في خطابه أمام المجلس الوطني للمنظمة الاشتراكية للنساء الاتحاديات، قال زعيم الحزب إدريس لشكر “أذكر بذلك، ولعل الذكرى تنفع المؤمنين، وحتى من يتاجرون بالإيمان، الذين يسمحون لأنفسهم بتقديم الدروس حول ما يسميه زعيمهم المؤامرات التي تتعرض لها الحكومات من طرف المعارضة، حتى أصبح لسانه لينا مع الحكومة وفظا مع المعارضة رغم أنه للأسف محسوب عليها”.
وقال رئيس الحزب الاشتراكي المغربي ادريس لشكر، إن لسان بنكيران “أصبح لينا مع الحكومة، وفظا مع المعارضة رغم أنه للأسف محسوب عليها، ناسيا الأدوار التي قام بها لضرب تجربة التناوب التوافقي وهي الحكومة التي كانت لها شرعيات لم تكتسبها أي حكومة سابقة أو لاحقة، رغم أنها منبثقة من دستور كانت به قيود كثيرة”.
وجاءت تصريحات زعيم الاشتراكيين، بعد تصريحات هاجم فيها رئيس الحكومة السابق الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي إدريس لشكر، حيث أكد أنه لا يمكن أن تجمعه أي علاقة معه بسبب غدره له إبان المشاورات الحكومية، وما سمي آنذاك “البلوكاج الحكومي”.
ووصف بنكيران لشكر بـ”بوعو” (الوحش)، مضيفا “أتسامح مع الناس بسبب ضعفهم البشري، لكن الغدار لن أقبله”.
ويأتي حديث بنكيران عن الكاتب الأول للاتحاديين في وقت قامت المعارضة البرلمانية بسلسلة لقاءات مع زعماء الأحزاب المعارضة، من أجل التنسيق في ما بينها، وهي الخطوة التي نسفها توتر العلاقة بين بنكيران ونبيل بنعبد الله من جهة، وإدريس لشكر من جهة ثانية.
كما قال الأمين العام للحزب الإسلامي: “هناك محاولات لمحو ما يتم تطبيقه من تعاليم الدين بالمغرب، لذلك عندما تسمعون الكلام حول الإجهاض والمساواة وغيرها من الشعارات انتبهوا وحللوا الكلام، وإن كان فعلا يسير لصالح المرأة أو ضدها، وانتبهوا للخطابات الرائجة، وإلا سيأتي زمن يتزوج فيه الرجل المغربي برجل والمرأة بامرأة”.
https://www.youtube.com/watch?v=9mcHvcomW38
فيما عبر لشكر عن عدم رضاه “على ما تضمنته المشاريع الحكومية بخصوص حقوق النساء، إذ لم تتضمن النوايا التي قدمها رئيس الحكومة أمام البرلمان في أول خطاب وجهه إليه، ولا قانون المالية، ولا عديد من مشاريع القوانين والمراسيم، حتى تلك المرتبطة بالدعم الاجتماعي، لم تتضمن ما يوحي بالوعي بضرورة إدماج مقاربة النوع الاجتماعي خارج الشعارات”.
وخصص لشكر، جزء كبيرا ممن كلمته للتذكير بتاريخ حزبه، مذكرا بما قامت به النساء الاتحاديات في”سنوات المضايقات والمنافي والاعتقالات، ومساهمتهن في خوض معركة تغيير مدونة الأحوال الشخصية التي حسب ذات المتحدث تمت فيها مواجهة التيارات المتشددة دينيا التي كان بعضها متنفذا داخل الدولة”.
و استحضر لشكر، ” أمجاد الماضي مشيرا إلى أن حزبه كان أول من قدم مرشحات في الانتخابات البرلمانية في زمن صعب، وقدم مرشحات في الانتخابات الجماعية التي كانت أكثر ذكورية، وأول حزب يقدم برلمانية حين كان البرلمان لا يضم إلا نائبتين في سابقة في محيطنا الإقليمي وليس الوطني فقط، وأول حزب سيقدم وزيرات أثناء حكومة التناوب التوافقي”.
ويرى المحلل السياسي المغربي رشيد لزرق أن هناك صراعات شخصية وعداوات بين رؤساء الأحزاب المعارضة، لافتا إلى أن المعارضة تحاول إخفاء تلك العداوات التي تملكت القيادات خصوصا رئيس الاتحاد الاشتراكي إدريس لشكر ورئيس العدالة والتنمية عبدالإله بنكيران.
