رئيس المخابرات الإسبانية السابق: “المغرب لن يتخلى في يوم من الأيام عن مدينتي سبتة ومليلية”

0
281

أثار التصريح الأخير لحاكم مدينة مليلية المحتلة إدواردو دي كاسترو، عن حزب المواطنة، بضرورة تخلي المغرب عن مطالبه بشأن مدينتي سبتة ومليلية وجزر الكناري السليبة جملةً من التساؤلات حول خلفيات هذا التصريح في هذا التوقيت بالذات، بعد أن بدأت العلاقة بين البلدين تعرف بعض الانفراج، إثر التصريح الأخير لرئيس الحكومة الإسبانية حول قضية الصحراء الغربية، والذي اعتبر أنَّ الحكم الذاتي الذي طرحه المغرب كحلٍّ وحيد يعتبر ذا جدّية ومصداقية. 

مدريد – قال رئيس المخابرات الإسبانية السابق، خورخي دزاكالار، إن “المغرب لن يتخلى في يوم من الأيام عن مدينتي سبتة ومليلية، ولن يوقف طموحاته بشأن استرجاعهما من إسبانيا” معتبرا أن “الخلاف حولهما سيظل دائما، وأن المغرب سيعود للمطالبة بهما ولن يتخلى عنهما مهما كان”.

ووفق ما جاء في حوار له مع وكالة الأنباء الإسبانية “أوروبا بريس، أكد دزاكالار على أن “الحكومة الإسبانية يجب أن توضح الاتفاقيات التي توصلت إليها مع الرباط من أجل إنهاء الأزمة الديبلوماسية بين البلدين”

وقال دزاكالار الذي سبق أن اشتغل في منصب سفير مدريد في الرباط بين 1997 و2001، أن الرباط استعملت ورقة الهجرة للضغط على مدريد في السنوات الأخيرة، ضاربا ما حدث في ماي الماضي من تدفقات للمهاجرين على سبتة، مضيفا أن الاتفاق الثنائي الجديد سيقيف ضغط الهجرة، لكن على الحكومة الإسبانية أن توضح ماهية الاتفاق أو الاتفاقيات المبرمة مع المملكة المغربية.

وبخصوص مقترح الحكم الذاتي المغربي للصحراء كحل “جدي وواقعي وذو مصداقية”، قال خورخي دزكالار أن سيقبل بكونه “واقعي” فقط، لأن هذا كل ما يُمكن أن يحصل عليه “الصحراويون” من المغرب، مشيرا إلى أن المغاربة يرون أن الحكم الذاتي هو أقصى ما يُمكنه تقديمه لحل هذا النزاع.

وفي 14 مارس الماضي، اعتبر رئيس الوزراء الإسباني في رسالة وجهها إلى الملك محمد السادس، أن مبادرة الرباط للحكم الذاتي “الأكثر جدية” لتسوية النزاع في إقليم الصحراء.

وجاء في الرسالة أن “إسبانيا تعترف بأهمية قضية الصحراء بالنسبة للمغرب، وتعتبر مبادرة الحكم الذاتي التي تقدم بها المغرب سنة 2007 بمثابة الأساس الأكثر جدية وواقعية ومصداقية من أجل تسوية الخلاف”.

ووضع البلدان حدا لهذا الخلاف في 18 آذار/مارس بعد إعلان إسبانيا دعمها لخطة الحكم الذاتي المغربية لتسوية النزاع في الصحراء المغربية المستعمرة الإسبانية السابقة في بادرة كانت تنتظرها الرباط لتطبيع العلاقات مع مدريد.

ومن المنتظر ان تساهم المواقف الاسبانية الجديدة من تحسين العلاقات بين مدريد والرباط وتعزيز التعاون في العديد من المجالات خاصة المجال الاقتصادي والامني بحكم القرب الجغرافي والقدرات الكبيرة التي يتمتع بها الشعبان الاسباني والمغربي.

وقال وزير الخارجية الإسباني خوسيه مانويل ألباريس بعد اجتماع لمجلس الوزراء “سيتوجه رئيس الحكومة بعد ظهر الخميس إلى المغرب حيث سيلتقي ملك المغرب”.

وسيُشارك في ما بعد في إفطار مع ملك المغرب، في “بادرة قوية جدًا” من قبل الملك محمد السادس، بحسب ألباريس الذي سيشارك أيضًا في الزيارة.

وستستمر زيارة سانشيز حتى الجمعة، وفق وزير الخارجية الإسباني.

وأعلنت مدريد علنًا دعمها لخطة الحكم الذاتي المغربية في الصحراء المغربية، معتبرة إياها حالياً “الأساس الأكثر جدية وواقعية ومصداقية لحل النزاع”.

