من أجل إشراكٍ مُنصِــفٍ للنساء

0
205
بقلم: د. عيدودي عبد النبي

السؤال الذي يطرق بابنا قبل الإنكباب على صياغة هذه المقالة هو: ما الدور الذي يجب أن نقوم به من أجل تمكين المرأة المغربية من جميع حقوقها؟ أو بصيغة أخرى: ماذا علينا فعله من أجل إشراكٍ عادلٍ للنساء في برامج التنمية؟ علما أن الثقة بين المؤسسات المنتخبة والمواطنين فُقدت نوعا ما. لذلك فالحاجة ماسة الى الديمقراطية التشاركية من أجل استرجاع هذه المصداقية بشكل واضح وتكاملي يُعيد للمجتمع الثقة في منتخباته ومنتخبيه.

و لتحقيق ذلك علينا أولًا استحضار جميع القوانين المتعلقة بالقضاء على كافة أشكال التمييز ضد النساء، لنحقق بذلك مزيد من التمكين للمرأة _ القروية بالخصوص وللفتاة المغربية كذلك ، سواء بالقرية أو بالمدينة، بالجبل أو السهل_ من جميع حقوقها السياسية والمدنية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية. وكذلك تمكين الفئات الهشة من الحقوق التي يجب الاشتغال عليها للنهوضبالوضع الاجتماعي والرقي بالحياة العامة، وتكريس مبدأ المساواة بين جميع شرائح المجتمع.
فالنقاش العمومي اليوم حول قضايا المساواة يحتم علينا الحديث عن الدولة الديمقراطية التي تتمتع بترسانة قانونية ومنظومة مؤسساتية، وتشتغل على ما يسمى بالملاءمة في إطار التدابير المتخذة من أجل تمكين اقتصادي وسياسي واجتماعي وثقافي للنساء.

ينبغي علينا كذلك و نحن نبحث عن الجواب الذي بدأنا المقالة بطرحه الاشتغال على تغيير عقليات المجتمع أيضا ، حتى تنظر الى المرأة كمكون رئيسي في المجتمع، ومحاربة النظرة الدونية لها، بل محاربة كل أشغال التمييز و الاشياء و العنف ضد المرأة . فالمرأة نصف الرجل، والنساء شقائق الرجال.

أيضا للإقتراب من الجواب يقتضي الأمر العمل على تغيير عقليات المكونات الحزبية لتفتح مزيد من الآفاق السياسية أمام النساء، حيث نتطلع كمجتمع عادل إلى أن تكون لدينا أحزاب سياسية ونقابات ومؤسسات وسيطية تستحضر هذا البعد في الاشتغال على تغيير العقليات، وعلى تغيير السلوكات والمقاربات التي تخص قضايا المساواة والعنف المبني على النوع، لنتجاوز بذلك هذا الانحباس السياسي وانسداد الأفق النوعي.

هنا يأتي دور المجتمع المدني أيضا في الدفاع عن إشراك المرأة في جميع مناحي الحياة، والذي نتمنى أن يكون مجتمع مدني قوي وحاضر وفاعل ومُـــدعِّم كذلك لكل المبادرات النسائية. لأنه كما هو معروف لازال عدد كبير من النساء المغربيات في حاجة الى الحمايةالاجتماعية أو القانونية أو غيرها، وفي حاجة إلى الولوجإلى الحقوق المختلفة. وتلك هي مهمة المجتمع المدني،وواجب عليه الاشتغال على تمكين النساء من هذه الحقوق، ترافعاً وحمايةً وتمكيناً وتأطيراً.

ايضاً، نسجل أن هناك بطء كبيراً للنساء في الوصول إلى مراكز القرار، سواء الإداري أو الاقتصادي أو السياسي أو الحزبي أو النقابي أو المدني أو الاجتماعي أو الثقافي أو الرياضي.

أما على المستوى التكامل القانوني، فهناك ورش يجب إتمامه والاشتغال عليه بعمق وجدية، في المساطر المدنية والحنائية و المدونات الانتخابية و الاسرية .. لأن التقارير الرسمية التي صدرت عن عدد من المؤسسات الدستورية مثلالمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي والمجلس الوطني لحقوق الإنسان، كلها تبين أنه ماتزال هناكفجوة كبيرة وواسعة بين التوجهات الدولية الكونية وبين ما يجري في المغرب على أرض الواقع في مجال المساواة.

ختاما، على المجتمع المغربي، حكومة وبرلمان، أحزاب ونقابات ومجتمع مدني وحركة نسائية، وقوى ديموقراطية،السعي الحثيث نحو مزيد من التجويد لخدمات العدالة والتمكين للمرأة، ونحو تحقيق الحماية الاجتماعيةوالمساواة بين نساء المغرب ورجاله. وذلك بوضع وتنفيذ سياسات عمومية دامجة ومنصفة ، لتحقيق تمكينٍسياسي ومؤسساتي يخول للمرأة الوصول إلى مراكز القرار الإداري والسياسي والاقتصادي، لأن الأرقاممازالت مهولة كما يعلم الجميع، وخاصة أرقام انتخابات شتنبر 2021 التي أسفرت على 24% فقط من التمثيلية النسائية بالبرلمان و26% فقط في الجماعات. وهذه الأرقام تبقى جد ضعيفة أمام مطالب الحركة نسائيةوأمام التحولات المجتمعية وأمام المقتضيات الدستورية المتقدمة، وأمام الالتزامات الحقوقية لبلادنا دوليا. وأساساً أمام ما تصبو إليه الإرادة المولوية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله.