شاهد: طنجة المغربية تستضيف أول مهرجان لفنّ الطبخ اليهودي المغربي

0
517

تُعدّ المدونة الشيف “روت بن آفي” التي تتمتع بخبرة في الطبخ لعقود، أطباقاً صغيرة محلية لذيذة  لمناسبة المعروفة باسم “مسعودة” والتي جاءت من إسرائيل، وهو أول مهرجان يهودي مغربي لفن الطهو الذي يقام في طنجة شمال المغرب.

ويشتهر المطبخ اليهودي المغربي بحسب المتخصصين، بتنوع أطباقه، ولا تكتمل المناسبات والأعياد دون إعداد أطباق ذائعة الصيت، من أشهرها طبق “السخينة”.

وفي المطبخ، تطهو مدونة طبخ “روت بن آفي”، وهي عرابة هذه الدورة الأولى من المهرجان، مجموعة من الأطباق التقليدية المغربية اليهودية .. وقد استفادت عشرات النساء من المواطنات اليهوديات والميلمات من دورات تدريبية للتعرف على أسرار الطبخ اليهودي المغربي، وتعلم إعداد أشهر الأطباق التقليدية المحلية التي برع اليهود المغاربة في تحضيرها على مر السنين.

ويشارك في المهرجان عدد من الطهاة المغاربة، كما جائ في تغريذة لنائب رئيس المكتب الإسرائيلي في العاصمة الرباط، قائبلا: ” مفاجأة خاصة بالطهي في طنجة حيث أُقيم أول مهرجان للمأكولات وتراث الطبخ اليهودي-المغربي، نظمته كل من جمعية ميمونة والمعهد العالي الدولي للسياحة في طنجة، بحضور مدونة الطبخ “روت بن آفي”، المعروفة باسم “مسعودة” والتي جاءت من إسرائيل لتقديم ورشة عمل لذيذة”.

وقد انخرطت النساء المستفيدات في المهرجان بحماس لافت، حسب المشرفين، وأبدين رغبة كبيرة في التعرف على فن الطبخ اليهودي المحلي، الذي سمعن عنه الكثير من قبل آبائهن وأجدادهن ممن جاوروا اليهود المغاربة بأحياء الملاح قبل سنوات طويلة.

فقد تعايش المسلمون واليهود على أرض المغرب، طيلة قرون، وتقاسموا عادات وتقاليد ساهمت في تشكيل الذاكرة المشتركة، وقد تعددت أوجه هذا الاندماج لتشمل مختلف مناحي الحياة؛ من بينها فنون الطبخ.

ولإعادة إحياء هذا التراث اليهودي، أطلقت جمعية “ميمونة” المهتمة بالتراث الثقافي اليهودي المغربي، في وقت سابق سلسلة دورات لأجل تدريب ساكنة أحياء الملاح (أحياء اليهود المغاربة) على إعداد أطباق من المطبخ اليهودي المحلي.

ويتذكر الكابت والصحفي ، جمال السوسي، رئيس جمعية بركة الملاح للثارت العبري المغربي، أيام مجاورة المسلمين لليهود في العاصمة الرباط بحسرة: “كانوا يُحضرون طبق السخينة من الفرن، وفي العيد يقدمون لنا الحلوى في الأحياء الشعبية.. كانت لحظات جميلة”.

تعد “السخينة” من أشهر الأطباق والأكلات اليهودية في المغرب، وأيضاً في بلدان المغرب العربي.

ويطلق عليها بالعبرية “لحمين” و”الدفينة”، وترجع تسميتها “السخينة” إلى أنها تُطهى بطريقة تجعلها تظل ساخنة إلى غاية اليوم الموالي. 

ويضيف  السوسي، دأب اليهود على طهيها في درجة حرارة منخفضة لمدة تفوق 13 ساعة أحياناً، تبدأ من غروب شمس الجمعة حتى يوم السبت الموالي، المعروف عند اليهود بـ”شباط”، وتُؤكل فيه أثناء وجبة الغداء؛ خصوصاً أنه اليوم الذي يُمنع فيه إشعال النار في الشريعة اليهودية. 