والصحراء المغربية منطقة صحراوية شاسعة غنية بالفوسفات وتتمتع بثروة سمكية كبيرة، تتنازعها الرباط مع جبهة بوليساريو المدعومة من الجزائر منذ انسحاب الاسبان منها عام 1975.

رسميا : رئيس وزراء أسبانيا يزور المغرب يوم الخميس بدعوة كريمة من الملك المفدى محمد السادس

تقع مدينة سبتة على الساحل المغربي عند مدخل البحر المتوسط على مضيق جبل طارق، وتبلغ مساحتها 20 كيلومتراً مربعاً، فيما يبلغ تعداد سكانها حالياً 82 ألف نسمة، ويقابلها جبل طارق، إذ تبعد حوالى 26 كلم عن السواحل الجنوبية لإسبانيا، ويتمتع المغاربة القاطنون فيها بحقوق المغاربة القاطنين في المدن المغربية الأخرى. 

وتقع مدينة مليلية في شرق المغرب، قرب مدينة الناظور، وتزيد مساحتها على 12 كيلومتراً مربعاً، ويبلغ تعداد سكانها حالياً حوالى 70 ألف نسمة. وقد كانت في الأصل قلعة بُنيت على تلة مرتفعة، وتبعد 500 كيلومتر عن السواحل الإسبانية. لذلك، فهي أكثر تأثراً بالثقافة المغربية، وعدد المغاربة الذين يعيشون فيها أكثر من أولئك الذين يعيشون في سبتة. 

يعود احتلال إسبانيا للمدينتين السليبتين إلى القرن الـ15 إبان العهد القشتالي الإسباني، بعد أن دبَّ الوهن والضعف في أوصال إمارة بني الأحمر في غرناطة، فانتهز زعماء قشتالة والبرتغال الفرصة للقضاء على الوجود الإسلامي في الأندلس، في ما يعرف بـ”حروب الاسترداد”، وكانت غرناطة آخر القلاع الإسلامية التي سقطت في يدهم في العام 1492.

وتكتسب المدينتان أهميةً اقتصاديةً بالنسبة إلى إسبانيا، فهما تشكّلان نقطتي استقبال الجالية المغربية المقيمة في أوروبا التي تمر عبر التراب الإسباني للوصول إلى المغرب خلال فصل الصيف، ما يسهم في الرواج الاقتصادي، سواء داخل التراب الإسباني أو داخل المدينتين السليبتين، وبالتالي يحقق عوائد مالية على الخزينة الإسبانية. 

حلل الصحافي المغربي خالد البوهالي خطوات الحكومة المغريية عبر تقرير على موقع الميادين،بقوله ، لذا ، سار المغرب في السنوات الأخيرة في اتجاهين:

الاتجاه الأول: من خلال خنق اقتصاد المدينتين عبر إغلاق المعابر الحدودية بين المغرب والثغرين المحتلين، إذ تنشط عملية عبور الأشخاص والبضائع من خلال عملية تمرير السلع والبضائع المهربة نحو التراب المغربي، ما ينعش الحركة الاقتصادية والتجارية للمدينتين. وقد ساهم هذا الإغلاق في حدوث ركودٍ اقتصاديٍ حاد في المدينتين، جعل الدولة الإسبانية تتدخل للحيلولة دون حدوث أزمةٍ اقتصاديةٍ. 

الاتجاه الثاني: يتمثّل بتطوير المغرب للبنى التحتية، من خلال تشييد ميناء طنجة المتوسط على مساحة تقدر بحوالى 200 هكتار، في موقعٍ استراتيجيٍّ مهم يُطل على جبل طارق، وهو يصنف من أفضل الموانئ في العالم، لكونه أصبح ينافس الموانئ الإسبانية الجنوبية في حركة نقل البضائع والسلع والخدمات، ومن بينها ميناء سبتة. أضف إلى ذلك أنَّ ميناء الناظور غرب المتوسط، والذي ما زال قيد التشييد، سيساهم في حركة المنافسة العالمية في المجال البحري. 

لذا، لا تنظر إسبانيا بارتياح إلى المساعي المغربية، تعتبرها تهديداً لمصالحها وإخلالاً بالتوازنات الإقليمية التي كانت تميل إلى مصلحتها، وهو ما تجلى في تصريح حاكم مليلية المذكور أعلاه لصحيفة “إسبانيول”، بأنَّ استراتيجية المغرب مع المدينتين الإسبانيتين الأفريقيتين يمكن تلخصيها بمحاولته “تحقيق النمو لإغراقنا”، عبر تشييد موانئ ضخمة في شمال المغرب إلى جانب البنى التحتية الأخرى. 

