اكد النائب نبيلة منيب، الجمعة، ان حرية التعبير عن الرأي حق كفله الدستور ولابد من الالتزام به واحترامه وان سياسة تكميم الافواه وعدم تقبل النقد مرفوض وان هذا الاساليب التي تمارس بحق الصحفيين والاعلاميين هي اساليب ديكتاتورية ولاتمت الى الديمقراطية بصله.
من خلال حديثها، عبر “البودكاست” الأسبوعي ، انتقدت الأمنية العامة لحزب “الاشتراكي الموحد” ، نبيلة منبي، متابعة العديد من المدونين والصحفيين من قبل من وصفتهم بشخصيات النافذة في البلاد التي لا يعجبها ما يكتب.
وقالت إن حرية التعبير ضرورية ومطلوبة من أجل تكوين رأي عام متنور وفضح قضايا التزييف والتزوير، مشيرة أن حزبها يعاني أيضا من هذه المتابعات.
وقالت إن مغرب القرن 21 لا يجب أن تبقى فيه المتابعات القضائية المتعلقة بالرأي، موضحة أنه لا يعقل أن جمعيات كبيرة تواجه مشاكل في عقد مؤتمراتها، ومن بينها الجمعية المغربية لحقوق الإنسان.
وشددت على أنه، “يجب السماح للجمعيات بعقد مؤتمراها بكل حرية، وأن تتسلم وصولات الإيداع، لأن هذه هي الممارسة السليمة إذا اردنا مغربا ديمقراطيا حداثيا”.
وعلى صعيد آخر، أبرزت منيب أن الحكومة والبرلمان يجب أن يتحملا مسؤوليتهما في متابعة الخروقات والاختلالات التي تكشف عنها تقارير المجلس الأعلى للحسابات.
وأضافت منيب أنه من بين مئات الملفات المرتبطة بجرائم مالية والتي رصدها المجلس الأعلى للحسابات، تمت إحالة 22 ملفا فقط على جهاز القضاء، مؤكدة أنه لا يمكن بهذه الطريقة مجابهة الفساد المالي والإداري الذي يكلف ميزانية الدولة 4 في المائة من الناتج الداخلي الخام.
ولفتت إلى أن الأموال التي تهدر هي من حق المغاربة، خاصة أن البلاد تعرف أزمة كبيرة تأخذ تمظهرات كثيرة، من ضمنها اتساع دائرة الفقر والفوارق المجالية، واكتواء المواطنين والمواطنات بلهيب أسعار المواد الأساسية.
واعتبرت أن هذا الوضع هو نتيجة لاختيارات نهجها المغرب وسمحت بتطوير نظام ريعي والامتيازات واستغلال النفوذ والإفلات من العقاب.
وسجلت أن تقارير المجلس الأعلى للحسابات تقف على عدة اختلالات في تدبير المالية العمومية حيث لا يتم العمل بمخططات، وذلك يعني أن التدقيق والجودة والوقوف على الالتزامات كلها عناصر غائبة.
الريع مكرمة أتت من السماء، تماما كما آتى الله شعوبا وأقواما وقبائل نفطا أو موقعا إستراتيجيا أو مواد نفيسة، لا تستوجب لتقييمها جهدا عظيما، اللهم إلا جهد استخراجها وعرضها بتكلفتها أو دونما اعتبار للتكلفة هي، بصرف النظر عن هذا التحديد أو ذاك، “مكرمة أتت من السماء”، تماما كما آتى الله شعوبا وأقواما وقبائل نفطا أو موقعا إستراتيجيا أو مواد نفيسة، لا تستوجب لتقييمها جهدا عظيما، اللهم إلا جهد استخراجها وعرضها بتكلفتها أو دونما اعتبار للتكلفة حتى.
