على اثر نشر صحف مغربية لوثائق تشير لوجود شُبهة وقوع وزير التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، عبد اللطيف الميراوي في مَوْضع تضارب المصالح، من خلال تلقيه أموال من جامعة اجنبية، في الوقت الذي كان يشغل فيه منصب رئيس جامعة القاضي عياض بمراكش، قبل ان يصبح وزيرا للتعليم العالي، وأوضح مصدر من ديوان الوزير بأن : “قبل أن يكون رئيسا لجامعة القاضي عياض كان يعمل أستاذا جامعيا من الدرجة الاستثنائية بفرنسا، وكان راتبه الشهري يتجاوز 8000 أورو (دون احتساب التعويضات المتأتية عن مشاريع البحث العلمي)، وهو ما يناهز 80000 (ثمانون ألف) درهم مغربي”.
أفاد موقع “بالواضح” أن وزير التعليم العالي والبحث العلمي عبد اللطيف الميراوي تلقى حوالي 260 ألف دولار خلال سنتين مقابل الترويج لمشاريع فرونكوفونية بالمملكة المغربية.
وقال الموقع يعتبر هذا الحدث من أغرب الغرائب في هذه القصة أن الوزير الذي جيء به من طرف اللوبي الفرنكوفوني الى قطاع التعليم العالي لالغاء مشروع الباكالوريوس رغم مصادقة المملكة عليه، هو نفسه الذي وقع على عقدة تمنعه من استخلاص اي رواتب ما عدا بعض التعويضات بحكم انتمائه لجامعة L’université de technologie delfore Montélimar.
https://www.bilwadeh.com/إنفراد-بالواضح-تنشر-وثائق-سرية-تورط-و/
وأشار المصدر المقرب من الوزير في معرض رده: “ولمّا تم استقدامه للمغرب لرئاسة جامعة القاضي عياض، تمّ وضعه من قبل الجامعة الفرنسية في وضعية “إعارة”، لكون منصبه الأصلي كان بفرنسا”.
ووفقا للمصدر فإنه “حسب القوانين المعمول بها، فإن الأستاذ الباحث بفرنسا يمكن أن يوضع في وضعية إعارة لدى مؤسسة للبحث العلمي خارج فرنسا، ويحتفظ طوال مدة الإعارة براتبه الأصلي، وذلك حسب المادة 11 من المرسوم رقم 84.431 الصادر في 6 يونيو 1984 المتعلق بالمقتضيات النظامية المطبقة على هيئة الأساتذة الباحثين بفرنسا”.
وأضاف بأنه نظرا لكون: ” الجامعة المستقبلة، أي جامعة القاضي عياض، لن تؤدي له الراتب كاملا، فإن الجامعة الأصلية (أي الجامعة الفرنسية) تكفلت بأداء 90 بالمائة منه بينما تؤدي الجامعة المغربية 10 بالمائة”.
وكان فريق برلماني بمجلس النواب، قد طالب بحضور الوزير الميراوي للرد على :”مدى حقيقة ما نشرته بعضُ الصحافة من معلوماتٍ ووثائق تـُــثيـــر شُبــــهة وقوع السيد وزير التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار في مَوْضِعِ تضارب المصالح”.
واتهمت جمعيات مدنية الوزير الميراوي ن بتلقي التعويضات من الجهة الأجنبية، قصد الترويج لمشاريع فرنكفونية بالمغرب، لكن مصدر من وزارة التعليم العالي والابتكار، اعتبر ذلك “غير صحيح”.
من جانبه، قال مصطفى الفن، في تغريذة على الفصفحة الرسمية له ، “لازال وزير التعليم العالي عبد اللطيف الميراوي يلتزم الصمت حول الاتهامات الثقيلة التي وجهها إليه موقع إلكتروني والتي تكاد تطعن ليس في ذمته المالية فقط”.. إنها اتهامات تكاد تطعن حتى انتمائه للوطن ولو أني لست مع التشكيك في وطنية الناس مهما كان الاختلاف معهم.. ومع ذلك فإن ما نشر يفرض على الوزير أن ينفي هذه الاتهامات حتى لا تتحول “الإشاعات” إلى حقائق ثابتة لدى الخاص والعام..
لم يكن مفاجئا أن تتراجع وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار عن نظام البكالوريوس، مطلع الموسم الجامعي الحالي 2021/2022، رغم ما كانت تبشر به من إيجابيات هذا المشروع منذ 2018، في العديد من الملتقيات والأيام الدراسية والتواصلية، والمذكرات والبلاغات…
وقد تعددت مبررات هذا التراجع، إلا أن أهمها رأي هيئات متخصصة، وعلى رأسها المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي.
وكان نحو 24 ألف طالب قد باشروا الدراسة بنظام البكالوريوس مع بداية العام الجامعي الحالي، بناء على مذكرة وزارية وجهها وزير التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي السابق سعيد أمزازي إلى رؤساء الجامعات، وشملت مختلف التخصصات العلمية والأدبية والتقنية والاقتصادية والقانونية في 10 جامعات حكومية وأخرى خاصة.