وأشار لزرق في تصريح لـ”العرب” إلى أن “الأحزاب المعارضة لها اختلافات أيديولوجية تنعكس على تنسيق أدوارها داخل البرلمان وحتى عند تقديم مقترحات قوانين لا نلمس فيها النَّفَس السياسي الذي يعطيها قوتها ووقعها الذي يؤثر على التحالف الحكومي، وبالتالي من الصعب أن يتم إفراز قطب سياسي قوي يواجه الحكومة ويعمل على ربط المسؤولية بالمحاسبة”.
ولا تشارك جل أحزاب المعارضة في الحرب الكلامية التي تدور رحاها هذه الأيام بين رئيس حزب العدالة والتنمية وغريمه رئيس التجمع الوطني للأحرار، وترى مصادر من حزب الاتحاد الاشتراكي أنه لا يعنيها الدخول في مهاترات كلامية تخلقها قيادة العدالة والتنمية لتغطي على الدور الحقيقي للمعارضة داخل وخارج البرلمان في تنسيق خططها.
ويعد الاختلاف القائم بين حزبي العدالة والتنمية والاتحاد الاشتراكي أيديولوجيا وسياسيا وعلى مستوى التقييمات الاجتماعية، ولهذا ترى ذات المصادر من الحزب اليساري في تصريح لـ”العرب” أن التنسيق يكون صعبا مع العدالة والتنمية وهو ليس راجعا فقط إلى المرجعية الدينية، وإنما إلى عناد قيادته متمثلة في عبدالإله بنكيران لأجل فرض اختياراته.
وأوضح لزرق أنه بالنسبة إلى أحزاب المعارضة هناك تخبط كونها خرجت إلى المعارضة مكرهة ولأنها كانت تتوق للمشاركة في الحكومة مثل الاتحاد الاشتراكي والحركة الشعبية والاتحاد الدستوري، وأخرى خسرت الانتخابات وهي العدالة والتنمية وبالتالي لم تكن هناك وحدة في البرنامج وليست سوى معارضة منبرية من أجل “البوز” الإعلامي (الإثارة).
ونبّهت المعارضة الحكومة إلى خطورة نُزُوعها المفرط نحو الهيمنة والاستقواء بالمنطق العددي الضيق على حساب الاستناد إلى المنطق الديمقراطي والتوافقي المُكرّس لثبات الخيار الديمقراطي.
لكن لزرق أكد أن التحالف الحكومي له أغلبية متقاربة ومريحة تمكنه من النجاح في التدبير المؤسساتي للمرور بالسرعة الملائمة لتمرير القوانين التي يراها ملائمة للظرفية، عكس ما كانت عليه الحكومات السابقة وهذا امتياز حقيقي لا نلمسه عند المعارضة.
ويقترح حزب الحركة الشعبية المعارض القيام بمحاولة التقريب بين عبدالإله بنكيران وإدريس لشكر ونبيل بن عبدالله في لقاء واحد، ويراهن الحزب على علاقاته المتوازنة مع الجميع.
ويرى لزرق أن المعارضة لا تزال تبحث عن نفسها كمجموعة موحدة ومنسجمة. وبالتالي لا يزال هناك غموض حول الدور الحقيقي للمعارضة: هل ستقدم مشروعا سياسيا وحلولا مبتكرة، أم تنتظر أي فرصة للعودة إلى صفوف الحكومة؟
وفي ماي الماضي ،وجهت المعارضة في بداية جلسة الأسئلة الشفوية داخل البرلمان انتقادات شديدة اللهجة للحكومة، واتهمتها بـ”احتقار المؤسسة التشريعية” بعدما رفضت مجموعة من مقترحات القوانين المقدمة من طرف النواب.
واعتبرت مجموعة الاتحاد الاشتراكي إلى جانب مجموعة العدالة والتنمية بمجلس النواب أن هذه الخطوة تمثل خرقا واضحا لعدد من فصول النظام الداخلي ومبدأ الفصل بين السلطات، وهو الموقف الذي وُوجه بانتقاد من طرف رئيس فريق التجمع الوطني للأحرار الأغلبي يونس بن سليمان الذي اتهم المعارضة بـ”إقحام النظام الداخلي لتمرير رسائل سياسية”.
ويرى لزرق أن تجمع المعارضة الحالي هو اضطراري أكثر مما فرضته الشروط الموضوعية للمعارضة، وأضاف أن التمعن الدقيق في انتقاداتها يظهر أنها دون جدوى سياسية وهي مجرد تنفيس سياسي لا أكثر، لأن التنسيق يبدأ أساسا من قيادات الأحزاب.