الريسوني يعلن “الانسحاب نهائيا” من الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين

0
260

أعلن الرئيس السابق للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، المغربي أحمد الريسوني، مساء الأحد، “انسحابه نهائيا” من هذه الهيئة وذلك بعد أيام قليلة على استقالته من رئاستها. 

وقال الريسوني في بلاغ نشره عبر موقعه الرسمي “أعلن أنا أحمد الريسوني، العضو السابق والرئيس السابق للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، أنني انسحبت نهائيا من الاتحاد، وانتهت عضويتي فيه، ولم تبق لي أي علاقة تنظيمية به. وبقيت الأخوة والعلاقات الشخصية، والتعاون على البر والتقوى، حسب الإمكان”.

انسحاب من الاتحاد..

 

وكان الريسوني قد أعلن يوم 28 أغسطس المنصرم استقالته من رئاسة الاتحاد وذلك بعد تصريحات أثارت جدلا واسعا، وبرر قراره بـ”الحرص على ممارسة حرية التعبير دون شروط ولا ضغوط”.

وأثارت تصريحات الريسوني، جدلا في المغرب والجزائر وموريتانيا، بعدما أشار إلى “استعداد المغاربة والعلماء والدعاة في المغرب للجهاد بالمال والنفس (…) والزحف بالملايين إلى مدينة تندوف الجزائرية”.

وأثارت تصريحات الريسوني حفيظة سياسيين وأحزاب وشخصيات إسلامية في كل من موريتانيا والجزائر، فوصفها الناطق الرسمي باسم الحكومة الموريتانية، حمد ماء العينين ولد أييه، بـ”غير المسنودة والمتعارضة مع الشواهد التاريخية”. في حين دعت حركة مجتمع السلم الجزائرية “حمس” علماء الأمة إلى “التبرؤ من هذا الموقف الخطير، الذي سيحدث فتنة بين الدول والشعوب”.

ويأتي قرار الريسوني بعد أسبوع من إعلانه استقالته من رئاسة الاتحاد، على خلفية الضجة التي أثارتها تصريحاته بخصوص موريتانيا والجزائر وقضية الصحراء.

وربط الريسوني استقالته من “الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين” بـ “تمسّكه بمواقفه وآرائه الثابتة والراسخة، التي لا تقبل المساومة”. وقال في رسالة نشرها، الأحد الماضي، إن استقالته من رئاسة الاتحاد جاءت “حرصاً على ممارسة حريته في التعبير، بدون شروط ولا ضغوط”.

وفي خضم الجدل المثار، اعتبر الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، في توضيح أصدره أمين عام الاتحاد علي القرة داغي، أن “دستور الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين ينص على أن الرأي الذي يسند إلى الاتحاد هو الرأي الذي يتم التوافق والتوقيع عليه من الرئيس والأمين العام بعد المشورة، ثم يصدر باسم الاتحاد”، و”بناء على هذا المبدأ، فإن المقابلات أو المقالات لسماحة الرئيس أو الأمين العام تعبّر عن رأي قائلها فقط، ولا تعبّر بالضرورة عن رأي الاتحاد”. 

يعتبر الخلاف الحدودي أهم أسباب التناقض الحاد بين المغرب والجزائـر وربما أصله. هذا الواقع يرتهـن عليه الوضع العام للعلاقات بين البلدين، حيث تدافـع فيـه الجزائـر عـن حدودها الموروثة عن الاستعمار، في مقابل المغـرب الـذي يطالب بحدوده التاريخية كما كانت قبل مجيء هذا الاستعمار.

وتمثل معاهدة “لالة مغنية” إطارا مرجعيا للخلاف الحدودي، وهي المعاهـدة التي وقعها المغرب مع فرنسا في 18 مارس/آذار 1845م، بعد هزيمته في معركة “إيسلي” فــي 14 غشت/آب 1844م. ومن تم إبرام معاهدة الصلح “للا مغنية” في 10 شتنبر/أيلول 1844م، بين المغرب وإيالة الجزائر الفرنسية.

و قد وقع المعاهدة عن الجانب المغربي عامل وجدة، احميدة بن علي الشجعي ممثّلا لسلطان المغرب. وعن الجانب الفرنسي الجنرال كونت دو لاغي Conte De La Rue. والتي تنص على: “استمرارية الحدود التي كانت بين المغرب والدولة العثمانية، لتصبح هي الحدود بين المغرب والجزائر. وتعيين تفصيلي للحدود الإقليمية السياسية بين الجزائر والمغرب انطلاقا من سواحل البحر الأبيض المتوسط حتى “ثنية الساسي”.

