بنعبد الله: الحكومة “ضعيفة سياسياً وضعيفة تواصلياً” و لا تملك الجرأة لمحاربة تضارب المصالح واقتصاد الريع

0
211

لازالت أزمة ارتفاع الأسعار بالمغرب ومنها تلك المتعلقة بالمحروقات، تثير مزيدا من السخط والاستياء في الأوساط الشعبية ولدى بعض الأحزاب التي استبعدت أي مؤشرات إيجابية لمستقبل البلاد، في ظل الفساد المستشري في الأوساط السياسية، ومشكل تضارب المصالح الذي زاد من حدة تفقير أبناء المملكة وصعد من أزماتهم.

وتفاعلا مع الارتفاع الكبير والمتواصل الذي يعرفه ثمن المحروقات، أكد نبيل بنعبد الله الأمين العام لحزب “التقدم والاشتراكية” (معارضة) إن الأوضاع الاجتماعية في المغرب صعبة جدا، مؤكدا أنه لا يمكن التعامل مع هذا الأمر من طرف الحكومة بمقاربة تبريرية.

وأوضح بنعبد الله في ندوة صحفية نظمها حزبه، حول مؤتمره الوطني 11، أمس الثلاثاء، بالرباط، أننا أمام حكومة تقول عن نفسها إنها قوية وسياسية، والواقع غير ذلك وأكدته تصريحات رئيس الحكومة الذي قال في البرلمان إن الحكومة لا يمكنها أن تقوم بأي شيء إزاء ارتفاع الأسعار.




وأكد أن الحكومة يجب أن تتحمل مسؤوليتها كاملة في مواجهة هذه الأوضاع، وأن تلعب الدولة دورها في بعث الروح بالاقتصاد الوطني، وحماية القدرة الشرائية وإيقاف الارتفاع الصاروخي لأسعار المحروقات.

وأضاف ” الحزب الذي يقود الحكومة الحالية كان مسؤولية  على حقيبة وزارة الاقتصاد والمالية منذ 2013 لذلك عليه الكف عن انتتقاد الحكومات السابقة وإلقاء اللائمة عليها”.

وأكد بنعبد الله على ضرورة محاربة اقتصاد الريع واتخاذ قرارات جريئة من طرف الدولة، مشيرا في ذات الوقت أن المسألة الديمقراطية مغيبة تماما عند هذه الحكومة.

وشدد على أنه لا يمكن لأي نموذج تنموي أن ينجح دون إذا لم تكن وراءه حكومة سياسية قدارة على حمله وتفسير مضامينه، واتخاذ القرارات الجريئة لمحاربة مصادر تضارب المصالح، واقتصاد الريع.

وابرزت العديد من التقارير الحقوقية المحلية والدولية تورط رئيس الحكومة عزيز أخنوش في “استغلاله منصبه كونه الفاعل الأول في قطاع المحروقات”، بامتلاكه محطات وقود لإحدى الشركات.

كما أكدت برلمانية سابقة أن “الارتفاع المخيف في أثمان المحروقات وما سيتبعه من ارتفاع أسعار كل شيء وأي شيء، بدون مبرر وبدون تقنين وبدون حماية للمستهلك، الذي يجد نفسه رهينة الضرورة وغياب البدائل، يجب أن يتوقف”.

ولم تخف المتحدثة خيبة أملها بخصوص غياب أي مبادرة لحماية القدرة الشرائية للمواطنين، وقالت : “لا يمكن أن نطلب من حكومة يترأسها فاعل أساسي في سوق المحروقات، التحرك لتقنين نفس السوق”. 

واسترسلت عضو الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية تقول : “الحكومة مكبلة أخلاقيا قبل أن تكون مكبلة قانونيا، بخرق مبدأ دستوري يجرم تنازع المصالح ويناهض الاحتكار والتركيز الاقتصادي”، مردفة: “رئيس حكومتنا في وضعية تنازع مصالح واضح، حتى لو حاول جيش المحامين المجندين للدفاع عنه في هذا الفضاء من كل شكل ونوع اقناعنا أنه تنازل عن إدارة أعماله ولم يعد قانونيا أي شكليا، مسؤولا عنها”.

وخلصت إلى التأكيد أن “الجمع بين السلطة والثروة خطر، أن تكون طرفا وحكما في نفس الوقت خطر. أن تكون تاجرا وممثلا مفترضا لزبونك، أمر لا يقبله عقل ولا منطق”.

ولم تجد الأوساط الحقوقية المغربية المطالبة بسياسة فعالة في مجال الشفافية ومكافحة الفساد أذانا صاغية أو بادرة من قبل الحكومة لمحاربة الآفة، بل وقفت على تماد خطير فيها.

فبعد 8 أشهر من تنصيب الحكومة، لم يتم رصد أي بادرة لمحاربة الفساد، مما يعكس انعدام أي استراتيجية لديها للقيام بذلك.

وأمام هذا الوضع، راسلت الجمعية المغربية لمحاربة الرشوة، رئيس الحكومة عزيز أخنوش بمذكرة للإعراب عن قلقها الشديد ازاء الفساد المستشري في المغرب، باعتباره “ذات طبيعة مزمنة ونسقية”.

ودقت الجمعية ناقوس الخطر و اكدت أن الفساد يمس العيش اليومي للمواطنين في الإدارات، مثل المستشفيات والمحاكم والمرافق الإدارية، والتي يعاني منها أيضا رؤساء المقاولات في مجال الاستثمار أو في مجال الصفقات العامة.

