الجزائر تتهم المغرب بـ”مساومة و تضليل” المشاركين في الاجتماع الدولي ضد “داعش” وتحويله إلى اجتماع حول الصحراء.. غير مُدركة لـ “نواة للتطرف تشكلت خلف أسوار تندوف”

0
331

سجلت المملكة المغربية الشريفة نجاحاً مشهوداً في التصدي للجماعات المتطرفة وحملة الفكر الضال ، ويعود ذلك إلى مجموعة من العوامل، التي يتصدّرها دور القيادة الرشيدة للملك المفدى محمد السادس حفظه الله في حشد الطاقات الوطنية جميعها، ومتابعتها ودعمها لكل المؤسسات والجهات، من تحقيق مكاسب دبلوماسية في ظل عزلة متفاقمة لجبهة البوليساريو المدعومة من الجزائر التي تقدم نفسها كحركة تحرر، التحقوا بصفوف فروع تنظيم الدولة الإسلامية والقاعدة في منطقة الساحل إضافة إلى انخراط الجبهة في الجريمة المنظمة العابرة للحدود.

اتهمت الخارجية الجزائرية مجداً في بيان، اليوم الخميس، إن المغرب بتحويل موضوع الاجتماع الدولي ضد”داعش” إلى “حدث مخصص لقضية الصحراء” مشيرا إلى أن”المؤتمر الدولي المنعقد بمراكش، أثار ضجة بفعل بيانات من انتاج البلد المضيف، الذي عمل على تحويل هذا التجمع إلى حدث مخصص لقضية الصحراء “. لتؤكد بذلك للعالم أجمع انها الراعي الرسمي للارهاب بشمال افريقيا ودعم الجماعات والتكتلات المسلحة الإرهابية في مخيامت تندوف وتمويلهم بسخاء بالمال و بالسلاح.  

كما اتهمت الجزائر التي تدعي أنها ليست طرفا في نزاع الصحراء، المغرب بالترويج للمغالطات، ودعت “الأمم المتحدة والدول دائمة العضوية في مجلس الأمن إلى مضاعفة الجهود لإنهاء الاستعمار في الصحراء المغربية بكل شفافية ووفقا لأحكام القانون الدولي” مشيرة إلى أن “المغرب شوه المعركة العالمية ضد الارهاب وتوظيفها من أجل حسابات ضيقة وأنانية لا يخدم بأي وجه كان الأهداف المشروعة للمجتمع الدولي في هذا المجال”. 

وأضاف البيان أن “عملية المساومة التي صاحبت أشغال المؤتمر، والتي استهدفت عددا من المشاركين الأجانب، قد حادت بهذه المبادرة الدولية عن هدفها المعلن وصيرتها بوضوح إلى محاولة خبيثة لإحياء صيغة ميتة حتى عند تقديمها سنة 2007.”

وتابع أن “عناد المغرب في الترويج لمبادرته الميتة على نطاق واسع باللجوء إلى حيله المعهودة وسط تجمع دولي لمكافحة الإرهاب، قد أسفر عن تضليل عدد من المشاركين وسلط الضوء على تناقضات البعض منهم والتي يطمح الجانب المغربي في استغلالها في خضم مناوراته العبثية الرامية لتشويه قضية الصحراء الغربية، التي كانت ولا تزال مسألة تصفية استعمار تحت مسؤولية الأمم المتحدة”.

تشير تقارير متطابقة إلى أن مخيمات تندوف التي تضم صحراويين خاضعين لسلطة ميليشيات جبهة البوليساريو الانفصالية وتحت حرابها، تعيش أوضاعا مزرية وإهمالا من قبل القائمين عليها وأن هذا الوضع دفع بالكثيرين منهم إلى الانخراط في المشروع الإرهابي في المنطقة وبعض من تلك العناصر التحقت بصفوف فرعي تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) والقاعدة في منطقة الساحل والصحراء.

وإزاء هذا الوضع يبرز تساؤل ملح حول ما إذا كانت الدبلوماسية المغربية التي أسست لحلول عقلانية وواقعية لنزاع الصحراء ونجحت إلى حدّ كبير بعيدا عن الضجيج الإعلامي والدعائي في عزل البوليساريو وفي تفكيك مخططات إرهابية على صلة بهذا الكيان غير الشرعي، ستطرح دوليا في مرحلة ما تصنيف الانفصاليين كتنظيم إرهابي.