وقدم أمزازي نظام البكالوريوس باعتباره نظاماً إصلاحياً جديداً يفتح الباب أمام إكمال الطلاب دراستهم في الخارج، وحدد ميزاته بالاهتمام بالمهارات واللغات والوحدات المعرفية، مؤكداً أن النظام يهدف إلى تخريج طلاب مزودين بمهارات شخصية ويتقنون اللغات الأجنبية والرقمنة، وقادرين على فهم عالم العمل، والنجاح في الاندماج في المهن.
لكن بعد مرور أقل من ستة أشهر على بدء تنفيذ النظام الجديد، ألغى وزير التعليم العالي الحالي عبد اللطيف ميراوي قرار العمل بالبكالوريوس، وأوعز بتوجيه الطلاب الذين باشروا دراستهم نحو أنظمة مشابهة، مثل الإجازة المهنية وغيرها، مبرراً قراره “باستحداث النظام من دون الأخذ في الاعتبار دفتر الضوابط البيداغوجية الوطنية، وعدم المصادقة على مشروع مرسوم تنظيمه، ما يعني عدم قانونية مسار تطبيقه”.
وكان المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي قد رأى، في بيان أصدره في ديسمبر/ كانون الأول الماضي، أن نظام “البكالوريوس يفتقر إلى الرؤية والغاية”، ويطرح صعوبات تنظيمية عدة، في مقدمها عدم ضمان إضافة تحقيق أهداف جودة التكوين في الإجازتين التطبيقية والمهنية، ويزيد التكاليف المادية ولا يوضح الأبعاد المهنية للطلاب، ويعاني من محدودية في أطره الداخلية”.
لكن ذلك لم يمنع مجموعات برلمانية تضم بعضها غير معارضين أيضاً، من إبداء امتعاضها من “القرارات المتسرعة لوزارة التعليم العالي الخاصة بإلغاء نظام البكالوريوس”. ووصف بعضهم القرار بأنه “ارتجالي، وأثار الكثير من التذمر والغضب في صفوف الطلاب المسجلين”. وعلّق آخرون بالقول: “رغم أن نظام البكالوريوس مدرج في الصفحة 45 من البرنامج الحكومي الممتد بين عامي 2021 و2026، لكنه دفن في بدايته، وفي منتصف السنة الدراسية، في إجراء لم يخضع لدراسة مناسبة أو لتقييم مسبق، ما يتنافى مع التزام الحكومة بتطبيق النظام انطلاقاً من واقع كونه منهجاً تستخدمه دول كثيرة في إطار مشاريعها للإصلاحات البيداغوجية الخاصة بالتعليم العالي”.
وطالبت المجموعات البرلمانية المعارضة للقرار بعقد لجنة التعليم والثقافة والاتصال في مجلس النواب اجتماعاً استثنائياً عاجلاً لبحث الموضوع وذيوله المؤثرة على المسيرة الدراسية لطلاب كثيرين، وشددت على ضرورة حضور وزير التعليم العالي الاجتماع لدرس أسباب إلغاء نظام البكالوريوس.
ما رئيس المرصد الوطني لمنظومة التربية والتكوين غير الحكومي محمد الدرويش، فيرى أن “القرار حكيم ومنطقي رغم أنه جاء متأخراً، إذ يتماشى مع رأي المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي، ومواقف أصدرتها مجموعة من الأساتذة وباحثين ومتخصصين، ويقول لـ”العربي الجديد “: “أهدرت أموال وأكثر من أربع سنوات من الدراسات على مشروع ولد ميتاً. فمن يحاسب على ذلك، ومن يتحمل المسؤولية؟”.
يضيف: “لن يؤثر القرار على منظومة التعليم العالي لأسباب عدة، منها أن عدد المسجلين في هذا النظام الذي أوقف العمل به لا يمثل إلا نسبة قليلة جداً من عدد طلاب نظام الإجازة، وجرى تطبيقه قبل أقل من 6 أشهر، كما سهلت الجامعات انتقال الطلاب إلى الإجازة”.
من جهته، ينتقد رئيس منظمة التجديد الطلابي مصطفى العلوي، في تصريح سابق، هدر وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار الوقت عبر تبنيها نظام البكالوريوس، ثم تراجعها عنه، “ما أضاع الوقت على أبناء من الشعب اتخذتهم فئران تجارب في لعبة فاشلة”.
ويوضح أن “الوزارة فتحت الباب واسعاً ببعض الجامعات على جملة من المشاكل الإدارية التي ستنهك الطلاب والأساتذة والإداريين خلال السنوات القليلة المقبلة جراء تبني النظام ثم العودة عنه بين ليلة وضحاها”.
ويقول الموقع أن الاخطر في العقد الذي بحوزته ونشره وتم نشره على موقع “بالواضح” أن الجامعة الفرنسية تهين الجامعة المغربية واقر في احدى فقرات البند ” أنه بالنظر إلى محدودية الموارد المالية لجامعة القاضي عياض فإن الجامعة الفرنسية ستتكلف بتسديد ما مجموعه 259 الف يورو اي بنسة 90 % من مجموع التعويضات التي يستخلصها الوزير الميراوي من الجامعة الفرنسية في الفترة التي يشتغل بها.
وأكد الموقع أنه حصل على وثيقة اخرى تثبت ان الميراوي كان يحصل من الدولة المغربية على راتب يصل 6 مليون سنتيم شهريا كرئيس لجامعة القاضي عياض ليطرح السؤال هل زور الميراوي وثائق عمله ووقع في تضارب للمصالح؟