حلّت سنة 2022 على المغاربة، وهم يتطلعون إلى أوضاع حسنة، وجديدة، تنسيهم هموم أثقلت كاهلهم منذ دخول الوباء شهر فبراير 2020، ولكن بدأت آمالهم تصاب بخيبة في ظل ارتفاع أسعار ضروريات الحياة التي لم يجدوا لها مبررا، وصاحب غلاء مواد استهلاكية لا تستغني عنها العائلات، زيادة في أبسط المستلزمات والخدمات…الكتب المدرسية التي دخلت على خط إزعاج المغاربة بأسعار قيل إنها سترتفع بنسبة 25 في المئة بداية من الموسم الدراسي المقبل، ونحن على مشارف نهاية الموسم الحالي، بمعنى أن أجر العطلة سيضيع ويتوزع عبر التفكير في طرق موازنة جيب الأسر مع هذا المستجد.
إن عوامل نجاح أي أمة منوطة بشبابها؛فهم سواعد الأمة نحو المجد، وقلب الأمة النابض، ودمها الذي يتدفق في عروقها، هم من يقيمون صروح الحضارة والتقدم، هممن يدفعونها للسير في أول الركب، حتى تصبح الأمة التي يقودها شبابها هي قائدة ركب الأمم. وهذا الشباب لن ينهض بأمته إلا إذا أخذ عدته لتلك النهضة، وهذا لن يكون إلا بالعلم والتعلم، والجد والاجتهاد والمثابرة.
أكد مصطفى بايتاس، الناطق الرسمي باسم الحكومة، أن هذه الأخيرة تدرس طلباً للناشرين يتعلق بمراجعة أسعار الكتاب المدرسي. وهو ما شكل موضوع أسئلة وجهتها فرق الأغلبية والمعارضة في مجلس النواب إلى وزير التعليم المغربي، شكيب بنموسى.
جاء تأكيد الوزير المنتدب المكلف بالعلاقات مع البرلمان، خلال الندوة الصحافية التي عقدها عقب اجتماع مجلس الحكومة أول أمس الخميس في الرباط، حيث قال إن “الحكومة تلقت بالفعل طلباً من الناشرين يلتمسون من خلاله الزيادة في أسعار الكتاب المدرسي بالنظر لارتفاع أثمنة المواد التي تدخل في إنتاج هذا الكتاب خاصة الورق”.
ولم يفت الناطق الرسمي باسم الحكومة التأكيد أيضاً على أن “سعر الكتب المدرسية مقنن”، وهو ما بعث قليلاً من الأمل في النفوس، لكن استطراده قائلاً إن “الحكومة ستدرس هذا الموضوع من كافة جوانبه، وستتخذ في ضوء ذلك القرارات الممكنة”، بعث القلق من جديد حول ما تم تداوله مؤخراً في عدد من المنابر الإعلامية المغربية، ناهيك عن منصات التواصل الاجتماعي بخصوص زيادة مرتقبة في أسعار الكتب المدرسية تصل نسبتها إلى 25 في المئة.
خبر تدارس الحكومة طلب الناشرين الزيادة في أسعار الكتب المدرسية، قابله خبر آخر يوحي بعودة أسعار زيوت المائدة إلى أسعارها السابقة والنزول من علياء التحليق الصاروخي إلى أرض الواقع كما كان عليه الأمر من قبل؛ وذلك بعد مصادقة الحكومة في مجلسها الأخير على مشروع مرسوم يتعلق بوقف استيفاء رسم الاستيراد المفروض على البذور الزيتية والزيوت الخام.
وأفاد المجلس الحكومي في بيانه، أنه تداول وصادق على مشروع مرسوم يتعلق بوقف استيفاء رسم الاستيراد المفروض على بعض البذور الزيتية والزيوت الخامة، قدمته نادية فتاح، وزيرة الاقتصاد والمالية.
أسباب هذه الزيادة بررتها الجمعية المهنية بارتفاع أسعار الورق في السوق الدولية بما يقرب 120 في المائة مقارنة مع السنة الماضية، واستقرار ثمن الكتاب العمومي دون تغيير بالمغرب منذ عشرين سنة من الزمن.
الجمعية في تصريحات لرئيسها أدلى بها لموقع “هسبريس”، قالت إن الزيادة أقرت مبدئياً بعد اجتماع ضم ممثلين عن 10 قطاعات وزارية، وستهم الكتب المدرسية لمستويات الإعدادي والابتدائي، في حين “المستوى الثانوي غير معني بهذه الزيادات، كما أن النقاش الجاري بشأن أسعار الدفتر وإمكانيات الزيادات لا يعني الناشرين”.
