عادت قضية المهاجرين المنحدرين من دول أفريقيا جنوب الصحراء إلى واجهة الحديث في المغرب، بعد الأحداث الدامية التي شهدتها قبل أيام مضت الحدود البرية بين مدينتي مليلية والناظور في الشمال المغربي، عندما اقتحم مئات المهاجرين الأفارقة بعنف سياج مليلية ليصطدموا مع القوات العمومية المغربية والحرس الإسباني، ويسقط 23 قتيلاً وعدد من الجرحى بين الجانبين.
على خلفية الحادث المأساوي الذي شهده محيط مدينة مليلية المحتلة، طالبت جمعية الوسيط من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان، بإقرارقانون جديد لدخول وإقامة الأجانب والقانون المتعلق بالهجرة واللجوء بما يتلاءم مع الالتزامات الدولية للمغرب، ولا سيما مخرجات الميثاق الدولي للهجرة الآمنة والنظامية المصادق عليه بمراكش سنة 2018، وإعلان نيويورك بشأن اللاجئين والمهاجرين؛واتخاذ جملة من الإجراءات لتفادي تكرار مثل هذه الاحداث، وفقا لبلاغ الجمعية.
وحمل بلاغ الجمعية ،مسؤولية ما وقع بشمال المغرب لشبكات الهجرة السرية ، معبرة عن تضامنها مع الضحايا، والترحم على المتوفين منهم، والشفاء العاجل للمصابين من المهاجرين غير النظاميين وأفراد القوات العمومية، داعية إلى العمل على تكثيف الجهود للتكفل الصحي بالمصابين والجرحى.
ودعت الجمعية ،إلى صيانة حقوق المهاجرين واللاجئين، بالعمل على تحيين وتفعيل الاستراتيجية الوطنية للهجرة واللجوء وتيسير كل سبل الإدماج للمهاجرين وفق المقاربة المستندة على حقوق الإنسان.
يعيش المهاجرون الأفارقة ظروف صعبة في المغرب، فعلى الرغم من محاولات الاندماج الاجتماعي والإدماج الرسمي، تدفع كثيراً منهم إلى التربص وتحيّن الفرص السانحة للهجرة نحو أوروبا، تحديداً إسبانيا التي تبعد عن سواحل الشمال المغربي 15 كيلومتراً فقط.
ويمضي هؤلاء المهاجرون أوقاتهم بين مزاولة مهن بسيطة أو التسكع في الشوارع، أو التسول، وأحياناً ارتكاب السرقات والاعتداءات، لكنهم يضعون أعينهم على الأوقات التي تنشط فيها الهجرة السرية، إما عبر “قوارب الموت” أو عبر اقتحام سياجات مدينتي سبتة ومليلية.
وإذا كانت الهجرة السرية عبر قوارب الموت مكلفة مادياً، لأن “عصابات الاتّجار بالبشر” التي تقف وراءها تطلب مبالغ مالية لتوفير القارب وإيصال المهاجرين إلى الضفة الإسبانية، فإن كثراً يختارون مغامرة اقتحام السياج الشائك على الرغم من خطورته وتشديد المراقبة الأمنية، وهو ما حصل يوم الجمعة الماضي، عندما تسبب تدخل القوات المغربية والإسبانية في مصرع 23 مهاجراً أفريقياً.
وتورد الأرقام الرسمية تفكيك أكثر من 1300 شبكة خلال الأعوام الخمسة الأخيرة، من ضمنها 625 شبكة عام 2021 و100 شبكة إلى غاية مايو (أيار) 2022، وفق أرقام وزارة الداخلية المغربية.
وتبعاً للمصدر ذاته، تم صدّ أكثر من 145 عملية اقتحام حول مدينتي سبتة ومليلية منذ عام 2016، من بينها 50 اقتحاماً عام 2016 و12 اقتحاماً حتى مايو 2022، كما تم إجهاض أكثر من 360 ألف محاولة للهجرة غير الشرعية منذ عام 2017، من بينها 63 ألفاً عام 2021 و26 ألفاً حتى مايو 2022.
يشار إلى أن منظمات غير حكومية مغربية وإسبانية طالبت بالتحقيق في أسباب الفاجعة ،والتي أودت إلى الآن بـ23 مهاجرا وإصابة 140 كم عناصر الامن ، بحسب الارقام الرسمية.
من جهتها أرجعت السلطات المغربية ، سقوط الضحايا إلى التدافع بين المهاجرين وسقوط عدد منهم من السياج الحديدي واستخدامهم وسائل عنيفة جدا في مواجهة قوات الامن .
والجمعة، قالت الحكومة الإسبانية في بيان، إن أكثر من ألفي مهاجر حاولوا اقتحام السياج الحدودي الفاصل بين مدينة مليلية (تعتبرها الرباط ثغرا محتلا وتطالب باسترجاعه).
وأشارت التقارير الأولية إلى مقتل 5 أشخاص، لكن الرباط أكدت لاحقا ارتفاع العدد إلى 23 وإصابة العشرات من المهاجرين ومن أفراد الأمن، وفق ما نقل موقع القناة الأولى المغربية (حكومي) عن سلطات المملكة.
وتعد مدينتا مليلية وسبتة، الواقعتان على الساحل الشمالي للمغرب، أشهر نقطتي عبور للمهاجرين الأفارقة غير النظاميين إلى أوروبا.
وتخضع المدينتان للحكومة الإسبانية، فضلاً عن الجزر الجعفرية وجزر صخرية أخرى في المتوسط، في حين يعتبر المغرب الجزر والمدينتين “ثغوراً محتلّة”.