كشفت صحيفة “لاراثون” الإسبانية، في تحقيق مطول إن أزيد من 2500 مهاجر غير نظامي يستعدون لتنفيذ عملية اجتياح جديدة لسياج مليلية المحتلة ، مشيرة الى أن المهاجرين انقسموا إلى مجموعتين واستقروا بالغابات المطلة على المدينة المحتلة بجبل غوروغو ومنطقة ويكسان، بضواحي الناظور في انتظار لحظة الانطلاقة لبلوغ هدفهم المتمثل في الولوج إلى مليلية.
وأشارت الصحيفة إلى أن المهاجرين وصلوا الى المنطقة عبر مسارين، الأول يمر من ليبيا والجزائر ثم المغرب، والثاني من التشاد والنيجر ثم مالي والجزائر قبل الوصول للمملكة من الشرق .
يذكر أن المئات المهاجرين ،كانوا قد اقتحموا سياج مليلية ، مما تسبب في مواجهات مع القوات الأمنية المغربية والاسبانية، وأدت الأحداث إلى وفاة أكثر من28 مهاجرا ، كما أصدرت السلطات القضائية المغربية، أحكاما بالسجن ضد ما يقارب 60 مهاجرا.
وتعد مدينتا مليلية وسبتة، الواقعتان على الساحل الشمالي للمغرب، أشهر نقطتي عبور للمهاجرين الأفارقة غير النظاميين إلى أوروبا.
وتخضع المدينتان لإدارة الحكومة الإسبانية، فضلاً عن الجزر الجعفرية وجزر صخرية أخرى في المتوسط، في حين يعتبر المغرب الجزر والمدينتين “ثغوراً محتلّة”.
تتعرّض مليلية لمحاولات اقتحام متكررة بغرض العبور نحو أوروبا، وعادة ما تسبق الاقتحامات الجماعية عمليات تواصل مع المهاجرين غير النظاميين فيما بينهم، سواء بطريقة مباشرة أو عبر صفحات التواصل الاجتماعية أو عبر الواتساب.
وبذلك يحدد المهاجرون غير النظاميين ساعة الاقتحام الجماعي، لأن المحاولات الفردية تحبط بسهولة، بينما ينجح الكثيرون في العبور بفضل الاقتحامات الجماعية.
وينطلق المهاجرون في العادة من الغابات القريبة من بلدات بني أنصار والناظور، حيث يتحركون سريعا في جماعات صغيرة تجاه مكان العبور المحدد حتى يتجمعون استعدادا للعبور الجماعي.
وحول حادثة مليلية الأخيرة قالت الحكومة الإسبانية في بيان إن “مجموعة كبيرة من المهاجرين اخترقت بوابة الوصول لنقطة تفتيش باريو تشينو الحدودية، ودخلت مليلية قفزاً من فوق سياج نقطة التفتيش”.
وأوضحت سلطات مليلة، أن “اقتحام المهاجرين للحدود بدأ حوالي الساعة 6:40 بالتوقيت المحلي 5:40 (ت. غ).
وأضافت: “على الرغم من عملية مكثفة للقوات المغربية، نجح عدد منهم في العبور في الساعة 8:40 بالتوقيت المحلي 7:40 (ت.غ)”.
في ساعة الاقتحام المتفق عليها، قام المهاجرون، وفق شهود عيان، بتسلق السياج الحديدي، حيث استعمل بعضهم آلات حادة في تقطيع الأسلاك، فضلا عن التدافع الكبير فيما بينهم.
وبحسب مقاطع فيديو بثها ناشطون بمنصات التواصل الاجتماعية، فإن التدخل الأمني والكر والفر بين الشرطة والمهاجرين ساهم في وقوع حوادث خطيرة بين الطرفين.
وفي الوقت الذي استعملت فيه الشرطة الرصاص المطاطي لتفريق المهاجرين، وفق شهود عيان، رشق هؤلاء الشرطة بالحجارة بجانب استعمال العصي وآلات حادة.
وقال أحد المهاجرين للأناضول، مفضلا عدم ذكر اسمه لأسباب أمنية إن “الشرطة قامت بمهاجمتهم لدى محاولتهم اقتحام السياج”، وأضاف أن الشرطة عنفتهم، وفق تعبيره.
واعتبر عضو الجمعية المغربية لحقوق الإنسان (غير حكومية) بمدينة الناظور شمالي المملكة عمر الناجي، أن “سياسات الهجرة المعتمدة من طرف المغرب وإسبانيا من أسباب وقوع اقتحامات من طرف المهاجرين”.
ولفت الانتباه إلى أن من بين الأسباب “تشديد المراقبة وتفكيك مخيمات المهاجرين من طرف السلطات المغربية، ما جعل رد فعل المهاجرين في اقتحام السياج يكون كبيرا”.
وأوضح الناجي في حديثه للأناضول، أن “سقوط 23 ضحية يعد أكبر حصيلة في تاريخ البلاد”.
بعد حادثة مليلية، أصدرت عدة منظمات غير حكومية، بيانا مشتركا طالبت فيه بإجراء تحقيق حول طريقة معاملة المهاجرين أثناء محاولتهم عبور الحدود.
وطالبت الكتل النيابية لأحزاب الأغلبية (التجمع الوطني، والاستقلال، والأصالة والمعاصرة)، “بانعقاد لجنة الداخلية بمجلس النواب (الغرفة الأولى بالبرلمان) بحضور وزير الداخلية عبد الوافي لفتيت، لتدارس ملف الهجرة السرية ارتباطا بالتطورات الأخيرة”.
وقام وفد من المجلس الوطني لحقوق الإنسان (حكومي) بمهمة استطلاعية بمدينة الناظور ونواحيها، على إثر “الأحداث المأساوية والعنيفة التي ترتبت عن محاولات عبور مئات المهاجرين لبوابة العبور بين مدينتي الناظور ومليلية”.
وأعلن المجلس الوطني لحقوق الإنسان في المغرب، في بيان، “متابعته للمعلومات بخصوص العدد الهائل من المهاجرين الذين حاولوا العبور في نفس الوقت، بجانب حجم العنف، وحجم الخسائر في الأرواح”.
وأوضح المجلس، أنه “سجّل مرة أخرى، نشر صور وفيديوهات لا علاقة لها بمحاولة عبور المهاجرين، تتضمّن تضليلا ومعطيات غير حقيقية بشأن العبور الجماعي المكثف وما نتج عنه”.