وتضمنت مذكرة الجمعية المغربية، مطالب لحكومة اخنوش بتوضيح موقفها من الفساد و سياستها في مجال تضارب المصالح والثراء غير المشروع، و تحديد الإجراءات التي ستتخذها لتعزيز موارد الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها من أجل ضمان استقلاليتها وفعاليتها.

من جهتها، قالت الناشطة المغربية ، مايسة الناجي، في تغريذة على “تويتر”، للسيد/ة لعدوي رئيسة المجلس الأعلى للحسابات – رحو رئيس مجلس المنافسة: ألم تسمعوا فضيحة أخنوش؟ فرض ضرائب على المشتريات الإلكترونية من الخارج في الوقت الذي تفتتح زوجته متجر إلكتروني دون ضرائب؟ أليس استغلال سلطته لإهداء السوق الاستهلاكي المغربي لزوجته؟ أليس تضارب مصالح واحتكار السوق؟

في سبتمبر 2020 تقدم الفريق النيابي لحزب «الاستقلال» المغربي أحد الأحزاب المشاركة في حكومة أخنوش، بمقترح قانون أمام مجلس النواب (الغرفة الأولى في البرلمان)، يروم منع «تضارب المصالح» في عمل المسؤولين، من خلال وضع إطار قانوني «للممارسات الفضلى للوقاية من الفساد، وتعزيز قواعد النزاهة والشفافية في تدبير الشأن العام والحياة الاقتصادية بصفة عامة».

وينص مقترح القانون على أن يصرح أعضاء الحكومة «إجبارياً» بكل الأنشطة الاقتصادية والمهنية التي يمكن أن تشكل تنازعاً للمصالح داخل أجل ثلاثة شهور من تعيينهم، وأن يكونوا في وضعية جبائية سليمة تجاه المصالح الضريبية.

كما ينص على لائحة من المسؤولين، منهم المنتخبون والمعينون الذين يجب عليهم «التصريح الإجباري بمصالحهم أو المصالح التي يمكن أن تنشأ بحكم مهامهم الجديدة»، وأن يتم التصريح لدى «الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها»(هيئة دستورية مهمتها مراقبة الفساد والرشوة)، وذلك في أجل أقصاه 90 يوماً من تاريخ الإعلان عن النتائج النهائية للانتخابات، أو من تاريخ التعيين، أو من تاريخ تسلمهم الفعلي لمهامهم.
كما يجب أن يقدم التصريح عند بداية تحمل المسؤولية، ومرة كل ثلاث سنوات، وعند انتهائها. وأن يتم التصريح أيضاً بمصالح «أصول الملزمين وفروعهم».

كما يلزم المقترح كل الأشخاص المعنيين، فور نشوء وضعية تجعلهم بصفة مباشرة، أو غير مباشرة، في حالة تنازع للمصالح: «أن يقدموا تصريحاً بذلك للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها»، في أجل لا يتعدى 30 يوماً. وإذا تبين أن مسؤولين يوجدون «في وضعية تنازع للمصالح»، فإنه يمنع عليهم فوراً التصويت أو التقرير، أو المساهمة في اتخاذ قرار إداري أو مالي، أو اقتصادي أو صياغة نص قانوني، أو اتخاذ تدبير إداري، أو أي إجراء مهما كانت طبيعته، يُثبِتُ وضعية تنازع المصالح.

ويعرِّف المقترح قانون تنازع المصالح بأنه كل استغلال للموقع الوظيفي، أو المهني، لتحقيق مصلحة خاصة بصفة مباشرة، أو غير مباشرة، وكل تعاقد مع الإدارة أو المؤسسات المرتبطة بها، وكل توظيف لمعلومات يتم الحصول عليها بحكم الوظيفة أو المسؤولية، من شأنه الإخلال بالمنافسة الحرة وتحقيق مكاسب شخصية، أو لفائدة الغير، ممن يرتبط بهم الخاضعون لأحكام هذا القانون بعلاقة مباشرة أو غير مباشرة، وكذا تفضيل أشخاص أو مؤسسات بحكم العلاقات الشخصية أو القرابة العائلية. كما يدخل في التعريف كل تلقٍّ للهدايا والامتيازات، إذا تعلق الأمر بخدمة أو ممتلكات عينية أو منقولة: «إذا لم يقابلها أداء ثمنها، أو تم هذا الأداء بأقل من قيمتها الحقيقية».

ويمنع القانون الأشخاص الخاضعين لأحكامه من أن يرتبطوا بعقود عمل أو تعاون بمقابل، أو من دون مقابل، قد يترتب عليها تنازع للمصالح، وذلك لمدة خمس سنوات تلي انتهاء مهامهم مع المؤسسات التي تحملوا فيها مهام ومسؤوليات سابقاً.

ونص المقترح أيضاً على عقوبات في حالة مخالفة مقتضياته. ففي حالة عدم التصريح بتنازع المصالح داخل الآجال القانونية، فإن العقوبة تتراوح بين 50 ألف درهم (5 آلاف دولار) و150 ألف درهم (15 ألف دولار)، دون الإخلال بالمقتضيات الجنائية الأشد. وفي حالة تورط شخص في تنازع المصالح فإنه يُمنع من مزاولة الوظائف العامة أو الترشح للانتخابات خلال مدة أقصاها ست سنوات. كما تتم مصادرة الأموال والمنقولات والقيم والعقارات التي يكون مصدرها تنازع المصالح.

يشار إلى أن الدستور المغربي ينص في الفصل 36 على معاقبة «المخالفات المتعلقة بحالات تنازع المصالح، وعلى استغلال التسريبات المخلة بالتنافس النزيه، وكل مخالفة ذات طابع مالي».