والسؤال يكتسب مشروعيته في لحظة فارقة من مسار الدبلوماسية المغربية وبعد هذا الجهد الذي تطلب سنوات من العمل لبلوغ مرحلة متقدمة في كسب المزيد من الأصوات العربية والإقليمية والدولية الداعمة لمغربية الصحراء وللمقترح المغربي القاضي بمنح الصحراء حكما ذاتيا تحت سيادة المملكة.

وقد اعتمد المغرب على مدى سنوات مقاربة شاملة تجمع بين مقاومة التطرف بكل أشكاله والتنمية في أقاليمه الجنوبية كسد ميع أمام تحول الصحراويين للتطرف، لكن البوليساريو المدعومة من الجزائر كانت تعمل على مسار مضاد لكل تلك المشاريع.

وإن فشل الانفصاليون في تقويض الجهود المغربية على نطاق جغرافي معين، فإن مخيمات تندوف الخاضعة للبوليساريو ولإدارة جزائرية من وراء ستار، تسير على خط التطرف سواء بفعل الوضع المزري الذي تعيشه والقمع الذي لا يهدأ لكل من يعارض طروحات البوليساريو، أو بفعل تسلل التطرف فكرا لتلك التجمعات ضمن موجة لا تشكل استثناء في خضم انتشار ظاهرة يعتقد من يتبناها أنها تشكل خلاصا من الظلم والاستبداد الذي يمارسه قادة الانفصاليين.

البوليساريو تشعر بعزلة غير مسبوقة مع تفكك أحزمة الدعم الخارجية.. نجاح دبلوماسي جديد دعم أوروبي واسع للحكم الذاتي في الصحراء وهولندا وإيطاليا ومصر وتركيا تحسم مواقفها لصالح المغرب

ويقول معارضون صحراويون، إن كبير الانفصاليين إبراهيم غالي وعدد من قادة ميليشيا البوليساريو متورطون في قضايا تتعلق بالإرهاب تشمل التعذيب والاختطاف والقتل وقد فشلت جهود القبض على غالي حين زار اسبانيا سرا بوثائق دبلوماسية مزورة وهي القضية التي فجرت أزمة بين مدريد والرباط قبل أن تتم تسويتها مؤخرا بإعلان الحكومة الاسبانية دعمها لمقترح المغرب منح الصحراء حكما ذاتيا تحت السيادة المغربية كحل واقعي قابل للتطبيق.

وينقل تقرير نشره موقع ‘هسبريس’ المغربي الالكتروني عن دراسة لمحمد الطيار الباحث في الدراسات الإستراتيجية والأمنية تنبيهها إلى “انتشار مظاهر التطرف والراديكالية بمخيمات تندوف مع تورط عناصر من البوليساريو ضمن خلايا إرهابية بالمنطقة وظهور قيادات في تنظيمات إرهابية بالمنطقة، منها داعش والقاعدة وغيرها من المنظمات الإرهابية التي تنشط في دول غرب إفريقيا والساحل”.

وتفسر الدراسة هذا التحول إلى الراديكالية في جانب منه إلى “الوضع المزري واللاإنساني الذي يعيشه السكان المحتجزون في المخيمات، فبعد عقود من الزمن دفع شباب المخيمات إلى أحضان التنظيمات الإرهابية السلفية”.

وتشير الدراسة كذلك إلى تيه عقائدي كنوع آخر من التطرف انزل إليه بعض الصحراويين المحتجزين في مخيم تندوف مع السقوط في براثن التطرف الشيعي وأن هذا “التطرف الجديد وجدا أرضا خصبة من التيه العقائدي وفقدان التوازن والانسجام الديني والدعوة والتحريض علانية من طرف أئمة البوليساريو لاعتناق عقيدة الجهاد على طريقة حزب الله”.

وبحسب التقرير ذاته، تقول عائشة ادويهي رئيسة مرصد الصحراء للسلم والديمقراطية وحقوق الإنسان، إن “جبهة البوليساريو تنظيم مارق منغلق لا يختلف عن باقي التنظيمات الإرهابية”.

وكان وزير الداخلية المغربي عبدالوافي لفتيت قد كشف في منتدى دولي بدبي نهاية مارس الماضي، أنه تم رصد علاقة بين تنظيم القاعدة بالمغرب الإسلامي وفرعه بالساحل جماعة نصرة الإسلام والمسلمين وعناصر تابعة لجبهة البوليساريو الانفصالية، مشيرا إلى أن قادة في هذه التنظيمات تنحدر من جبهة البوليساريو.