وفي هذا الصدد، يقول الصحافي الراحل مصطفى العلوي، مدير صحيفة “الأسبوع الصحافي”، في كتابه “الحسن الثاني الملك المظلوم”، إنَّ الأخير تدخل أثناء توقيع اتفاقية الصداقة والتعاون بين وزيري خارجية إسبانيا والمغرب، قائلاً: “لا تراجع في اعتبار سبتة ومليلية أراضي محتلة، وأن الاتفاق بشأنها سيبقى رهيناً باتفاق حل قضية جبل طارق مع الإنكليز”.

وروى الكتاب نفسه أعلاه أن زوجة الملك السابق خوان كارلوس، الملكة صوفيا، كتبت في مذكراتها “reina muy de cerca la” أن الملك الراحل الحسن الثاني كاد يتسبب بسقوط زوجها خوان كارلوس في فخ، حين قال له: “تعالَ يا جلالة الملك كارلوس وقم بزيارة رسمية لسبتة ومليلية. سأخصص لك استقبالاً يليق بعظمتك”، فأجابه الملك خوان كارلوس: “لا يا حسن، كيف تريد أن تستقبلني فوق أراضٍ هي في ملكيتي”.

وهناك موضوع آخر لا يقل أهمية عن قضيتي سبتة ومليلية، يتعلق بقضية جزر الكناري، الموجودة في السواحل الجنوبية للمغرب، وقضية جبل “التروبيك” الغني بالمعادن النفيسة الموجودة قربها.

في محاولة للاستحواذ عليه، سعت إسبانيا للتقدم بطلبٍ إلى الأمم المتحدة، للترخيص لها بتمديد الجرف القاري لجزر الكناري من 200 ميل بحري إلى 350 ميلاً، ما يضيف إلى المناطق البحرية التي تقع تحت وصايتها مسافة تقدر نحو 350 ألف كلم مربع، متعللة باتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار الصادرة في العام 1982، التي تنص على حق الدولة في السيادة على أول 22 كيلومتراً من سواحلها، أو ما يُصطلح عليه “البحر الإقليمي”، ما يمكّنها من بسط سيادتها الكاملة على الهواء والجو والبحر والفضاء وتحت الماء، مع إمكانية إنشاء منطقتها الاقتصادية على امتداد 370 كيلومتراً من الساحل، واستغلال المنطقة لاستكشاف الموارد الطبيعية للبحر وتربة الأرض فيها واستخراجها وصونها وإدارتها، بما في ذلك الحيوانات والمعادن والطاقة، غير أنها عادت لتعترف بأن جبل “تروبيك” بعيد عن سواحل جزيرة “إلهييرو” التابعة لأرخبيل جزر الكناري بنحو 499 كلم.

لذا، ليس وارداً أن يقايض المغرب بالتخلي عن المطالبة باسترجاع المدينتين وجزر الكناري إلى الوطن الأم، للاعتبارات التي سيقت أعلاه، في مقابل دعم إسبانيا له في قضية الصحراء الغربية، سواء في المدى المتوسط أو البعيد، فهو ما فتئ يطالب منذ حصوله على الاستقلال في العام 1956 باسترداد كل الأراضي الواقعة تحت الاحتلال الإسباني، لأنَّ ذلك ستكون له ارتدادات في الداخل المغربي، ولا يمكن الاطمئنان إلى السياسة الخارجية الإسبانية تجاه المغرب، والتي تتغير بتغير القائمين عليها. 

وأياً كانت التصريحات الإيجابية الظاهرة للمسؤولين الإسبان تجاه المغرب، فالسياسة الإسبانية لن تَأْلُوَ جهداً في إضعافه. ولا ننسى تلك الوصية التي تركتها الملكة إيزابيلا، عاهلة مملكة قشتالة، بشأن المغرب قبل وفاتها بشهرين، ومفادها: “أوصي وأنصح وآمر بالطاعة النهائية للكنيسة الكاثوليكية والدفاع عنها دائماً وأبداً بكل غالٍ ونفيسٍ من الأموال والأرواح، وآمركم بعدم التردد في التخطيط لتنصير المغرب وأفريقيا ونشر المسيحية فيهما، فذلك ضمان حقيقي لكلِّ استمرار كاثوليكي في جزيرة إيبيريا الصامدة. ومن أجل ذلك، فالخير كل الخير لإسبانيا في أن يكون المغرب مشتتاً وجاهلاً وفقيراً ومريضاً على الدوام والاستمرار”.