تقرير: جمال السوسي
لازالت أزمة ارتفاع الأسعار بالمغرب ومنها تلك المتعلقة بالمحروقات، تثير مزيدا من السخط والاستياء في الأوساط الشعبية ولدى بعض الأحزاب التي استبعدت أي مؤشرات إيجابية لمستقبل البلاد، في ظل الفساد المستشري في الأوساط السياسية، ومشكل تضارب المصالح الذي زاد من حدة تفقير أبناء المملكة وصعد من أزماتهم.
حمّل عبد الإله بنكيران الأمين العام لحزب “العدالة والتنمية”، الحكومة مسؤولية ما سماه «استمرار الكثير من المشاكل في البلاد»، بسبب أنها «لا تملك إرادة حقيقية للإصلاح، ولو امتلكت الارادة فلا تملك القدرة على التنفيذ»، بالرغم من أن «لديها العدد الكافي من الأعضاء في مجلس النواب لتمرير أي قانون تريده».
وتفاعلا مع الارتفاع الكبير والمتواصل الذي يعرفه ثمن المحروقات، أكد عبد الإله بنكيران، إن حكومة “الملياردير ” عزيز أخنوش عاجزة عن القيام بمهامها على الوجه المطلوب في مثل هذه الظروف، ولم تتخذ إلى حدود الساعة القرارات المناسبة للتخفيف على المواطنات والمواطنين وحماية قدرتهم الشرائية من جراء ارتفاع أسعار الوقود.
وأشار بنكيران في كلمة له خلال اجتماع الأمانة العامة للحزب، أن الحكومة لم تبحث مع الشركات التقليص من النسب العالية لأرباحها ولم تعتمد الإجراءات الضرورية في هذه الظرفية.
وأوضح أن الفلسفة السياسية التي تميز الأداء السياسي لحزب العدالة والتنمية من موقع المعارضة، هي فلسفة قائمة على التنبيه للاختلالات بشكل موضوعي والنصح للحكومة، وتقديم الاقتراحات لها مع التصدي لمظاهر الفساد والريع وتضارب المصالح والتلاعب بالمال العام.
وعبر بنكيران عن استنكاره لمظاهر التبذير والإنفاق غير المبرر للمال العام تحت غطاء “الدراسات” محذرا من استغلال المناصب العمومية لخدمة المصالح العائلية والحزبية.
وأكد على اعتزازه بمستوى النزاهة والشفافية والحرص على المال العام الذي أبان عنه منتخبو العدالة والتنمية في كل المواقع الانتدابية، وهو ما بدأ المواطن العادي يستشعره الآن وهو يعاين مستوى الفوضى وسوء التسيير وتبذير المال العام في عدد من الجماعات الترابية.
من جهته قال الكاتب و الصحفي ، علي أنزولا، أعاد هذا الوضع الشاذ إلى الواجهة الجدل الحاضر دائما في المغرب عن زواج السلطة والمال. ولكن أمام حدّة الأزمات الحالية وانعكاساتها القاسية على حياة ملايين المغاربة الذين يعيشون تحت خط الفقر، أو على حافة السقوط تحت هذا الخط، يصبح السؤال أخلاقيا، رغم أنه لا وجود للأخلاق في السياسة أو في أعراف السياسيين، فقد سبق للمغاربة أن عانوا من رؤساء حكومات ضعاف أو غير فاعلين، وآخرين سيئين إلى درجة لا يمكن تحملها. وقد أقدم رئيس الحكومة السابق، الإسلامي، عبد الإله بنكيران، على إلغاء الدعم الذي كان مخصصا للمحروقات وحرّر سوقها، ولكن لم يسبق للمغاربة أن جرّبوا رئيس حكومة جشعاً، مثل رئيس الحكومة الحالية.
واضاف ، لو كان المغرب بلداً ديمقراطياً فعلاً، وليس شكلاً فقط، فإنّ جَمْعَهُ بين رئاسة الجهاز التنفذي وامتلاكه أكبر شركة توزيع للمحروقات في البلد تستثمر في أزمة ساكنته، وحده مدعاة لأن يستقيل الرجل من منصبه، هذا إذا لم يحاكم لكونه يستغل المنصب الحكومي لتحقيق ربحه الشخصي. نحن أمام حالة استثنائية لرئيس حكومةٍ يبدو شبه منفصل عن الواقع، فهو لم يخرج ليشرح للمغاربة سبب غلاء معيشتهم اليومية، وحتى لا نتّهمه بعدم الالتزام بالمصلحة العامة، الذي يفرضه عليه منصبه بحسب الدستور، فإنّ كل ما يمكن أن يقال إنّه يبدو مهتماً بمصالحه أولاً وأخيراً، واستمراره على رأس الجهاز التنفيذي إهانة لذكاء المغاربة الذين يعانون في صمت، بينما يجني رئيس حكومتهم أرباحاً خيالية، يقول من يقول إن الجزء الكبير منها غير شرعي، فيما يدرك أن بمقدوره، بل ومن صلاحياته أن يخفّف من معاناة مواطنيه، لو أنه فقط تخلى عن جزء من أرباحه تلك.
وختم المقال، يعرف كلّ من يتابع الشأن المغربي كيف تجري الانتخابات في البلاد، ويعرف أنّ الحكومات لا تحكم وإنما تنفذ. وبالتالي، لا يجب أن ننتظر من رئيس الحكومة الحالية أن يستقيل بنفسه، فهذا الفعل الشجاع والنزيه لم يسبق أن أقدم عليه أي رئيس حكومة قبله، وإذا ما استمرّ الوضع متأزماً في البلاد، فإنّ من سيستقيل هو صبر المواطن، إذا ما استمرّت الحكومة الحالية العاجزة ورئيسها الجشع في تجاهل مطالبه وعدم الإنصات إلى صوته.
المملكة المغربية الشريفة يستضيف الدورة العاشرة للبرلمان الدولي للتسامح والسلام