ونبه الوزير المغربي كذلك إلى تنامي نشاط الجماعات الإرهابية وما يشكله ذلك من خطر على أمن المنطقة، مذكّرا بجهود المغرب في مكافحة الإرهاب والتصدي للتطرف والمساعدة في منع حدوث انفلات في المنظومة الأمنية الدولية.

وقال في كلمة بمناسبة انعقاد الاجتماع الوزاري للتحالف الأمني الدولي في دورته الرابعة “إن إقامة تحالف أمني دولي يضم في عضويته مجموعة من الدول المؤثرة في القرار الأمني العالمي، يأتي في ظل ما يجتازه العالم من تحولات جيو- إستراتيجية متسارعة، تستدعي تظافرا متزايدا للجهود لمنع حدوث انفلات في المنظومة الأمنية الدولية”.

ويقول متابعون لشؤون الجماعات المتطرفة في منطقة الساحل، إن خطر الإرهاب يستدعي تركيزا أكثر على منطقة الساحل وتعقب مصادر التهديدات وتسليط الضوء على دور ميليشيا البوليساريو في تنامي الإرهاب سواء بشكل مباشر أو غير مباشر إضافة إلى أن انخراط هذه الميليشيا في الجريمة المنظمة العابرة للحدود تستدعي وقفة دولية والتفاتة لتلك النشاطات التي تعد بدورها صنفا من صنوف الإرهاب.

وعلى ضوء ذلك فإن طرح إدراج البوليساريو على قائمة التنظيمات الإرهابية بات مسألة ملحة ضمن جهود مكافحة الإرهاب.

ولا شك أن الدبلوماسية المغربية تمتلك من القدرة على فضح وكشف تورط البوليساريو في أنشطة إرهابية وإجرامية وهو أمر يستدعي حتما جهدا مغربيا إضافيا.

وتشعر الجبهة الانفصالية حاليا بعزلة متزايدة بعد أن نجحت الدبلوماسية المغربية في تفكيك أحزمة الدعم التي كانت تحظى بها الجبهة التي تقدم نفسها بدعم من الجزائر كجبهة تحررية وقد سقطت أقنعتها.

وكانت هولندا قد انضافت إلى الدول المؤيدة للمبادرة المغربية، كما أكدت قبرص وقوفها إلى جانب المغرب في النزاع، إلى جانب دول أخرى مثل تركيا والمجر وصربيا ورومانيا وإسبانيا، إضافة إلى دول الخليج العربي.

وينعقد اجتماع التحالف الدولي بمشاركة 76 دولة، بينها تركيا، كما يشارك أيضا ممثلو عدة منظمات دولية، أبرزها الاتحاد الأوروبي والجامعة العربية والمنظمة الدولية للشرطة القضائية “الإنتربول” وحلف الشمال الأطلسي “الناتو” ومجموعة دول الساحل والصحراء. 

وتأسس التحالف في العام 2014 لمحاربة تنظيم الدولة الإسلامية الذي سيطر في أوج تمدده على أكثر من 110 آلاف كلم مربع بين العراق وسوريا. ويضم 84 عضوا بين دول ومنظمات دولية، منها حلف شمال الأطلسي والشرطة الدولية (إنتربول). 

ويحشد المغرب الدعم لخطة الحكم الذاتي من الدول الغربية، منذ اعتراف الولايات المتحدة بسيادة الرباط على صحرائه في 2020.

ومع النجاحات الدبلوماسية التي حققتها الرباط فيما يتعلق بالصحراء المغربية قررت الجزائر في اغسطس/اب الماضي قطع علاقتها مع جارتها الغربية بذريعة تعرضها لتهديدات وهو امر نفته الرباط جملة وتفصيلا.

أعلنت مدريد ي 18 مارس/اذار دعمها لخطة الحكم الذاتي المغربية في الصحراء، معتبرة إياها حاليا “الأساس الأكثر جدية وواقعية ومصداقية لحل النزاع”. واستنكرت الجزائر “تحوّل” موقف مدريد واستدعت في اليوم التالي سفيرها في إسبانيا.

وامام تلك التطورات أشهرت الجزائر ورقة الغاز في وجه اسبانيا ويبدو ان هولندا ستواجه بدورها الغضب الجزائري.

 

المغرب وهولندا توقِّعان مذكرة تعاون أمنى تدشينًا لمرحلة جديدة