملايين» اللاجئين الآخرين الفارين من الغزو الروسي لأوكرانيا بعد انتقال حوالي 500 ألف إلى الكتلة، وأنها تأمل في أن يقوم المجلس الأوروبي بتفعيل توجيه الحماية المؤقتة يوم الخميس لتوفير الحماية لأولئك الفارين، وأضافت أنهم يتطلعون إلى نشر المزيد من الأشخاص لمساعدة الدولة الواقعة في الاتحاد الأوروبي على الحدود مع أوكرانيا.
وأفادت تقديرات للأمم المتحدة، الاثنين الماضي، أن عدد النازحين داخليا في أوكرانيا من جراء العملية العسكرية الروسية بلغ حوالي مليون نازح، فيما بلغ عدد اللاجئين من داخل أوكرانيا إلى الدول المجاورة قرابة 660 ألف شخص.
ولا شك أن من بين هؤلاء النازحين داخليا أو اللاجئين إلى الدول المجاورة العديد من رعايا الدول العربية، غير أنه لم يعرف بعد عدد العرب من بين هؤلاء، ناهيك عن أنه لا يعرف عدد أبناء الدول العربية في أوكرانيا، رغم أن التقديرات تشير إلى آلاف منهم، سواء أكانوا طلابا أم مقيمين.
وبينما دعت الدول العربية رعاياها إلى مغادرة أوكرانيا مع بداية العمليات العسكرية الروسية في الدولة السوفياتية السابقة، فإن قلة على ما يبدو نجحت منهم في مغادرة أوكرانيا والعودة إلى بلادهم.
ومنذ بدء العمليات العسكرية الروسية، تواصل دول عربية إجلاء رعاياها أو تزويدهم بمعلومات حول كيفية الخروج من أوكرانيا، مثل تحديد بعض المعابر حيث يمارس القناصل العرب أو ممثلون عنهم تسهيل مهام اللاجئين من أبناء بلدانهم.
ونجحت العديد من الدول العربية في إخراج بعض من رعاياها ولكن للأسف، تبقى أعدادهم قليلة.