إلا أن هذه الاتفاقية أبقت منطقة الصحراء الشرقية في الجنوب (أي منطقة تندوف) في وضعية غامضة. بالإبقاء على “الصحراء منطقة مشتركة، نتيجة رغبة الاستعمار الفرنسي للتوغل إلى المغرب. وسعيه لتثبيت وجوده بالجزائر، وهو ما كان يفضي إلى الانتقاص التدريجي من التراب المغربي.

إن الصحراء الشرقية تعتبر دائما امتدادا تاريخيا وطبيعيا للمملكة المغربية. ولقد نجم عن دعم المغاربة للأمير عبد القادر نتائج كانت كارثية على وحدة المغرب. ومناسبة لفرنسا المنتصرة اتخاذ إجراءات عسكرية أحادية لتغيير معالم الحدود المغربية. وذلك بدعوى القضاء على التمرد المنطلق من الأراضي المغربية الدي كاد ينتشر في غرب مقاطعة الجزائر الفرنسية.

نتائج البنود الغامضة:

سيتم خلق ما يسمى “نظام التفاهم الفرنسي المغربي المشترك”. من خلال إنشاء نقاط جمركية وتوفير التعاون بين الطرفين في الحفاظ على الأمن في هذه المناطق حيث كانت القبائل تنتفض ضد الاستعمار. وعلاوة على ذلك، لم يتم تأسيس هذا الواقع الجديد على أي أساس تقليدي وكان يهدف فقط إلى إقامة وضع واقعي من خلال اتخاذ ذريعة “الفوضى” التي سادت المنطقة. والرغبة في الاستفادة من “اتفاقية السياسة” المبرمة بين المغاربة والحكومات الفرنسية. لذلك اعتبر الدبلوماسيون الفرنسيون أنفسهم أن “هذه المناطق … لم تكن جزائرية حصراً”.

الخطوط الإدارية:

ولم يتم اعتبار الخطوط الإدارية التي وضعتها السلطات الفرنسية على أنها تشكل الحدود الجزائرية المغربية. ومن أجل ذلك قرر المشرع الفرنسي نفسه، تطبيقاً لمرسوم 5 غشت 1933، إعادة تنظيم القيادة الوحيدة للحدود الجزائرية المغربية. بحيث “لا يمس بأي شكل من الأشكال الحدود الجزائرية المغربية، التي يظل تحديدها متحفظًا بالكامل. [د.محمد توفيق القباج؛ ” الصحراء المغربية ، مغربية تندوف ، توات ، گورارة ، تيديكلت”].

وهكذا اقتطعت من المغرب مدن و قرى بأكملها كتلمسان- وكورارة- و تيدي كلت -و كلومب بشار- و ادرار- و تندوف. هذا بالإضافة إلى منطقة توات بكاملها التي كانت تابعة للمغرب والتي تعتبر في جميع المخطوطات التاريخية والانثروبولوجية امتدادا جغرافيا وسياسيا وقبليا لمنطقة تافيلالت المغربية. وقد تناولها العديد من المؤرخين العرب كالادريسي وحسن الوزان (Léon l’Africain)، وابن خلدون والزياني. كما تكلمت عنها الصحفية الفرنسية التي عاشت في موريتانيا ما بين 1919 إلى 1962 اوديت بيكودو ( Odette du Puigaudeau). حيث اعتبرت المنطقة ولايات مغربية، بدليل أن السكان كانوا يؤدون الضرائب باسم السلطان لفائدة الخزينة المخزنية، وأن صلاة الجمعة والأحكام القضائية تنطق باسم جلالته. ويصومون مع المغاربة وتربطهم رابطة البيعة لامارة المؤمنين. باعتبار السلطة المغربية الحاكمة للإقليم الموجود تحت سيادتها الشرعية و القانونية.

إن الفرنسيون في الجزائر لم يحددوا بصفة نهائية الحدود الممتدة من فجيج في الجنوب الشرقي للمملكة إلى عين صالح، أي كامل حدود الصحراء الشرقية. كما كان الشأن في اتفاقية للامغنية التي رسمت حدود البلدين من السعيدية إلى ثنية الساسي، تاركين وضع هذه الحدود المغربية الجزائرية غامضا.