وحسب السوسي، كانت الأسر اليهودية تبعث بوجبة “السخينة” إلى الفران الشعبي بالحي، وكان عمال الفرن المغربي التقليدي المسلمون يستقبلون تلك الوجبات الأسبوعية المقدسة باحترام وتقدير لجيرانهم اليهود. 

أسهم اليهود المغاربة في التعريف بعيد ميمونة في مختلف دول العالم، ويعد العيد الوحيد الذي يُشارك فيه المسلمون احتفالَ اليهود. 

ونجح اليهود المغاربة في جعل ميمونة عيداً وطنياً في إسرائيل، يعرضون فيه الأطباق والحلويات المغربية، وتُسمع فيه الموسيقى الأندلسية، ويرتدي اليهود لباساً مغربياً تقليدياً، ويُقام الاحتفال سنوياً، ويحتفل به اليهود المغاربة في مختلف دول العالم. 

ويشير الكاتب المغربي والباحث في فنون الطبخ، في تصريحٍ سابق ، إلى أن “الطبخ المغربي عبارة عن فسيفساء متنوعة من العادات والتقاليد والحضارات.. وأطباق تعبِّر عن الثقافة المغربية المتعايشة”.

ويضيف المتحدث ذاته أن “البسطيلة من أشهر الأطباق المغربية، تعود أصولها إلى اليهود المغاربة”.




ويتابع صالح شكور: “إن المطبخ المغربي تأثر بشكل كبير باليهود المغاربة والبرابرة، وفي المقابل كان التأثير الفرنسي قليلًا، وذلك يرجع إلى أن المطبخ الفرنسي يتضمن أطباقاً مُحرمة على المسلمين”.

ويلفت الباحث المغربي في فنون الطبخ إلى أن “طبخ السمك و(الحريرة) في المغرب لا يزال على الطريقة اليهودية، وأيضاً أنواع الخبز اليهودية؛ مثل تفرنوت وتانورت، ما زالت من الوجبات المفضلة لدى المسلمين المغاربة”.

يعتبر الباحث المغربي أن “اليهود المغاربة أسهموا بشكل كبير في التعريف بالمطبخ المغربي عالمياً، بطريقتهم الخاصة”، مشيراً إلى أن لديهم مطاعم يهودية مغربية مشهورة في أمريكا ومختلف دول العالم.

وعلى خلاف ما يروج له بعض الباحثين المغاربة، يعتبر صالح شكور أن الحضارة الأندلسية لم تُؤثر بشكل كبير على المطبخ المغربي، مضيفاً: “المطبخان الأمازيغي واليهودي هما اللذان أثَّرَا على المطبخ الأندلسي”.




التلاقح الثقافي والاندماج الكبير الذي عاشه المغاربة، يهوداً ومُسلمين، جعل حياتهم اليومية تتقاسم الكثير من العادات والتقاليد في جميع مناحي الحياة، وعلى رأسها المطبخ وما يُحضر فيه من أطباق شهية، بحسب الطباخة الحاجة يطو.

والحاجة يطو طباخة مغربية من أصول أمازيغية، أمضت جُزءاً كبيراً من شبابها، تُعد الطعام لمُناسبات المغاربة، سواء المُسلمين وإخوتهم اليهود في حواري المغرب الشعبية، وحتى الراقية منها، تؤكد لـ”العين الإخبارية” أن الكثير من الأسر المُسلمة تطلب منها إعداد أطباق يهودية في مُناسباتها والعكس.

ولفتت إلى أن نسبة كبيرة لا يُفرقون بين الأطباق ذات الأصول الإسلامية ونظيراتها ذات الأصول اليهودي، مُرجعة ذلك إلى السنوات الطوال التي عاشها الاثنان معاً في جو من الاندماج والتسامح، خاصة وأن اليهود استقروا في المملكة المغربية منذ عام 700 ميلادية.