رئيس الجمعية أوضح أن “معاناة مهنيي قطاع النشر كبيرة في سياقات اقتصادية جد صعبة”، مسجلاً أن “أسعار الكتاب لم تشهد أي زيادات منذ ما يقارب العشرين سنة رغم المتغيرات الكثيرة”.
ووفق ما تم تداوله، فإن الجمعية أخبرت المهنيين بالزيادة، ولم تنتظر قرار الحكومة التي تتدارس طلبها كما أكد الناطق الرسمي باسمها. لذلك حتى مغاربة التواصل الاجتماعي لم ينتظروا القرار النهائي للحكومة، ويكفيهم مجرد الإشارة إلى أن هناك تدارساً للأمر لكي يفهموا أن الزيادة آتية لا محالة.
بلغ العدد الإجمالي للتلاميذ في التعليم العمومي والخصوصي أزيد من سبعة ملايين ونصف المليون متمدرس بالأسلاك التعليمية الثلاثة خلال الموسم الدراسي الماضي، نحو ستة ملايين ونصف المليون متمرس منهم بالتعليم الخصوصي.
من جانبه، وردا على الزيادة المقترحة، قال رئيس الفيدرالية الوطنية لجمعيات أمهات وآباء وأولياء التلاميذ بالمغرب، نور الدين عكوري، إن الفيدرالية تقدمت بمقترح بديل إلى وزارة التربية الوطنية يروم تقليص عدد المقررات المدرسية واختصارها في التعلمات الأساسية، وذلك لتخفيف العبء على الأسر في ظل الظرفية الاقتصادية التي تمر بها البلاد.
وأوضح عكوري في حديث لـ”أصوات مغاربية” أن الهدف من المقترح “هو تخفيف العبء على الأسر وتخفيف حجم المحفظة المدرسية وثقلها على التلاميذ، إضافة إلى اختصار العملية التعليمية في التعلمات الأساسية”.
ويرى عكوري أن الوضع يستدعي “تدخلا عاجلا” من الدولة في ظل الظرفية الاقتصادية التي تمر بها البلاد، ويرى أيضا أن الزيادة فرصة لإعادة النظر في عدد المقررات الدراسية في المستويات الابتدائية والاعدادية.
وتابع موضحا “نقترح تقليصها من 10 كتب إلى ثلاث مقررات دراسية، يكفي أن يتوفر الأستاذ على مقرر دراسي واحد، كما يمكن أن يلجأ الأساتذة إلى الأنترنت لشرح الدروس”.
وكانت الأسر المغربية قد اشتكت، بداية العام الدراسي الحالي، من الزيادة التي شهدتها أسعار اللوازم المدرسية منذ السنة الماضية، والتي ترجع أسبابها بالأساس إلى الارتباك الذي خلفته جائحة كورونا على مستوى سلاسل الإنتاج الدولية ومنظومة النقل البحري.
إننا أمة اقرأ، وكان هذا هو أول ما نزل على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم في غار حراء “اقرأ”، في رسالة قوية موجهة إلى هذه الأمة، مضمونها: إن نجاح هذه الأمة وتقدمها وسر حضارتها هو في العلم والأخذ بأسبابه.
إنه مع بداية كل فصل دراسي تعلق الأمة آمالها على هؤلاء التلاميذ؛ فهم ذخيرة الأمة، ودمها المتجدد، فمنهم الطبيب والمهندس والمربي، لكن سرعان ما تتحول تلك الآمال إلى سراب، وذلك حين نرى هذا المشهد المحزن لطلبة المدارس الابتدائية والمتوسطة والثانوية، وهم يعزفون عن الدراسة، ويتركون دخول المدارس، بسبب الفقر وارتفاع تكاليف الكبت، او الذهاب لأماكن اللهو والمرح واللعب، وصالات الألعاب الإلكترونية، ومقاهي الإنترنت وغيرها.
أتخيل بعد هذه الزيادة 25 % في الكتب المدرسية ستساهم في نسبة عدم الحضور لإجمالي الطلبة في كل مؤسسة تربوية لن يتجاوز النصف في كل فصل، وسيكون بمتثابة إنذار خطير، ينبئ عن مستقبل عاجز تمامًا.
إن عزوف الطلبة عن الدراسة ليس لشيء في داخلهم فقط، فلا يمكن أن نلقي باللائمة عليهم وحدهم، وإنما هناك أسباب عدة لعزوف الطلبة عن الدراسة؛ منها ما يقع على عاتق المؤسسة التربوية نفسها، ومنها ما يقع على المعلم، ومنها ما يكون سببه الأسرة، ومنها ما يكون ناشئًا من الطالب نفسه ومنها الفاقة وعدم استطاعة الاباء شراء اللوازم المدرسية لأبنائهم .