وصفت نقابة في المغرب عدم تدخل حكومة الملياردير “عزيز أخنوش”، ب “المخيب للآمال و دون مستوى انتظارات المواطنين” الذين تدهورت قدرتهم الشرائية بفعل الارتفاع الجنوني للأسعار و الذي بلغ 200 بالمائة في بعض المواد الأساسية، و”يضرب القدرة الشرائية للمواطنين”، إذ لم يأخذ بعين الإعتبار الوضعية الإجتماعية المتدهورة لجزء كبير من المجتمع المغربي الذي يعرف فوارق طبقية كبيرة.
و تشاطر العديد من أحزاب المعارضة والنقابات والمنظمات قلقاً بخصوص ما تعرفه المملكة منذ سبتمبر الماضي من ارتفاع جنوني في أسعار العديد من المواد خاصة الأساسية، ما جعل القدرة الشرائية للطبقات الهشة وحتى المتوسطة تتدهور بسرعة فائقة.
وحسب “الكونفدرالية الديمقراطية للشغل”، فقد ارتفعت “بصورة جنونية” أسعار عدد من المواد الغذائية واسعة الاستهلاك وأسعار الماء والكهرباء ومواد البناء وبضائع ذات أهمية في حياة المواطنين، ناهيك عن أسعار الأدوية والمستلزمات الطبية إضافة إلى استمرار فرض أسعار مرتفعة للتحليلات المخبرية المتعلقة بالكشف عن كوفيد-19 علاوة على الارتفاع المستمر في أسعار المحروقات.
و كشفت النقابة، المحسوبة على حزب “الإتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية” التابع للمعارضة عن أن “الزيادات في أسعار بعض المواد الأساسية والخدمات تترواح ما بين 20 إلى 200 بالمائة”.
وأكدت أن ما نعيشه اليوم هو ضرب القدرة الشرائية للطبقة العاملة وكافة المواطنين والمواطنات، خاصة أننا مازلنا نعيش على وقع تداعيات الجائحة وارتفاع معدل البطالة، واستمرار فقدان مناصب الشغل، أمام استمرار التجاهل الحكومي، وضعف وتواطؤ آليات ومؤسسات المراقبة والمنافسة.
من جهتها، تناقلت وسائل الإعلام المحلية الإرتفاع الكبير في الأسعار في المغرب، إذ ارتفع، على سبيل المثال، قفز سعر الطماطم في السوق لأكثر من 10 دراهم للكيلوجرام (نحو 1.3 دولار) بعد أن كانت تباع بنصف هذا السعر أو أدنى، و ثمن قارورة من الزيت العادية (5 لترات) ب90 درهماً (5ر9 دولار) وثمن الزيوت النباتية (قارورة 5 لترات) بـ99 درهماً (قرابة 10 دولارات)، أما الفلفل الأحمر والأصفر بـ 25 درهما للكيلو، جميع المواذ الاساسية ارتفعت 100 %.
و انعكست هذه الزيادات الكبيرة و المتزامنة لعدة مواد استهلاكية أساسية على جيوب المواطنين، خاصة الفئات الهشة منهم، والتي تضررت أساساً من تداعيات أزمة كورونا التي أفقدت العديد من المواطنين وظائفهم أو أضرت بمداخيلهم القليلة أصلاً.
و بالمقابل، تواصل السلطات المغربية تجاهل هذا الوضع الاجتماعي الخطير، بعدم الاكتراث بارتفاع للأسعار.
و يبدو أن الحكومة، في إطار مشروع قانون الميزانية للسنة القادمة، لم تضع سياسة الدعم الاجتماعي ضمن أولوياتها و اكتفت بزيادة وصفت بغير الكافية لدعم الدولة للمواد الأساسية.
و يؤكد المتابعون للشأن الاقتصادي المغربي، أن زيادة الدعم الاجتماعي لا ترقى لأن تواجه الارتفاع الكبير في الأسعار، وهو ما سيتسبب في أزمة إجتماعية خانقة في الأشهر القادمة.
و حتى محاولات بعض أحزاب المعارضة احداث ضريبة على الثروة من أجل تحقيق عدالة جبائية و اعادة توزيع الثروات بشكل عادل باءت بالفشل.
و قد تقدم “تحالف فيدرالية اليسار” بتعديل يقضي بإحداث ضريبة على الثروة، لكن التعديل قوبل بالرفض.
ويرى مراقبون، أن الفوارق الاجتماعية في المغرب ستزداد أكثر في المستقبل بعدما اتسعت بفعل جائحة كورونا التي تسببت في فقدان مئات الألاف من العمال، في قطاعات السياحة والنقل والمؤسسات الصغيرة جدا والصغيرة وحتي المتوسطة، لمناصب عملهم.
و بلغت نسبة البطالة خلال العام الجاري بالمغرب 12 بالمائة، حسب أرقام صندوق النقد الدولي.
و لعل المظاهرات الأخيرة المنددة بتدني مستوى المعيشة و ارتفاع مستوى الفقر في المملكة لخير دليل على خطورة الأوضاع الاقتصادية و الاجتماعية بهذا البلد.
وأعلنت الحكومة أمس الخميس، أن مخزون القمح في البلاد يكفي المخزون خمسة أشهر على الأقل، في وقت يصعب فيه توفير المخزون الاستراتيجي من المواد الأساسية الغذائية والطاقية والصحية هذه السنة.
