نائب المعارضة : الحكومة ماضية في تسلطها على المؤسسة التشريعية وترفض جميع مشاريع قوانين ومقترحات المعارضة

0
235

أعرب حزب “العدالة والتنمية” المعارضة بمجلس النواب (الغرفة الأولى للبرلمان المغربي) اليوم الاثنين عن قلقه إزاء “التغول والهيمنة البرلمانية للحكومة وأغلبيتها”، معتبرة أن التوجه العام الذي تمضي فيه حكومة عزيز أخنوش هو الهيمنة والتضييق على المؤسسة البرلمانية بصفة عامة، وعلى المبادرات التي تأتي بها المعارضة سواء تعلق الأمر بالتشريع أو بمراقبة الحكومة بصفة خاصة.

جاء ذلك في تصريح  عضو المجموعة البرلمانية لحزب العدالة والتنمية،مصطفى ابراهيمي، لموقع الحزب الاكتروني، موضحاً أنه كلما تتقدم الفرق والمجموعات النيابية للمعارضة بمقترح قانون يتم رفضه من قبل الحكومة، وكأن السلطة التنفيذية عندها وصاية على السلطة التشريعية.

وأضاف أن مقترح القانون مثله مثل مشروع القانون لما يُطرح في المؤسسة التشريعية سواء في الغرفة الأولى أو الثانية، يُقدم في الجلسة العامة ويُناقش بشكل تفصيلي في اللجن، وتُدخل عليه تعديلات ويصوت أو لا يُصوت عليه في اللجنة وفي الجلسة العامة؟

و أردف المتحدث نفسه: “نحن كمعارضة لا مشكل لدينا أن يرفضوه بالتصويت، أما أن ترفض الحكومة هكذا وحتى بدون تقديم مبررات”.

و رأى المتحدث أن “هذه الطريقة ما أنزل بها الله من سلطان، وهو نزوع هيمني وتسلط وفرض الوصاية من قبل السلطة التنفيذية على السلطة التشريعية من خلال رئاسة المجلس التي تقوم ببدع لم تكن في المجلس السابق سواء في الغرفة الأولى أو الثانية”.

ولفت المتحدث إلى أن هذا التضييق يتجلى أيضا في مجموعة من المؤشرات والممارسات الغريبة، منها التضييق على عمل اللجن من خلال إغلاقها أمام الرأي العام والإعلام، مبرزا أن الهيمنة طالت أيضا مبادرات استدعاء المسؤولين والوزراء من قبل اللجن.

وانتقد إبراهيمي ما وصفه بتهرب رئيس الحكومة من الجلسة الشهرية بحيث بدل أن يأتي إلى البرلمان كل شهر حسب ما ينص عليه الدستور يأتي كل شهرين، فضلا عن تواطؤ رئيس مجلس النواب والأغلبية. 

بدوره، هاجم عبد الله بوانو، رئيس المجموعة النيابية لحزب العدالة والتنمية، حكومة عزيز أخنوش و أغلبيتها داخل مجلس النواب، وقال: “هناك توجه نحو الهيمنة والتحكم وقتل السياسة”، مضيفا : “اليوم هناك تغول وتوجه نحو الهيمنة، وكلما وجهنا انتقادا للحكومة تهاجمنا الأغلبية وتشوش علينا”.

من ناحية أخرى، يشعر المنتقدون بالقلق من ضعف المعارضة داخل البرلمان. كما أنهم يخشون تضارب المصالح الناشئ عن تكليف أعضاء أقوياء من مجتمع الأعمال بمسؤولية الحكومة.

في الأنظمة الديمقراطية يتم عادة الاهتمام والتركيز على العملية الانتخابية وشفافيتها وعلى الأحزاب الفائزة بالانتخابات وعلى الحكومة وتحالفاتها وبرنامجها، ولكن قليلاً ما يتم الاهتمام بحقل المعارضة. وفي ظني ان للمعارضة دوراً في العملية الديمقراطية لا يقل عن دور الأغلبية لأنه بدون المعارضة الشرعية والبرلمانية لا يمكن تداول السلطة، والتداول على السلطة أهم مرتكزات الديمقراطية وبدونه نكون أمام حكم استبدادي أو ديمقراطية شكلية حتى لو جرت الانتخابات.

في المشهد السياسي المغربي، بالرغم من ان غالبية قوى المعارضة تمارس دورها في إطار الالتزام بالدستور كما أنها معارضة للحكومات وبرامجها وليس للنظام والدولة، إلا أنها ضرورية لترسيخ واستمرارية المسار الديمقراطي أو ما يُطلق عليه أحيانا اللعبة الديمقراطية. وحاجة المغرب لمعارضة برلمانية قوية لا تقل عن حاجته لحكومة قوية، وغياب او ضعف المعارضة البرلمانية مؤشر على وجود خطب ما في النظام السياسي.

بالرغم من سهولة تشكيل حكومة ائتلافية قوية من الأحزاب الثلاثة الليبرالية والمحافظة الفائزة في الانتخابات الأخيرة والحاصلة على غالبية المقاعد في البرلمان بحصولها على 270 مقعداً من مجموع مقاعد البرلمان وعددها 395 وأغلبية مريحة في الغرفة الثانية –مجلس المستشارين- مقابل حصول أحزاب المعارضة على 124 مقعدا فقط، وبالرغم مما بين هذه الأحزاب من توافق وانسجام سياسي وأيديولوجي وتماهيها مع سياسة القصر، بالرغم من ذلك فهناك تحدي كبير سيواجه الحكومة والاستقرار في المغرب بشكل عام يتأتى من وجود معارضة برلمانية هشة ومشتتة وغير منسجمة سياسياً وأيديولوجياً، معارضة خليط من أحزاب يسارية وعلمانية وإسلامية وإدارية وبينها تاريخ طويل من الخصومة والاتهامات المتبادلة.