إن التلميح بهذا الباب إنما هو للقول بأن الذين تحصلوا بالمغرب تحديدا، وطيلة نصف قرن من الزمن أو ما يزيد، تحصلوا على رخص للنقل الطرقي بالمدن وما بين المدن وباتجاه الخارج أيضا، تماما كالذين تحصلوا على امتياز الصيد بأعالي البحار أو استغلال مقالع المناجم والرمال أو ما سواها، إنما تحصلوا عليها نتاج قرب ما من السلطان أو دائرته أو بفضل انتمائهم لحزب أو نقابة مهادنين، أو بفضل سلوك فرد غدا مطواعا بعدما كان عصيا على الطاعة، أو مقابل خدمة أسداها هذا المرء المستفيد أو ذاك لناد من النوادي الثقافية أو الرياضية أو غيرها، وليس نتاج استحقاق مبرر أو تميز مسوغ أو مقابل خدمة للوطن تستحق الاعتراف والثناء والمجازاة.
إنه مظهر من مظاهر الفساد والإفساد بالبلاد، هو بالتأكيد وبالضرورة من فعل النظام مباشرة، أو بتستر من لدنه صارخ، أو بمعرفة لديه مسبقة بالثاوين خلفه.
ثم هو بالتأكيد وبالضرورة فعل من أفعال المنظومة المحيطة بذات النظام، الدائرة بفلكه المتدثرة برمزيته أو المستفيدة من عطاياه بهذا الشكل أو ذاك. وطالما لم يتدارك النظام نفسه، ويتخلص من ذات المنظومة، ويدفع بالتالي ثمن ثقته وعدم إدراكه لمقاصد المنظومة المحيطة به.
بالتالي، فإن النظام بالمغرب بات اليوم مطالبا طواعية التبرؤ من ذات المنظومة والعمل على استنبات منظومة أخرى على أنقاضها، تخضع للنظام، تأتمر بأوامره، ولا تتحول إلى مصدر في القوة يصبح النظام من بين ظهرانيها عنصرا من بين العناصر، لا العنصر الأساس، الآمر والموجه.
لا يختلف الريع (والفساد المترتب عنه) المتأتي من قطاع الإعلام والاتصال، لا يختلف كثيرا عن ريع النقل والمقالع والمناجم وأعالي البحار. إنهما ينهلان معا من نفس الإناء، ويتقاطعان بعمق في الصفة والطبيعة:
– وعندما يوزع المركز السينمائي المغربي عشرات الملايين من الدراهم لدعم إنتاج هذا الفيلم السينمائي أو ذاك، ولا نرى من أثر لهذا الفيلم بعد انقضاء مدة من الزمن أو نرى منه منتوجا ضحلا هزيلا، فإن ذلك إنما يعبر عن حالة ريع صرفة، مفادها استفادة المخرج ومحيطه من مال عام دونما صرفه الصرف السليم.
– وعندما نرى صحفا ومطبوعات محددة تتحصل على إيرادات للإشهار ضخمة بحكم قربها من هذه الجهة النافذة أو تلك، فإن الأمر لا يمكن إلا أن يدخل في مجال الريع الإعلامي، ليس فقط من زاوية مدى شرعية ما تتحصل عليه، ولكن أيضا من زاوية أنها لم تبذل جهدا بالمقابل، اللهم إلا جهد المحاباة والتقرب والمحسوبية.
– وعندما تعطى مؤسسة دون غيرها امتياز احتكار اللوحات الإعلانية بالشارع العام وبالأماكن العامة الإستراتيجية، أعني المرتادة بكثافة، ولا تلتزم المؤسسة إياها بأداء واجباتها الجبائية لفائدة الدولة أو الجماعة فإن هذا ريع أيما ريع.
الريع في هذه الحالة ليس مصدره الاحتكام إلى أدوات لإنتاج القيمة، بل القرب من جهة نفوذ محددة، إذا لم تكن هي التي منحت الامتياز فبالتأكيد هي حاميته أو الغاضة الطرف عن صاحبه، صاحب الامتياز أقصد.
إنها كلها حالات ريع إعلامي وإعلاني بامتياز، لا يبذل فيها أصحابها ذرة جهد لشرعنتها أو تبييضها بمنطوق الشرع والقانون.
ولما كانت كذلك، فإنها لا تنهل فقط من منطق غياب دولة الحق والقانون، بل من منظومة الفساد المعمم الذي لا يعير كبير اعتبار للقانون، فما بالك أن يكون لديه تمثل ما عن دولة الحق والقانون.