كعنوان لاستمرار أزمة التأشيرات بين المغرب وفرنسا ، تفاجأ عدد من الطلبة المغاربة الذين يواصلون دراستهم في فرنسا ،خلال الأسبوع الجاري، برفض القنصليات الفرنسية، لطلباتهم قصد الالتحاق بالمدارس التي حصلوا على الموافقة للدراسة بها، واجتازوا امتحاناتها بنجاح ودفعوا رسوم المطلوبة للدراسة فيها( 40 الف درهم) ، والتي يُفترض أن تنطلق بها الدراسة مطلع الشهر المُقبل.
وعبر الطلبة عن استغرابهم واستياءهم من القرار الفرنسي، القاضي برفض ملفاتهم للحصول على “الفيزا” بالرغم من استيفائها لجميع المتطلبات، والتي على رأسها شهادات القبول بالمعاهد والجامعات الفرنسية، وكذا المبالغ المالية التي تفرضها الدولة على الطلبة من أجل إيداعها في حساباتهم البنكية.
وفي ذات الاطار ،طالبت تنسيقية النقابات الوطنية لقطاع النقل الطرقي للبضائع وزير التجهيز. بالتدخل لتسهيل حصول المهنيين العاملين بالنقل الدولي على تأشيرات السفر.
وسبق لصحيفة “لوموند” الفرنسية أن أكدت في مقال لها تحت عنوان “الأمر لا يليق بفرنسا..” أن “الأمر يبدو كما لو أن سفارة هذا البلد في الرباط أقامت جدارا بين دولتين، يفرق بين العائلات”.
ولاحظت فاطمة التامني أن بعض مواعيد طلبات المتمدرسين تمتد إلى غاية شهر سبتمبر، متسائلة عن إجراءات وقف “الإهانات” التي يتعرض لها طالبو “الفيزا”، فضلا عن تقديمها للطلبة في آجال معقولة لتفادي تأخرهم عن الدراسة.
ففي ظل التعنت الفرنسي والإهانات المتوالية التي يتعرض لها المغاربة والتي بلغت حد سلبهم أموالهم في شكل رسوم للحصول على التأشيرة من قبل السفارة الفرنسية بالرباط، مع أن الأخيرة تعلم أنها لن تقدمها لهم، كشف معاذ المرابط، منسق المركز الوطني لعمليات الطوارئ العامة بوزارة الصحة والحماية الاجتماعية، عن قرار التخلي عن اللغة الفرنسية ضمن تحليلات الوزارة للوضع الوبائي بالمملكة المغربية.
وأعلن المرابط في منشور له على حسابه الرسمي بموقع ”لينكدن” يوم أمس الثلاثاء أنه ”ابتداء من اليوم، ستكون جميع تحليلاتنا للوضع الوبائي باللغة العربية بدلا من الفرنسية، مع احتفاظنا بالأسماء العلمية المعتمدة دوليا”.
ووصلت القضية إلى البرلمان المغربي، الذي ندد بمنع مسؤولين وأكاديميين ورجال أعمال وأطباء ومهندسين رفضت طلبات تأشيراتهم لدخول فرنسا لحضور ندوات ومؤتمرات.
وكان موقع ”برلمان.كوم” المغربي المقرب من توجه الدولة، قد تطرق في وقت سابق لما أسماه “إهانة السفارة الفرنسية بالرباط للمغاربة بعد رفضها منح الموطنات والمواطنين التأشيرة دون مبررات معقولة، رغم أنها قامت بنهب جيوبهم واستخلصت مبالغ مالية مهمة”.
وفي حلقة مصورة نشرها البرنامج، هاجمت معدة البرنامج، السلطات الفرنسية، متهمة إياها بالنصب على المغاربة في وقت “تغط فيه الحكومة في نوم عميق”، معتبرة التنعت في منح الفيزا للمغاربة “خرق واضح للقوانين الدولية والمبادئ الكونية لحقوق الإنسان، لعل أبرزها حق التنقل”.
في نفس السياق، طالبت الجامعة المغربية لحقوق المستهلك من السفارة الفرنسية بالرباط، باسترجاع مصاريف طلبات الحصول على التأشيرات المرفوضة للمغاربة لولوج التراب الفرنسي.
