قضت المحكمة الابتدائية في الحسيمة (شمال المغرب) اليوم الاثنين بالسجن أربع سنوات في حق ربيع الأبلق الناشط والمعتقل السابق على خلفية أحداث الريف، وغرامة نافذة قدرها 20 ألف درهم.
وقالت سعاد براهمة محامية الأبلق إن الإدانة تأتي على خلفية تدوينة له على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”.
وتوبع الأبلق بتهمة “الإخلال بواجب التوقير والاحترام للمؤسسة الدستورية العليا للمملكة بوسائل إلكترونية”.
وطالبت العديد من الأصوات والمنظمات الحقوقية السلطات المغربية بوقف المتابعة في حق الأبلق، وإسقاط التهم في حقه.
وقالت هيومن رايتس ووتش “ليس هناك حق أكثر جوهرية من حق انتقاد من يتولى السلطة، ولو كان ملكا. على المغرب أن يكفّ عن ملاحقة المنتقدين مثل ربيع الأبلق بناء على قوانين تقدس فعليا شخص الملك”.
كان الأبلق (35 عاما) ناشطا في “حراك الريف”، وهو حركة احتجاجية تطالب بحقوق اجتماعية واقتصادية وثقافية متساوية لأبناء منطقة الريف شمالي المغرب. نظم الحراك احتجاجات شعبية سلمية في الشوارع في 2016 و2017، قبل أن تنهيها حملة قمع شنتها السلطات. صدرت أحكام بالسجن على نحو 500 ناشط، مُعظمهم أُطلق سراحهم منذ ذلك الوقت. لكن عددا من قادة الحراك ما زالوا يقضون عقوبات تصل إلى 20 عاما في السجن. كان الأبلق من الذين حوكموا، وسُجن ثلاث سنوات قبل أن يُفرج عنه سنة 2020.
في 21 سبتمبر/أيلول 2021، نشر الأبلق مقطع فيديو على فيسبوك ويوتيوب، يقدم فيه تعليقات سياسية فترة وجيزة بعد فوز “التجمع الوطني للأحرار”، وهو حزب سياسي يقوده رجل الأعمال الثري عزيز أخنوش، بأغلبية المقاعد في الانتخابات البرلمانية المغربية. كما نشر مقطع فيديو آخر في 9 نوفمبر/تشرين الثاني بعد أن عيّن الملك محمد السادس أخنوش رئيسا للحكومة.
في مارس/آذار، استُدعى الأبلق عدة مرات إلى مركز شرطة في الحسيمة، حيث استجوبته الشرطة بشأن التصريحات الواردة في المقطعين. اتهمه وكيل للملك فيما بعد بـ”الإخلال علنا بواجب التوقير والاحترام لشخص الملك” بموجب المادة 179 من القانون الجنائي، وتوبع في حالة سراح. يحمي القانون الدولي حق الانتقاد السلمي لمسؤولي الدولة، خاصة “العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية”، الذي صادق عليه المغرب في 1979.
حُكم على الأبلق بالسجن خمس سنوات في يونيو/حزيران 2017 بتهمة “نشر أخبار كاذبة” و”انتحال صفة صحفي” بسبب تعاليق نشرها على مواقع إلكترونية داعمة لاحتجاجات الحراك التي كانت سارية في الشوارع آنذاك. تلقى الأبلق بعدها عفوا ملكيا وأُفرج عنه عام 2020 بعد أن شن عدة إضرابات عن الطعام في السجن.
قال الأبلق إن إدانته في 2017 استندت إلى اعترافات انتزعتها منه شرطة الحسيمة تحت التعذيب. قال إن عناصر الشرطة ضربوه على وجهه وهو مكبل اليدين أثناء جلسات الاستنطاق، وحاولوا خنقه بدسّ جفاف (ممسحة) قذر في فمه. قال أيضا إن رجالا مقنعين هددوا باغتصابه عدة مرات أثناء احتجازه في مركز شرطة في الحسيمة.
زار طبيب شرعي الأبلق في السجن عام 2017 بتكليف من “المجلس الوطني لحقوق الإنسان”، وهو منظمة تابعة للدولة، وكتب تقريرا سُرّب للصحافة لاحقا، جاء فيه أن الأبلق “يعاني من اكتئاب شديد ويبكي باستمرار”، وأن مزاعم تعرضه لسوء المعاملة على يد الشرطة “ذات مصداقية عموما لتماسكها وانسجامها”.
قالت “منظمة العفو الدولية” في 7 أبريل/نيسان إن السلطات المغربية صعّدت من مضايقاتها للنشطاء والمنتقدين في الشهرين الماضيين، حيث يواجه أربعة أشخاص على الأقل محاكمات بشأن منشورات تنتقد السلطات على مواقع التواصل الاجتماعي. في 23 مارس/آذار، اعتقلت السلطات المعلّقة سعيدة العلمي، واحتجزتها وحاكمتها بتهمة “الإساءة إلى مسؤولي الدولة” بعد أن انتقدت على فيسبوك قائد شرطة رفيع المستوى وندّدت بقمع الصحفيين والنشطاء. لا تزال محاكمتها جارية.
قال غولدستين: “في المغرب، لم تعد الصحافة المستقلة التي كانت نابضة بالحياة في سنوات 2000 سوى ذكرى بعيدة. في الوقت الحاضر، يبدو أن سياسة السلطات تتلخص في العبارة المغربية “دْوي ترعف” (تكلّم ينزف أنفك)”.