لن يعرف المغرب الانتعاش الاقتصادي في العام الحالي. هذا ما يتجلى من توقعات النمو المعبر عنها من قبل العديد من المؤسسات، التي تشير إلى تأثيرات الجفاف وضغط الظرفية الدولية.
تخلى المركز المغربي للظرفية (حكومي) عن التفاؤل الذي عبر عنه في توقعات سابقة، حيث عبر في تقرير له أخيراً، عن توقع نمو في حدود 1.8 في المائة، بعدما كان ترقب أن يصل إلى 4.1 في المائة في فترة سابقة.
هذا ما أكده تقرير صادر عن البنك الدولي، أن وتيرة الاقتصاد ستتباطأ بشكل ملحوظ عام 2022، إذ من المتوقع أن يبلغ معدل النمو 1.3% في عام 2022 مقارنة مع 7.9% في عام 2021، بسبب الجفاف، والذي يعرقل الانتعاش الاقتصادي في المملكة، اذ تعتبر الأخيرة خانة الدول الأكثر معاناة من الإجهاد المائي، مشيرا أنه في مواجهة ندرة المياه وصدمات أسعار السلع، تعد المرونة أمرًا ضروريًا للنمو الاقتصادي والاستقرار في المغرب.
وأشار تقرير البنك الى أن صدمات انخفاض هطول الأمطار كانت دائمًا عاملاً من عوامل تقلب الاقتصاد في المغرب، وأن زيادة تواتر مواسم الأمطار السيئة، يمكن أن تجعل من الجفاف تحديًا هيكليًا في البلاد، مما يؤثر بشكل خطير على الاقتصاد على المدى الطويل ، مؤكدا أن موجات الجفاف المتتالية على مدى الثلاث سنوات الماضية، تضعف الاقتصاد المغربي بسبب عدم الانتظام المتزايد في مستويات هطول الأمطار.
وانخفضت موارد المياه المتجددة المتاحة في المغرب “ما بين عامي 1960 و2020، من 2560 مترًا مكعبًا إلى حوالي 620 مترًا مكعبًا للفرد سنويًا، مما يجعل البلاد تعاني من الإجهاد المائي الهيكلي”، بالرغم من ببناء أكثر من 120 سدا كبيرا، ومضاعفة السعة التخزينية للمياه بمقدار عشر مرات، لكن مع ذلك فقد انخفض الحجم الفعلي للمياه المخزنة في السدود الرئيسية في البلاد خلال معظم العقد الماضي، وفقا للتقرير.
وكانت الحكومة راهنت في قانون المالية على نمو 3.2 في المائة في بداية العام الحالي، حيث بنت ذلك على فرضية بلوغ محصول حبوب في حدود 80 مليون قنطار وسعر غاز في السوق الدولية في حدود 450 دولارا للطن الواحد.
ويأتي خفض معدل النمو من قبل المركز في ظل مراجعة البنك وصندوق النقد الدوليين لذلك المعدل، حيث خفضته المؤسستان إلى 1.1 في المائة.
كان بنك المغرب (البنك المركزي) توقع أن يتراجع معدل النمو في العام الحالي إلى 0.7 في المائة، غير أنه شدد على أنه لم يأخذ بعين الاعتبار التساقطات المطرية التي شهدتها المملكة في شهر مارس/ آذار الماضي.
ودفعت الظرفية المرتبطة بالجفاف والصعوبات الناجمة بسبب الحرب الروسية في أوكرانيا رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، إلى خفض توقعات النمو إلى ما بين 1.4 و1.7 في المائة.
ويأتي خفض معدل النمو من قبل المركز المغربي للظرفية في سياق تشديد التدابير الاحترازية بسبب متحور أوميكرون في بداية العام الحالي والجفاف الناجم عن ضعف التساقطات المطرية وأزمة أوكرانيا.
ويؤكد المركز المغربي للظرفية، كما مؤسسات أخرى على مساهمة القطاع الزراعي في خفض توقعات النمو، حيث ستتراجع القيمة المضافة لذلك القطاع بنسبة 14 في المائة، بينما يترقب بنك المغرب انخفاضا لتلك القيمة بنسبة 19.8 في المائة، مع توقع انهيار محصول الحبوب إلى 25 مليون قنطار، بينما ينتظر البنك الدولي أن يبلغ 40 مليون قنطار.
وتتصور مختلف المؤسسات أن مساهمة القطاعات غير الزراعية، ممثلة في الصناعة والتجارة والخدمات، ستساهم في النمو بحوالي 3 في المائة، علما أن تلك القطاعات طاولتها الهشاشة بسبب الأزمة الصحية والحرب الروسية على أوكرانيا.
ويتجلى أن استهلاك الأسر الذي يساهم عادة، بشكل كبير في النمو الاقتصادي بالمغرب، سيتأثر بانخفاض إيرادات الأسر، خاصة في الأرياف بسبب الجفاف، وكذلك ارتفاع الأسعار بفعل انخفاض الإنتاج الزراعي.
ويشهد العام الحالي ارتفاعا في التضخم إلى مستويات مرتفعة، متأثرا بأسعار الواردات، حيث ينتظر أن يتراوح، حسب توقعات بنك المغرب والمركز المغربي للظرفية على التوالي إلى 4.7 في المائة و4 في المائة.
ومن جانبه، يشير الخبير في القطاع الزراعي والرئيس السابق للجامعة الوطنية للزراعة، محمد الهاكش، لـ”العربي الجديد” إلى أنه إذا كان معدل البطالة يطاول 1.46 مليون شخص، فإنه يجب استحضار انتشار الشغل الناقص الذي يصيب حوالي مليون شخص، خاصة في الأرياف.
وينتظر أن يستقر معدل البطالة خلال العام الحالي بحدود 12 في المائة في ظل معدل النمو الضعيف، علما أن البطالة طاولت في الربع الأول من العام الحالي 1.46 مليون شخص بمعدل 12.1 في المائة.
ويذهب الاقتصادي رضوان الطويل في تصريح سابق، إلى أن الظرفية الحالية تكرس النمو الهش الذي يعاني منه الاقتصاد المغربي، الذي علق منذ 2010، في متوسط نمو بالظروف العادية يصل بالكاد إلى 3 في المائة.
ويشير إلى أن معدل النمو الذي تحقق في العام الماضي والذي وصل إلى 7.2 في المائة لم يكن سوى نوع من التدارك للانكماش الذي سجل في العام ما قبل الماضي، حيث لم يفض ذلك إلى تقليص ملحوظ لعدد العاطلين.
ديون الخزينة المغربية تقترب من 100 الف مليار درهم في 2022..هل أصبحت قرارات البلاد للخارج؟