وقال الوزير المكلف بالعلاقات مع البرلمان الناطق الرسمي باسم الحكومة، مصطفى بايتاس، إن مخزون القمح الذي يتوفر عليه المغرب حالياً، يكفي لضمان حاجيات المملكة من هذه المادة الغذائية لمدة خمسة أشهر، لافتاً، خلال المؤتمر الصحافي الذي عقده بعد انعقاد المجلس الحكومي اليوم الخميس، إلى أن توفر المغرب على مخزون كافٍ من القمح “لا يطرح مشكلاً إلى حد الآن”.
وشددت على أن الحوار الاجتماعي يجب أن يقدم الجواب الضروري على السياق الاجتماعي المقلق، وذلك عبر الاستجابة لمطالب الحركة العاملة، وعلى رأسها الزيادة في الأجور بالقطاعين العام والخاص، ودعم القدرة الشرائية للمواطنين والمواطنات.
ودعت مختلف الأجهزة النقابية إلى تكثيف التعبئة باستحضار مجريات ومسار الحوار الاجتماعي، والاستعداد لتخليد تظاهرات فاتح ماي، واتخاذ كل المبادرات النضالية الضرورية لمواجهة الوضع الاجتماعي المقلق، مستنكرة الاستمرار في التضييق على الحريات النقابية.
وعلى الرغم من توفر المغرب على مخزون كاف من القمح، إلا أن الحكومة لن تقدر على توفير كامل المخزون الاستراتيجي من المواد الغذائية والطاقية والصحية هذه السنة، بسبب ارتفاع الأسعار ونقص المواد في السوق الدولية، بحسب المسؤول المغربي، الذي أكد أن وضع المخزون الاستراتيجي للمواد الأساسية “يتطلب سياسات عمومية جديدة لضبط التحكم في المواد، والظروف المناخية في بداية السنة لم تكن مناسبة بفعل الجفاف”.
وكان جلالة الملك المفدى محمد السادس حفظه الله قد دعا، في افتتاح السنة التشريعية 2021، إلى إحداث منظومة وطنية متكاملة تتعلق بالمخزون الاستراتيجي للمواد الأساسية، خاصة الغذائية والصحية والطاقية، بما يعزز الأمن الاستراتيجي للبلاد.
وبحسب الناطق الرسمي باسم الحكومة، فإن تطبيق مشروع المخزون الاستراتيجي في وضعية الغلاء، أمر صعب للغاية، في ظل ما تعرفه جميع المواد الأساسية المعنية بالمخزون الاستراتيجي من ارتفاع في الأسعار، معتبراً أن “الموضوع يتطلب بعض الوقت، وتمويلات إضافية لن تتوفر هذا العام”.
وتراهن الحكومة المغربية على التساقطات المطرية التي عرفتها المملكة في الأيام الماضية من أجل تحسين مخزون المملكة من المواد الغذائية. في حين قال بايتاس إن القطاع الزراعي شهد تعافياً ستكون له نتائج إيجابية، خصوصاً على مستوى قطاع تربية المواشي الذي سيساهم في تحسين النمو، مضيفاً: “ندعو الله ألا تكون هناك مفاجآت في فصل الربيع”.
ويعتبر المغرب ثالث مستهلك للقمح في أفريقيا، بعد مصر والجزائر، حيث يتجاوز الاستهلاك 100 مليون قنطار في العام، علماً أنه يعد من بين العشر دول في العالم الأكثر استيراداً للحبوب.
ويصل متوسط الاستهلاك الفردي إلى 200 كلغ من القمح في العام، أي ما يمثل ثلاثة أضعاف المتوسط العالمي، حيث يعتبر الخبز أهم مكون في النظام الغذائي المحلي.
وترتفع واردات المغرب من القمح حسب مستوى المحصول الذي يتغير من عام لآخر، فقد قفز في الموسم الماضي إلى 103.2 ملايين قنطار، بعدما بلغ 32 مليون قنطار في الموسم الذي قبله، و52.3 مليون قنطار في موسم 2018.
ويبقى الاستيراد في المغرب رهيناً بمستوى المحاصيل في الموسم السابق، فقد استورد في موسم 2019-2020، نحو 87.5 مليون قنطار، بعد محصول في حدود 52.3 مليون قنطار في موسم 2018-2019.
وإلى غاية نهاية العام الماضي، وصل استيراد المغرب من القمح نحو 46 مليون قنطار، بعد تسجيل محصول في حدود 103 ملايين قنطار في موسم 2020- 2021.
ولا يؤمن المغرب عبر الإنتاج كل حاجياته من الحبوب. فبين 2014 و2019، لم يغط متوسط الإنتاج من القمح والشعير والذرة، سوى 54% من الحاجيات، حسب المكتب الوطني المهني للحبوب والقطاني.
ويدفع الاستهلاك المحلي المرتفع من القمح بالسلطات العمومية إلى ضمان أسعار بيع القمح اللين لتفادي المنافسة الخارجية، كما تدعم سعر الدقيق المستخرج من القمح اللين بهدف توفير خبز في حدود 1.2 درهم.
وعمد المغرب في ظل ارتفاع أسعار القمح في السوق الدولية والرغبة في تكوين مخزون استراتيجي إلى اتخاذ قرار بتعليق الرسوم الجمركية على استيراد القمح بين نوفمبر الماضي وإبريل/نيسان الحالي.