لا شك أن البيئة السياسية الوطنية والعالمية تبدلت والمغرب في عهد الملك محمد السادس قطع شوطاً كبيراً في مساره الديمقراطي من خلال تنازلات متبادلة ما بين المؤسسة الملكية وقوى المعارضة مصحوباً بنضج ووعي شعبي ووجود شبه إجماع حول المؤسسة الملكية التي تلعب دور الحَكَم والضامن للاستقرار والاستمرارية، وخفوت حدة الاستقطاب الأيديولوجي الذي كان مصدره بداية الثنائية القطبية الدولية ثم لاحقا صعود الإسلام السياسي في موجة ما يسمى الربيع العربي، كما أن التعديلات الدستورية المتعاقبة منحت للمعارضة البرلمانية مهام وصلاحيات مهمة بغض النظر عن قوتها البرلمانية، فدستور 2011 وفي الفصل 60 استعمل لأول مرة مصطلح المعارضة وخولها مجموعة من الصلاحيات تجعلها شريكاً في وظيفة التشريع والمراقبة ورئاسة اللجان الخ. بالرغم من كل ذلك فإن حديث المعارضة عن وجود تجاوزات وتزوير خلال الانتخابات وتحديات تداعيات الكورونا وأزمة المناخ وانعكاساتها الاقتصادية وزيادة التوتر بين المغرب والجزائر سيضع تحديات كبيرة أمام الحكومة والنظام السياسي ككل ومن هذه التحديات هشاشة المعارضة وعدم تجانسها، فحتى مع الصلاحيات الممنوحة لها دستورياً والحقوق المنصوص عليها قد تكون عاجزة حتى عن القيام بهذه المهام والحقوق بجدارة.

كتب تشارلي روبرتسون، كبير الاقتصاديين العالميين في رينيسانس كابيتال، في مذكرة بعد الانتخابات: “عادت الأحزاب المؤيدة للأعمال التجارية، وهذا يمنحنا الأمل في أننا سنعود إلى الموقف الأكثر تأييدا للإصلاح 2011-16”. وكان يشير إلى الإصلاحات المالية وخفض الدعم الذي سنته حكومة حزب العدالة والتنمية الأولى، والتي قال إن الحكومة التي تلتها للحزب تراجعت عن بعضها.

يقول مصباح: “لن تكون هناك معارضة تقريبا في البرلمان، وهو ما لا وجود له في أي ديمقراطية.. في المغرب، كان هناك دائما نوع من التوازن، حتى لو كانت المعارضة ضعيفة. ستكون لدينا حكومة قوية للغاية يمكنها أن تمرر أي قوانين، وستضم رجال أعمال ذوي مصالح كبيرة”.

وعد رئيس الحكومة الجديد بخلق مليون وظيفة لإنعاش الاقتصاد بعد الوباء، من خلال برنامج الأشغال العامة ودعم رواد الأعمال.

ومع ذلك، يقول البعض إنه بعد 10 سنوات من قيادته للحكومة، فقد حزب العدالة والتنمية الدعم الشعبي، حتى بين قاعدته الإسلامية الأساسية، وإن هزيمته في الانتخابات كانت انعكاسا حقيقيا لتصور الناخبين بأن الحزب غير فعال، وغير قادر على تحقيق وعوده الانتخابية السابقة بالوقوف في وجه الفساد والاستبداد.

يقول رجل الأعمال كريم التازي: “من الواضح أنهم غير قادرين على إدارة الاقتصاد، ويفتقرون إلى الإرادة لدفع تفسير ديمقراطي للدستور.. كان همهم الوحيد أن يقبلهم القصر، ولم يستخدموا كل الصلاحيات التي لديهم”.

يستشهد المحللون بأمثلة نفرت الناخبين، بما في ذلك اتفاقية التطبيع مع إسرائيل التي وقعها العام الماضي سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة حزب العدالة والتنمية.

كما يأتي اختفاء المعارضة في البرلمان على خلفية حملة قمع ضد التعبير عن المعارضة في السنوات الأخيرة، أدت إلى سجن العديد من الصحفيين المستقلين بعد محاكمات بتهمة ارتكاب جرائم جنسية.

وصفت هيومن رايتس ووتش محاكمة الصحفي الاستقصائي عمر الراضي بتهمة الاغتصاب “لإسكات الأصوات الناقدة القليلة المتبقية في الإعلام المغربي”. وحكم عليه في تموز/ يوليو بالسجن ست سنوات، فيما ايدت محكمة الاستئناف الحكم في الشهر الجاري مارس.

قال مسؤولون مغاربة إنه لم تتم محاكمة أي شخص بسبب إبداء آرائه، وإن من حوكم قد خالف القانون.

وقال عمر الحياني، العضو المنتخب في المجلس المحلي للعاصمة الرباط، ممثلا لاتحاد اليسار الديمقراطي، إن غياب المعارضة وقمع الإعلام قد يهدد الاستقرار.

وقال: “الخطر هو أن تنتقل المعارضة إلى الشارع. سيكون هناك أشخاص سيعارضون الإصلاحات الاقتصادية الليبرالية التي ستجريها الحكومة. أو يمكننا أن نرى المزيد من الإجراءات مثل مقاطعة 2018”.