إجتمع أعضاء المكتب الوطني للنقابة المستقلة لقطاعات الصحة ،العضو في اتحاد النقابات المستقلة بالمغرب يومه السبت 17 شتنبر 2022 لدراسة ومناقشة تداعيات منشور السيد وزير الصحة رقم 1/ 68 المؤرخ في 7 شتنبر 2022 في شأن ضمان استمرارية أعمال التخدير والإنعاش لفائدة المواطنين والمواطنات،والذي يدعو من خلاله وزير الصحة فئة الممرضين المختصين في التخدير والإنعاش إلى إنجاز أعمال التخدير في غياب الأطباء المختصين في هذا المجال. وبعد نقاش مستفيض دار بين الأعضاء الحاضرين خرج المجتمعون بالملاحظات والمواقف التالية:
– تعتبر النقابة المستقلة أن كل ممرضات وممرضي التخدير على دراية شاملة وكاملة ومسؤولة بضرورة ضمان استمرارية إنجاز مهام التخدير والإنعاش الموكولة إليهم بحكم مهامهم ومن قبل رؤسائهم خدمة لمبدأ الحق في الصحة المكفول لكل المواطنين والمواطنات في احترام تام لمقتضيات المادة 20 من الدستور غير أن هذا الإحترام لا ينبغي أن يتم دون اعتبار للمسؤولية المدنية بل أحيانا حتى الجنائية التي قد تقع على عاتق الممرض(ة) في حال حدوث خطأ طبي. مع ضرورة التذكير بأن المادة السادسة من القانون رقم 43.13 تبقى سارية المفعول روحا ومنطوقا بصفتها تتضمن مقتضيات قانونية مصادق عليها في انتظار صدور النصوص التنظيمية المكملة والموضحة له. كما أن الإمتناع عن تقديم العون والمساعدة لشخص مريض في حالة خطر ليس ولن يكون أبدا من ضمن الأخلاقيات المهنية للممرض(ة) ما دامت تدخلاته وأدواره مؤطرة ومحاطة بكل الضمانات التقنية والمعرفية والقانونية ،أي أنها تتم ضمن فريق عمل طبي وتمريضي وتقني متكامل ومؤهل ،فلا يمكن للممرض (ة)،كما يقول المثل أن يكون بمفرده فارسا في الميدان.
كما تجدر الإشارة إلا أن المنظمة العالمية للصحة والإتحاد العالمي لجمعيات أطباء التخدير يعتبرون أعمال التخدير والإنعاش على أنها ممارسة طبية وعلمية صرفة ومن الواجب أن يشرف عليها طبيب مختص في التخدير والإنعاش وتبريرهم لذلك يكمن في أن الأدوار الطبية لهذا الإختصاص لا تقتصر فقط على تنويم المرضى عند إجراء العمليات وإيقاظهم من بعدها، كما يغلب الظن لدى العموم،وإنما يتعلق الأمر بإجراء تشخيص أولي لحالة المريض قبل العملية وبالتعرف على كل سوابقه الصحية وبمواكبته أثناءها وبالتدخل الإستعجالي من أجل حل الإشكالات والتعقيدات التي قد تطرأ خلالاها وتحديدا على مستوى وظائفه الحيوية.
– وإذ تعبر النقابة المستقلة عن كامل وعيها بالخصاص الكبير الذي تعرفه المنظومة الصحية في هذا التخصص الطبي الدقيق وأيضا في التجهيزات الضرورية والملائمة له من قاعات جراحية ومعدات بيوطبية فإنها ترى أنه من واجبها المساهمة في إيجاد حلول مناسبة ومخرج لهذا المشكل تفاديا لكل تبعات سلبية محتملة على أي طرف من الأطراف المهنية المعنية.
ولذلك تقترح النقابة المستقلة من أجل الخروج من هذه الوضعية انطلاق العمل بشكل استباقي بأحد محاور الإصلاح المرتقب عبر تنزيل مرتكزات القانون الإطار رقم 06.22 الذي المتعلق بالمنظومة الصحية الوطنية،وتحديدا ما يرتبط بإرساء حكامة جديدة للمنظومة الصحية والتي منها إحداث المجموعات الصحية الترابية والتي سوف تتولى إعداد وتنفيذ البرنامج الطبي الجهوي بما في ذلك العمل على تقوية الشراكة بين القطاعين العام والخاص في إطار خريطة صحية جهوية موحدة هدفها إرساء عرض صحي جهوي مندمج ومتكامل ومتوازن – ومن هذا المنطلق ترى النقابة المستقلة أن التنزيل الإستباقي لجزء من محاور الإصلاح يمكنه أن يساهم في تغطية الخصاص المسجل في هذا الجانب من الخدمات الطبية الإستشفائية،إذ من الممكن إحداث مجموعات طبية جهوية متخصصة في مجال التخدير والإنعاش تعمل بشكل منسق ومتكامل على تلبية الحاجيات الإستشفائية في هذا المجال إلى جانب الفرق التمريضية المتوفرة محليا على صعيد كل مستشفيات الجهة.
لذلك تقترح النقابة المستقلة أن تكون البرامج الجراحية متناسقة ومتكاملة جهويا بصورة تجعل من تدخلات الأطباء المختصين في الإنعاش ممكنة على صعيد كل مستشفيات الجهة من خلال ضمان التواجد والتأطير والتغطية السليمة تفاديا لوقوع أي طارئ سلبي محتمل.فإذا كان العمل الأساسي والأولي هو ما يقوم به الممرض في التخدير والإنعاش دون شك، فإن تواجد الطبيب يضفى على العملية الطبية برمتها صبغة الشرعية العلمية وغطاء المسؤولية الذي يتضمن كل الضمانات المهنية.
وبالطبع ترى النقابة المستقلة أنه من الضروري من أجل إنجاح هذه المبادرة أن تعمل الإدارة الجهوية للصحة على توفير وسائل النقل الضرورية وتغطية مصارف تنقل الأطباء المختصين في الإنعاش والتخدير لتسهيل وتيسير عملهم بمختلف المؤسسات الإستشفائية المتواجدة بتراب الجهة .ويأتي هذا الإقتراح من النقابة المستقلة كحل وسط يرضي من جهة الفدرالية الوطنية للأطباء المختصين في الإنعاش والتخدير ومن جهة ثانية فئة الممرضين المعنيين بنفس هذا التخصص.
– وهكذا تبقى استمرارية أعمال التخدير والإنعاش مضمونة بفضل تدخلات وأدوار الطاقم التمريضي لكن تحت مسؤولية الأطباء المختصين في المجال وتحت إشرافهم المباشر وتبقى الوزارة في غنى عن كل الحالات الشائكة التي قد تؤدي إلى إشكالات ومضاعفات طبية تنتج عنها مساءلات قانونية ضد فئة مهنية معينة لمجرد غياب فئة مهنية أخرى، مع أن هاتين الفئتين ينتميان إلى نفس المنظومة الصحية الوطنية.