تواجه حكومة الملياردير “أخنوش” اتهامات من المعارضة بـ”التنصل” من وعودها الانتخابية، بعد الاقتراب من إكمالها المئة يوم الثانية في السلطة، في وقت تقول الحكومة إنها ترد على الانتقادات بـ”العمل والصمت”.
الرباط – أكدت صحيفة “ليكونوميست”، تراجع ثقة المغاربة بحكومة “الملياردير عزيز أخنوش” بعد 220 يوم على تشكيلها، حيث أن 61% من المغاربة غير راضين عن تواصل حكومة عزيز أخنوش.
وأشار الاستطلاع أن عدم الرضى من السياسة التواصلية للحكومة يتجذر أكثر لدى فئة الشباب والطبقة المتوسطة.
وأظهر الاستطلاع أن 71 بالمائة من الشباب ما بين 18 و24 سنة يعتبرون أن الحكومة لا تتواصل بالشكل الكافي، وتبلغ هذه النسبة إلى 63 في المائة لدى من تتراوح أعمراهم ما بين 25 و34 سنة، و61 في المائة ضمن الفئة التي يتراوح أعمارها ما بين 35 و44 سنة.
ويتمركز عدم الرضا على تواصل الحكومة على الصعيد الجهوي، في الشمال الشرقي، حيث تصل نسبة عدم الرضى إلى 74 في المائة، وفي الوسط والجنوب إلى 59 و54 في المائة على التوالي.
وأوضح الاستطلاع أن نسبة المغاربة الراضين على تواصل الحكومة لا يتجاوز 21 في المائة، في حين فضل 18 في المائة من المستطلعين عدم الإجابة.
وأكد الاستطلاع أن تواصل الحكومة بات مطروحا خاصة بعد تداعيات جائحة كورونا، وارتفاع أسعار المواد الأولية والمحروقات.
وأجري الاستطلاع في الفترة الممتدة ما بين 9 فبراير و11 مارس، على عينة مكونة من 1092 شخصا من مختلف الأعمار، ومن مختلف مناطق المغرب.
“لم تنجح الحكومة بحسب رأي المغاربة في أي من المهام التي أوكلت إليها بموجب كتاب التكليف، حيث لم تسجل الحكومة نسبة 50% اللازمة للنجاح، وبالأخص في حل مشكلات توفير فرص العمل، وتطوير منظومة التعلم ” أضاف التقرير.
التقرير، بين أن نسبة من يعتقدون أن الأمور في المغرب تسير في الاتجاه السلبي ارتفعت، من 53% عند التشكيل إلى 58% بعد مئتي يوم. والسبب في ارتفاع هذه النسبة هو تردي الأوضاع الاقتصادية بصفة عامة، وارتفاع معدلات الفقر والبطالة، والتداعيات التي فرضتها جائحة كورونا على القطاعات كافة.
وأضاف أن أهم المشكلات التي تواجه المغرب اليوم وعلى الحكومة معالجتها بشكل فوري هي ارتفاع نسب البطالة وقلة فرص العمل، وتردي الأوضاع الاقتصادية بصفة عامة، تداعيات جائحة كورونا وما نتج عنها، وازدياد مستويات الفقر.
لا شك أن الوضع الراهن في المغرب مقلق جدا، ويتّسمُ باستمرار موجة غلاء أسعار المواد الأساسية والمحروقات، وهناك تقديرات تشير إلى أن ملايين المغاربة باتوا يعيشون تحت خط الفقر، بسبب الأزمة التي تعصف بالبلاد. وإذا أضفنا إلى ذلك المخاوف من شبح الجفاف بسبب قلة التساقطات المطرية، خلال الموسم الحالي، فإن كل هذا يعتبر ناقوس خطر، ينذر بعواقبَ وخيمةٍ، ومخاطرَ كبيرةٍ ستؤدي -لا سمح الله- إلى انفجار شعبي يأتي على الأخضر واليابس كما يقولون.
إلى حد كتابة هذه السطور، ليس هناك ما يفيد أن هذه الحكومة قد أبدت اهتمامات فعلية بما يجري، أو أعلنت عن وضع خطط عاجلة بهدف مواجهة التحديات والصعوبات التي تعرفها أوضاع العباد والبلاد، اللهم إصدار بعض البلاغات والتصريحات الحكومية -كلما اقتضى الأمر ذلك- تُعبّر عن قلق الحكومة البالغ بشأن الجفاف وارتفاع الأسعار الخارجيْن عن إرادتها، بسبب تقلبات المناخ، وتقلبات الأسواق الدولية.
وكانت الحكومة وعدت بخلق مليون فرصة عمل، وإخراج مليون أسرة من الفقر، كما قدمت أحزاب الأغلبية الحكومية وعوداً برفع رواتب المعلمين إلى 7500 درهم (نحو 800 دولار) عند بداية مسارهم، بزيادة نحو 300 دولار، ورفع أجور العاملين في القطاع الصحي.
