إنعاش البناء في إسرائيل رهين باستقدام 15 ألف عامل مغربي في مجال البناء كدفعة أولى

0
379

في المغرب يعاني عمال البناء من ساعات العمل الطويلة مقابل أجور بخسة، في غياب تام لأدنى شروط السلامة، وكذا افتقارهم للتأمين.

تسعى إسرائيل لإطلاق “برنامج تجريبي” من شأنه جلب 15 ألف عامل مغربي في مجال البناء، لأنَّ الحدَّ الأدنَى للأجُور في المغرب صارَ أقلَّ ممَّا هُو عليه في إسرائيل، وفق ما تداولته صحف إسرائيلية في أعقاب زيارة لوزيرة الداخلية الإسرائيلية أييليت شاكيد إلى المغرب التي بدأت الاثنين الماضي وانتهت أمس الخميس.

وأفاد رئيس رئيس نقابة عمال البناء والأخشاب في الاتحاد العام لنقابات العمال، الإسرائيلي يتسحاق مويال، في تصريح لصحيفة “جيروزاليم بوست”، بأن إسرائيل تتطلع لاستقبال حوالي 15 ألف عامل بناء مغربي على دفعات مختلفة، بينما تحتاج البلاد إلى حوالي 40 ألف عامل في 10 مهن مختلفة.

وأوضح مويال، أن الدفعة الأولى من عمال البناء المغاربة ستبدأ في الوصول إلى إسرائيل بحلول بداية عام 2023، وسيحصلون على رواتب أعلى حيث يبلغ متوسط الراتب السنوي في قطاع البناء بالمغرب حوالي 11,400 دولار، بينما يصل الحد الأدنى لأجور عمال البناء في إسرائيل إلى  25,200 دولار إلى 36,200 دولار في السنة.

وكانت وزيرة الداخلية الإسرائيلية، أعلنت الثلاثاء الماضي، بأن بلادها تهدف إلى توقيع اتفاقية في يوليولجلب العمال من المغرب إلى إسرائيل، وعرفت زيارتها عقد اجتماعات مع عدد من المسؤولين المغاربة على رأسهم  وزيرا الداخلية والخارجية.

وأعربت شاكيد عبر تغريدة لها على حسابها في “تويتر”، اليوم الجمعة، عن أملها في أن تكون زيارتها إلى المغرب “بداية تعميق أواصر التعاون بين بلدينا في مجال استقدام العمالة المغربية إلى إسرائيل”.

ونقل موقع “يسرائيل هيوم” عن مقربين من شاكيد قولهم، إن اتفاقية كهذه حال توقيعها تنظم عملية جلب عمالة مغربية ستساعد في تطوير سوق للإسكان في إسرائيل وتسريع عمليات البناء لمشاريع إسكانية، وتحل مسألة النقص في الأيدي العاملة الأجنبية في مجال رعاية المسنين والمرضى الذين يحتاجون رعاية على مدار الساعة.

في السنوات الأخيرة، تفاقمت ظاهرة النقص في الأيدي العاملة الأجنبية في دولة إسرائيل، وعدم تمكن الدولة من إلزام العمال، الذين جلبوا غالبا من جنوب شرق آسيا للعمل في مجال الرعاية الصحية، بالعمل لدى العائلات التي استقدمتهم، ليتركوها متجهين للعمل في السوق السوداء.

أما في قطاع الإسكان الذي تتفاقم أزمته مع الارتفاع المتواصل لأسعار الشقق السكنية، فإن التصعيد الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية، يزيد في أزمة وصول عمال بناء فلسطينيين من الضفة الغربية، إذ لا يتجاوز عدد الذين يسمح لهم بالعمل بتصاريح رسمية 100 ألف، فيما أدت الخطوات التعسفية ضد العمال الفلسطينيين، على امتداد السياج الفاصل وجدار الفصل، إلى منع أكثر من 40 ألف عامل فلسطيني من الدخول للعمل في إسرائيل.