واستنكرت الجامعة الوطنية لحماية المستهلك في مراسلتها “القيود التي تفرضها الحكومة الفرنسية المتعلقة بتشديد إجراءات منح تأشيرة الدخول للأراضي الفرنسية دون إخبار المستهلك بالشروط الجديد لقبول ملف التأشيرة، الأمر الذي يحرم المستهلك من حقه في الحصول على المعلومة”.
حماية المستهلك تطالب السفارة الفرنسية بإعادة ” 42 مليون درهم” مصاريف التأشيرات للمغاربة
وأضافت الجامعة أن الشركة الوسيطة بين القنصلية والمستهلك لا تمتلك السلطة القانونية للاحتفاظ بالبيانات الشخصية لدافعي طلبات الحصول على التأشيرة وفق ما يقتضيه القانون رقم 09-08.
وتبلغ قيمة تكاليف وضع طلب الحصول على التأشيرة الفرنسية أزيد من 800 درهم مغربي (80 دولار) للرحلات الأقصر من 3 أشهر، وأزيد من ألف درهم (100 دولار) بالنسبة للرحلات التي تفوق 90 يوما.
بدورها، قالت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان إنها تتابع بـ”استياء عميق التعامل المهين والحاط من الكرامة من طرف قنصليات وسفارات دول شينغن مع طلبات التأشيرة، وخاصة القنصليات الفرنسية”.
واتهمت، الجمعية الأكبر من نوعها في المغرب، في بيان لها، السلطات الفرنسية بالإمعان في إذلال المغاربة الراغبين في السفر لأسباب مختلفة، من بينها أسباب إنسانية أو صحية، منذ لحظة البحث عن موعد لوضع الملف مرورا بكمية الوثائق المطلوبة والضمانات المالية والمبالغ المدفوعة التي لا يتم إرجاعها في حالة رفض إعطاء التأشيرة، مما فتح الباب على مصراعيه لسوق سوداء تتاجر في مواعيد وضع طلبات التأشيرة، على حد تعبيرها.
ودعا عزيز غالي، رئيس الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، في تصريح صحفي الحكومة المغربية الى تحمل مسؤوليتها في الحفاظ على “سيادة البلاد” معتبرا أنه على المغرب، معاملة فرنسا بالمثل، وذلك “بفرض تأشيرات، وتقديمها بنسبة رفض مماثلة”، مضيفا أنه يبدو أن “الفرنسيين قد نسوا استقلال المغرب”.
وكانت باريس أعلنت، في أكتوبر الماضي، تخفيض عدد التأشيرات الممنوحة لمواطني المغرب والجزائر وتونس، مبررة خطوتها بـ”رفض” الدول الثلاث إصدار تصاريح قنصلية لإعادة مهاجرين ترغب فرنسا في ترحيلهم من أراضيها، وفق فرانس برس، في ما قدرت بعد الجمعيات المهتمة، عدد الطلبات المرفوضة بنحو 70 بالمئمة من مجموع الطلبات المقدمة للحصول على التأشيرة الفرنسية.
وقال متحدث باسم الحكومة الفرنسية حينها “إنه قرار صارم، وغير مسبوق، لكنه صار ضروريا لأن هذه الدول لا تقبل باستعادة رعايا لا نرغب بهم، ولا يمكننا الاحتفاظ بهم في فرنسا”.واعتبر وزير خارجية المغرب، ناصر بوريطة، القرار “غير مبرر”، وأكد أن الرباط سوف “تتابع الأمر عن قرب مع السلطات الفرنسية”.
واستبعد خالد الشرقاوي السموني، مدير مركز الرباط للدراسات السياسية والإستراتيجية، أن يكون لتوجه المغرب نحو أفريقيا دور في التوتر الصامت بين باريس والرباط.
وقال في تصريح لـ”العرب” إن “الوجود الاقتصادي المتنامي للمغرب في أفريقيا، ولاسيما غرب أفريقيا، لا يمكن أن ينظر إليه بارتياب من قبل فرنسا، وحتى لو كانت هناك منافسة بين البلدين في السوق الأفريقية، فإن هذا النوع من الأوضاع لن يؤثر سلباً على العلاقات السياسية المتينة بين البلدين”.