بدوره سجل تقرير لـ”مرصد العمل الحكومي”، وهو منظمة غير حكومية لتحليل السياسات، أن هناك “غياباً لأي مبادرات تواصلية لرئيس الحكومة، بشأن مختلف التدابير والإجراءات الحكومية، أو تقديم توضيحات في ما يخص مجموعة من القرارات المثيرة للجدل”.
وأشار التقرير إلى أن “رئيس الحكومة لم يعقد أي لقاء مع مختلف الفرقاء الاجتماعيين والمهنيين، رغم الظروف الاقتصادية والاجتماعية الصعبة التي ميزت انطلاق عمل الحكومة”، لافتاً إلى أن الذي ساد “هو التوجه التكنوقراطي، إذ طغى على عمل الحكومة الطابع الإجرائي التقني، في غياب أي مؤشرات سياسية تحدد توجه الحكومة وتدافع عن اختياراتها السياسية في مجالات الديمقراطية وحقوق الإنسان”.
وقال مدير “مرصد العمل الحكومي” محمد جدري، في حديث لـ”الشرق”، إن هناك اليوم “ارتفاعاً في منسوب الوعي السياسي لدى المواطنين، خصوصاً في ظل جائحة كورونا حيث أصبح المواطن يلمس أثر القرارات الحكومية بشكل مباشر، كإغلاق الحدود والحجر وجعل جواز التلقيح إلزامياً”.
وأشار جدري إلى أن “فجائية بعض القرارات الحكومية أدت إلى خرجات صدامية لبعض الوزراء، بشكل يستهلك الرصيد الشعبي للحكومة”، لافتاً إلى أن هناك ملفات أكبر “تحتاج الحكومة فيها إلى رصيد لتنزيل إصلاحات.. منها صناديق التقاعد وصندوق المقاصة.
من جهتها تقول الحكومة إنها أطلقت عدداً من المشاريع والورشات الكبرى، التي تستهدف “إحداث تحول اجتماعي واقتصادي يرقى إلى انتظارات المغاربة”.
وقال الدكتور عبد الودود خربوش، عضو المجلس الوطني لحزب “التجمع الوطني للأحرار”، قائد الائتلاف الحكومي، إن الحكومة “انكبت خلال الأشهر الستة على العمل في صمت، وعلى الإنجاز لا على الكلام وبيع الوهم للمغاربة”، مشيراً في رد على اتهامات المعارضة إلى أن رئيس الحكومة عزيز أخنوش “يعمل في صمت وينجز بعيداً عن الشعبوية والضوضاء”.
أبرز تلك الإجراءات بحسب القيادي في حزب التجمع الوطني للأحرار هو “تعميم الحماية الاجتماعية، عبر المصادقة على قوانين ستمكن 11 مليون مغربي من الاستفادة من التغطية الصحية والمعاش”. وكذلك “النهوض بقطاع التشغيل، إذ أطلقت الحكومة برنامج أوراش، الذي سيمكن من خلق 250 ألف فرصة عمل سنوياً، ورصدت له اعتمادات مالية تقدر بـ2.25 مليار درهم”.
وأشار الأكاديمي والنائب البرلماني السابق إلى أن الحكومة “عملت على تحسين مناخ الأعمال وتشجيع الاستثمار(…) وقد صادقت على 31 مشروعاً اتفاقياً بنحو 21.5 مليار درهم، ما سيمكن من خلق فرص عمل إضافية تصل إلى 11 ألفاً و500 منصب عمل”.
وانتقد تقرير مرصد العمل الحكومي تعاطي الحكومة مع تداعيات جائحة كورونا، وقال إنها “لم تقر أي إجراءات أو تدابير للتعاطي مع الارتفاع الكبير الذي شهدته أسعار مجموعة من المواد الأساسية”، مشيراً إلى أنه “باستثناء حزمة التعويضات المقررة لمهنيي قطاع السياحة، لم تمنح الحكومة أي تعويضات للقطاعات الأخرى المتضررة”.
لكن الحكومة تقول إنها قدمت دعماً للمواطنين والقطاعات المتضررة بسبب جائحة كورونا بنحو 4 مليارات درهم، ورصدت 9 مليارات درهم في أفق أبريل 2022 لدعم المقاولات الصغرى المتوسطة عبر أداء مستحقات الضريبة على القيمة المضافة.
وقال الدكتور عبد الودود خربوش، القيادي في حزب “التجمع الوطني للأحرار”، إن الحكومة خصصت ملياري درهم لدعم القطاع السياحي والعاملين فيه، كما رصدت 16 مليار درهم لدعم صندوق المقاصة للحفاظ على أسعار المواد المدعمة، فضلاً عن تخصيص 8 مليارات درهم لأداء مستحقات ترقية الموظفين التي كانت متوقفة منذ سنتين.
واعتبر الخبير الاقتصادي محمد جدري أن على الحكومة “التي تملك أغلبية مريحة في البرلمان أن تعمل خلال السنوات المقبلة بجرأة أكبر من أجل رفع وتيرة الإنعاش الاقتصادي وتنزيل النموذج التنموي الجديد، لتقليص الفوارق الاجتماعية في المملكة”.