خسائر فادحة

ومنتصف أبريل (نيسان) الماضي، عززت إسرائيل الإجراءات الأمنية رداً على العمليات الفلسطينية داخل الخط الأخضر، ومنعت العمال الفلسطينيين من الدخول والخروج من وإلى إسرائيل، ونشرت قوات إضافية في الضفة الغربية وحدود غزة والمدن الرئيسة مثل القدس وتل أبيب، وتمت الموافقة آنذاك على تمويل بـ300 مليون شيكل (نحو 93 مليون دولار) لتحديث امتداد 40 كيلومتراً على طول السياج الحدودي مع الضفة الغربية.

في المقابل، حذر اتحاد مقاولي البناء في إسرائيل من أضرار هائلة تطال قطاع العقارات بسبب الإغلاق الذي تفرضه تل أبيب على الضفة الغربية بين الفينة والأخرى، ونقلت صحيفة “ذى ماركر” الاقتصادية عن الاتحاد قوله، “كل يوم من الإغلاق الذي لا يسمح فيه للعمال الفلسطينيين في الضفة الغربية بالتوجه إلى أعمالهم في إسرائيل، يؤثر على بناء 73 ألف وحدة سكنية، ويكبد الاقتصاد الإسرائيلي خسائر بقيمة 406 ملايين شيكل (نحو 120 مليون دولار).

وطالب رئيس اتحاد المقاولين الإسرائيليين راؤول سروغو الحكومة الإسرائيلية بمواجهة مشكلة العمال غير القانونيين الذين يدخلون من دون الحصول على تراخيص، والتعامل معها بشكل جذري، مشدداً على أن أي عقوبات جماعية ضد العمال الفلسطينيين الذين يعملون بشكل قانوني، والذين يدخلون بشكل منظم للعمل في إسرائيل تفضي إلى “أضرار هائلة”. أضاف، بحسب الصحيفة، “نحن نواجه نقصاً كبيراً في العمال منذ فترة طويلة، وهذا يوجب العمل بكل الطرق الممكنة من أجل إضافة مزيد من العمال إلى هذا القطاع، إذ لا يوجد إسرائيليون مستعدون للقيام بها.”

ووفقاً لاتحاد المقاولين في إسرائيل، فإن 66 في المئة من العمال في مجال البناء والبنى التحتية هم من مناطق السلطة الفلسطينية، وأن 65 في المئة من الأنشطة في مجال البناء تعتمد على تواصل دخول هؤلاء العمال بشكل منتظم إلى إسرائيل.

وبحسب معطيات الاتحاد، فإن 14 ألف موقع بناء سيتوقف عن العمل عند إغلاق الضفة الغربية ومنع العمال الفلسطينيين من الدخول، إذ إن المقاولين يضطرون لدفع 9.7 مليون شيكل يومياً (نحو ثلاثة ملايين دولار) كرسوم تأجير شقق للأشخاص الذين اشتروا الشقق وتأخر موعد تسلمهم لها.

فرق الأجور

ويتقاضى عامل البناء الفلسطيني داخل إسرائيل أو في المستوطنات بالضفة الغربية، بين 70 و100 دولار يومياً، مقابل نحو 20 إلى 30 دولاراً في سوق العمل الفلسطينية، ووفقاً للبنك الدولي، فإن معدل البطالة في الضفة الغربية يصل إلى 18 في المئة، ما يجعل الإيرادات أمراً حيوياً لدى عديد من الأسر الفلسطينية. 

وتشير معطيات الاتحاد الأوروبي إلى أن عدد قتلى حوادث العمل في قطاع البناء في إسرائيل وصل إلى 1.12 قتيل لكل 100 ألف عامل في القطاع، وهو الأكبر والأكثر بروزاً بمقياس عالمي، وعلى الرغم من تلك الأرقام المفزعة، يقبل الفلسطينيون الذين يدفعهم الفقر إلى فرص عمل، للإقبال على قطاع البناء داخل إسرائيل، بخاصة أنه من أكثر القطاعات أجراً، وقد يصل الأجر اليومي للعامل المحترف إلى 150 دولاراً.